أفضل المواقع الشيعية

دعاء في الصلاة على حملة العرش

 
السجادية

الدعاء مطابق للمصدر

الصحيفة
 

وكان من دعائه (عليه السلام) في الصلاة على حملة العرش وكل ملك مقرّب:

أَللّهُمَّ وَحَمَلَةُ عَرْشِكَ الَّذِينَ لاَ يَفْتُرُوْنَ مِنْ تَسْبِيحِكَ، وَلاَ يَسْأَمُونَ مِنْ تَقْدِيسِكَ، وَلاَ يَسْتَحْسِرُوْنَ مِنْ عِبَادَتِكَ، وَلاَ يُؤْثِرُوْنَ ٱلتَّقْصِيرَ عَلَىٰ الْجِدِّ فِي أَمْرِكَ، وَلاَ يَغْفُلُوْنَ عَنِ الْوَلَهِ إِلَيْكَ،

ـــــــــــ

الشرح: (أَللّهُمَّ وَحَمَلَةُ عَرْشِكَ) جمع حامل، وهم ملائكة خلقهم سبحانه يحملون عرشه، والعرش جسم كبير، جعله سبحانه محلاً خاصاً به في السماء، كما جعل البيت الحرام خاصاً به في الأرض. وليس سبحانه في العرش، فإنه ليس بجسم، ومن زعم أنه جسم فقد كفر، وحملة: مبتدأ خبره ما يأتي من قوله: [فصلّ عليهم] وقد ثبت في البلاغة أن الفاء قد يدخل على الخبر (الَّذِينَ لاَ يَفْتُرُوْنَ) أي لا يضعفون (مِنْ تَسْبِيحِكَ) فإنهم دائمو التسبيح والتقديس (وَلاَ يَسْأَمُونَ) أي لا يملّون (مِنْ تَقْدِيسِكَ) أي تنزيهك عن النقائص (وَلاَ يَسْتَحْسِرُوْنَ) أي لا يتعبون (مِنْ عِبَادَتِكَ) فإنهم دائمو العبادة والطاعة (وَلاَ يُؤْثِرُوْنَ ٱلتَّقْصِيرَ) أي لا يقدمون التقصير (عَلَىٰ الْجِدِّ) والاجتهاد (فِي أَمْرِكَ) بل إنهم ينفذون أمرك بكل جد وقوله: (وَلاَ يَغْفُلُوْنَ عَنِ الْوَلَهِ) أي التحير (إِلَيْكَ) بل إنهم دائمو التحير عن عظمته سبحانه، لأن ذهنهم دائماً مصروف في الله سبحانه.

ـــــــــــ

وَإِسْرَافِيلُ صَاحِبُ ٱلصُّورِ، ٱلشَّاخِصُ الَّذِي يَنْتَظِرُ مِنْكَ الإِذْنَ، وَحُلُوْلَ الأَمْرِ، فَيُنَبِّهُ بِالنَّفْخَةِ صَرْعَىٰ رَهَائِنَ الْقُبُوْرِ، وَمِيكَائِيلُ ذُو الْجَاهِ عِنْدَكَ وَالْمَكَانِ ٱلرَّفِيعِ مِنْ طَاعَتِكَ، وَجِبْرِيلُ الأَمِينُ عَلَىٰ وَحْيِكَ، الْمُطَاعُ فِي أَهْلِ سَمٰوَاتِكَ، الْمَكِينُ لَدَيْكَ، الْمُقَرَّبُ عِنْدَكَ، وَٱلرُّوْحُ الَّذِي هُوَ عَلَىٰ مَلاَئِكَةِ الْحُجُبِ، وَٱلرُّوحُ الَّذِي هُوَ مِنْ أَمْرِكَ،

ـــــــــــ

(وَإِسْرَافِيلُ) عطف على جملة (صَاحِبُ ٱلصُّورِ) الصور: البوق، فإن الله سبحانه جعل بوقاً كبيراً وأعطاه بيد إسرافيل، فإذا أراد إفناء العالم نفخ إسرافيل في ذلك البوق فيفنى البشر كلهم، وإذا أراد إحياءهم للحساب نفخ إسرافيل في ذلك البوق فيحيون للحشر والحساب، وهذا كما للقوافل بوق إذا أراد رئيس القافلة نزولهم نفخ في البوق لإعلامهم بوقت النزول، وإذا أراد السير بهم نفخ فيه إعلاناً لهم بالسير والحركة (ٱلشَّاخِصُ) فإنه شاخص ببصره نحو السماء ينتظر الأمر في النفخ (الَّذِي يَنْتَظِرُ مِنْكَ الإِذْنَ) حتى ينفخ في الصور (وَحُلُوْلَ الأَمْرِ) أي أن يأتي وقت الأمر بالإعدام أو الإحياء (فَيُنَبِّهُ) إسرافيل (بِالنَّفْخَةِ) الثانية (صَرْعَىٰ رَهَآئِنَ القُبُوْرِ) صرعى: جمع صريع بمعنى الميت الواقع على الأرض، ورهائن: جمع رهينة، فإن الأموات ملازمون للقبور كالرهن الذي يلازم المرتهن في مقابل المال الذي أخذه الراهن (وَمِيكَائِيلُ ذُو الْجَاهِ عِنْدَكَ) قالوا: وبيده كيل الأرزاق (وَالْمَكَانِ ٱلرَّفِيعِ مِنْ طَاعَتِكَ) لأنه من أكثر الملائكة طاعة وعبادة له سبحانه (وَجِبْرِيلُ الأَمِينُ عَلَىٰ وَحْيِكَ) ينزل الوحي على الأنبياء بلا زيادة أو نقيصة (الْمُطَاعُ فِي أَهْلِ سَمٰاوَاتِكَ) فإن أهل السماوات يطيعون جبرائيل كما يطيع الناس الملوك (الْمَكِينُ لَدَيْكَ) أي صاحب المكانة والمنزلة عنده سبحانه. كما قال سبحانه: ﴿ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين [1] (الْمُقَرَّبُ عِنْدَكَ) والمراد بالقرب بالنسبة إليه سبحانه قرب الشرف لاقرب المكان كما لا يخفى (وَٱلرُّوْحُ الَّذِي هُوَ عَلَىٰ مَلاَئِكَةِ الْحُجُبِ) فكما أن للملوك حجب كذلك جعل سبحانه في الجهات العليا حجباً. وجعل عليها ملائكة. والروح ملك آمر على أولئك الملائكة ورئيس عليهم (وَٱلرُّوحُ الَّذِي هُوَ مِنْ أَمْرِكَ) وهو ملك عظيم كما قال سبحانه: ﴿تنزل الملائكة والروح [2] أو المراد الروح المذكور في قوله سبحانه: ﴿يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربّي [3].

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِمْ وَعَلَىٰ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مِنْ دُوْنِهِمْ مِنْ سُكَّانِ سَمٰوَاتِكَ، وَأَهْلِ الأَمَانَةِ عَلَىٰ رِسَالاَتِكَ، وَالَّذِينَ لاَ تَدْخُلُهُمْ سَامَةٌ مِنْ دُؤُوبٍ، وَلاَ إِعْيَاءٌ مِنْ لُغُوبٍ وَلاَ فُتُورٌ، وَلاَ تَشْغَلُهُمْ عَنْ تَسْبِيحِكَ ٱلشَّهَواتُ، وَلاَ يَقْطَعُهُمْ عَنْ تَعْظِيمِكَ سَهْوُ الْغَفَلاَتِ، الْخُشَّعُ الأَبْصَارِ فَلاَ يَرُوْمُوْنَ ٱلنَّظَرَ إِلَيْكَ، ٱلنَّواكِسُ الأَذْقَانِ، الَّذِينَ قَدْ طَالَتْ رَغْبَتُهُمْ فِي مَا لَدَيْكَ،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيْهِمْ) خبر قوله: [حملة عرشك] وما بعده، أي أعطف باللطف والفضل على هؤلاء الملائكة (وَ) صل (عَلَىٰ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مِنْ دُوْنِهِمْ) أي دون أولئك الملائكة الذين سبق ذكرهم في المرتبة والمنزلة (مِنْ سُكَّانِ سَمٰوَاتِكَ) جمع ساكن وهم الذين جعلهم الله تعالى في طبقات الجو (وأهل الأمانة من رسالاتك) أي الملائكة الذين هم أمناء لتبليغ رسالات الله سبحانه (وَالَّذِينَ لاَ تَدْخُلُهُمْ سَآمَةٌ) وملل (مِنْ دُؤُوبٍ) أي الاستمرار في العمل والطاعة (وَلاَ إِعْيَاءٌ) وعجز (مِنْ لُغُوبٍ) أي من تعب، فإن الإنسان إذا تعب عجز، وليس الملائكة هكذا لأنهم لا يتعبون فيعجزون (وَلاَ فُتُورٌ) وضعف بسبب كثرة الطاعة (وَلاَ تَشْغَلُهُمْ عَنْ تَسْبِيحِكَ ٱلشَّهَوٰاتُ) بأن يشتغلوا بشهواتهم فلا يسبحوا، كما في الإنسان (وَلاَ يَقْطَعُهُمْ عَنْ تَعْظِيمِكَ) بالطاعة والعبادة (سَهْوُ الْغَفَلاَتِ) بأن يغفلوا عن الله سبحانه فلا يعظموه (الْخُشَّعُ الأَبْصَارِ) جمع خاشع، بمعنى الخاضع من جهة العظمة والكبرياء (فَلاَ يَرُوْمُوْنَ) أي لا يقصدون (ٱلنَّظَرَ إِلَيْكَ) أي إلى ما قرره سبحانه من الأماكن الخاصة به تشريفاً، كما خصص بنفسه الكعبة في الدنيا تشريفاً لها (ٱلنَّوٰاكِسُ الأَذْقَانِ) نواكس: جمع ناكس، بمعنى المطأطئ رأسه، والأذقان: جمع ذقن، وهو العظم الثابت عليه أسنان الفك الأسفل، وإسناد النكس إليه دلالة على كثرة النكس (الَّذِينَ قَدْ طَالَتْ رَغْبَتُهُمْ فِي مَا لَدَيْكَ) أي في رضوانه سبحانه.

ـــــــــــ

الْمُسْتَهْتِرُوْنَ بِذِكْرِ آلاَئِكَ، وَالْمُتَوَاضِعُونَ دُوْنَ عَظَمَتِكَ وَجَلاَلِ كِبْرِيَائِكَ، وَالَّذِينَ يَقُوْلُوْنَ إِذَا نَظَرُوْا إِلَىٰ جَهَنَّمَ تَزْفِرُ عَلَىٰ أَهْلِ مَعْصِيَتِكَ سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، فَصَلِّ عَلَيْهِمْ وَعَلَىٰ الرَّوْحَانِيِّينَ مِنْ مَلاَئِكَتِكَ، وَأَهْلِ الزُّلْفَةِ عِنْدَكَ، وَحُمَّالِ الْغَيْبِ إِلَىٰ رُسُلِكَ، وَالْمُؤْتَمَنِينَ عَلَىٰ وَحْيِكَ، وَقَبَائِل الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ ٱخْتَصَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ، وَأَغْنَيْتَهُمْ عَنِ الطَّعَامِ وَٱلشَّرَابِ بِتَقْدِيسِكَ،

ـــــــــــ

(الْمُسْتَهْتِرُوْنَ) أي المولعون (بِذِكْرِ آلاَئِكَ) جمع آلى: بمعنى النعمة (وَالْمُتَوَاضِعُونَ دُوْنَ عَظَمَتِكَ) أي لأجلها (وَ) دون (جَلاَلِ كِبْرِيَائِكَ) الجلال: بمعنى الارتفاع (وَالَّذِينَ يَقُوْلُوْنَ إِذَا نَظَرُوْا إِلَىٰ جَهَنَّمَ تَزْفِرُ) أي تصوت، والزفير: أول صوت الحمار وما أشبه (عَلَىٰ أَهْلِ مَعْصِيَتِكَ سُبْحَانَكَ) مفعول لفعل محذوف، أي نسبحك سبحانك، والتسبيح: بمعنى التنزيه عن النقائص (مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ) فإن الشخص إذا رأى بعض آثار المعبود تذكّر عدم لياقة عبادته له، وكأنه لذا يتذكر الملائكة عدم لياقة عبادتهم حين يرون جهنم (فَصَلِّ عَلَيْهِمْ وَعَلَىٰ الرَّوْحَانِيِّينَ) منسوب إلى الروح، وكأن نسبتهم إلى الروح لقوة جهات الروح فيهم (مِنْ مَلاَئِكَتِكَ، وَأَهْلِ الزُّلْفَةِ) أي القرب (عِنْدَكَ) والمراد بالقرب المعنوي كما لا يخفى (وَحُمَّالِ الْغَيْبِ إِلَىٰ رُسُلِكَ) حمّال: جمع حامل، (والغيب) هو النائب عن الحواس من الشرائع أو الإخبارات المستقبلة (وَالْمُؤْتَمَنِينَ عَلَىٰ وَحْيِكَ) الذي لا يزيدون ولا ينقصون فيما يحملون من الوحي (وَقَبَائِل) جمع قبيلة وهي الجماعة  (الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ ٱخْتَصَصْتَهُمْ لِنَفْسِكَ) فلا شغل لهم إلاّ العبادة والإطاعة (وَأَغْنَيْتَهُمْ عَنِ الطَّعَامِ وَٱلشَّرَابِ بِتَقْدِيسِكَ) فإن التسبيح عندهم بمنزلة المأكل والمشرب.

ـــــــــــ

وَأَسْكَنْتَهُمْ بُطُوْنَ أَطْبَاقِ سَمٰوَاتِكَ، وَالَّذِينَ عَلَىٰ أَرْجَائِهَا إِذَا نَزَلَ الأَمْرُ بِتَمَامِ وَعْدِكَ، وَخُزَّانِ الْمَطَرِ وَزَواجِرِ ٱلسَّحَابِ، وَالَّذِي بِصَوْتِ زَجْرِهِ يُسْمَعُ زَجَلُ الرُّعُودِ، وَإذَا سَبَحَتْ بِهِ حَفيفَةُ ٱلسَّحَابِ ٱلْتَمَعَتْ صَوَاعِقُ الْبُرُوْقِ، وَمُشَيِّعِي ٱلثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَالْهَابِطِينَ مَعَ قَطْرِ الْمَطَرِ إِذَا نَزَلَ،

ـــــــــــ

(وَأَسْكَنْتَهُمْ بُطُوْنَ أَطْبَاقِ سَمَٰوَاتِكَ) أطباق السماوات: طبقاتها، ولعلّ الطبقات باعتبار مختلف المدارات (وَالَّذِينَ عَلَىٰ أَرْجَائِهَا) أي أطراف السماوات، جمع رجا: بمعنى الطرف (إِذَا نَزَلَ الأَمْرُ) أي أمر القيامة (بِتَمَامِ وَعْدِكَ) الذي وعدت بقيام المحشر وحساب الخلائق كما قال سبحانه (والملك على ارجائها) (وَخُزَّانِ الْمَطَرِ) جمع خازن: وهو الحافظ له (وَزَوٰاجِرِ ٱلسَّحَابِ) جمع زاجر: وهم الملائكة الذين يسوقون السحاب ويزجرونه (وَالَّذِي بِصَوْتِ زَجْرِهِ يُسْمَعُ زَجَلُ الرُّعُودِ) زجل الرعد: صوته، والصوت الذي يسمعه الإنسان من الرعد إنما هو صوت الملائكة الزاجرين للسحاب، كما ورد في الأخبار. وهذا غير مناف لكون الأمر طبيعياً، إذ جعل سبحانه ذلك في طبيعة الرعد (وَإذَا سَبَحَتْ) من السباحة بمعنى الجري (بِهِ) أي بسبب ذلك الزجر من الملائكة (حَفيفَةُ السَّحَابِ) أي السحاب ذي الحف بمعنى الركض، وحاصل المعنى إذا جرى في الفضاء السحاب الراكض (ٱلْتَمَعَتْ) أي شعّت (صَوَاعِقُ الْبُرُوْقِ) فإن البرق إنما يظهر من الاصطكاك الحاصل عن الحركة، والصاعقة إنما شق له من ذلك (وَ) الملائكة (مُشَيِّعِي ٱلثَّلْجِ وَالْبَرَدِ) أي الذين يأتون بعقب الثلوج النازلة من السماء والبرد النازل منها، والبرد: القوي من الثلج، والثلج هو النازل كالقطن المندوف (وَالْهَابِطِينَ مَعَ قَطْرِ الْمَطَرِ إِذَا نَزَلَ) قال الصادق (عليه السلام) : (ما من قطرة تنزل من السماء إلا ومعها ملك يضعها الموضع الذي قدر له).

ـــــــــــ

وَالْْقُوَّامِ عَلَىٰ خَزَائِنِ ٱلرِّيَاحِ، وَالْمُوَكَّلِينَ بِالْجِبَالِ فَلاَ تَزُوْلُ، وَالَّذِينَ عَرَّفْتَهُمْ مَثَاقِيلَ الْمِيَاهِ، وَكَيْلَ مَا تَحْويِهِ لَوَاعِجُ الأَمْطَارِ وَعَوَالِجُهَا، وَرُسُلِكَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ إِلَىٰ أَهْلِ الأَرْضِ بِمَكْرُوهِ مَا يَنْزِلُ مِنَ الْبَلاَءِ وَمَحْبُوبِ ٱلرَّخَاءِ، وَٱلسَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالْحَفَظَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ، وَمَلَكِ الْمَوْتِ وَأَعْوَانِهِ، وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، وَرُومَانَ فَتَّانِ الْقُبُورِ، وَٱلطَّائِفِينَ بِالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ،

ـــــــــــ

(وَالْْقُوَّامِ) جمع قائم بمعنى الموكل (عَلَىٰ خَزَائِنِ ٱلرِّيَاحِ) فإن للرياح خزائن وملائكة موكلون بها إذا أراد الله سبحانه نشر الريح فتح الملك من الخزينة بمقدار ما أراد سبحانه (وَالْمُوَكَّلِينَ بِالْجِبَالِ فَلاَ تَزُوْلُ) عن مواضعها بسبب حفظهم لها (وَ) الملائكة (الَّذِينَ عَرَّفْتَهُمْ مَثَاقِيلَ الْمِيَاهِ) فيعرفون كم مثقال كل ماء في الأرض، أو كل ماء ينزل من السماء (وَ) عرفتهم (كَيْلَ مَا تَحْويِهِ لَوَاعِجُ الأَمْطَارِ) (لواعج) جمع لاعج: بمعنى الشديد، أي الأمطار الشديدة (وَعَوَالِجُهَا) جمع (عالج) بمعنى المتراكم (وَرُسُلِكَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ إِلَىٰ أَهْلِ الأَرْضِ) الذين يرسلهم سبحانه لحفظ أهل الأرض أو عذابهم أو ما أشبه، أو المراد الملائكة الذين يأتون إلى الأنبياء، لكن الظاهر الأول بقرينة قوله (عليه السلام) : (بِمَكْرُوهِ مَا يَنْزِلُ مِنَ الْبَلآءِ) أي البلاء المكروه الذي ينزل (وَمَحْبُوبِ ٱلرَّخَاءِ) أي السعة التي هي محبوبة للناس، فإن الملائكة تأتي بذلك كله (وَٱلسَّفَرَةِ) جمع سفير، وهم الملائكة الذين يأتون بالسفارة والرسالة (الْكِرَامِ) جمع كريم (البَرَرَةِ) جمع بار: بمعنى المحسن (وَالْحَفَظَةِ) جمع حافظ: وهم الذين يحفظون أعمال العباد ويكتبونها (الكِرَامِ الكَاتِبِينَ) الذين يكتبون الأعمال خيرها وشرها (وَمَلَكِ الْمَوْتِ) الذي يقبض الأرواح (وَأَعْوَانِهِ) كما قال سبحانه: ﴿توفته رسلنا [4] (وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ) وهما ملكان يأتيان إلى الميت يسألانه عن عقائده وأعماله (وَرُومَانَ فَتَّانِ الْقُبُورِ) وهو ملك يأتي إلى القبر قبل منكر ونكير ويأمر الميت بكتابة أعماله ثم يأتي من بعده النكيران كما ورد، وفتان مشتق من الفتنة بمعنى الامتحان، لأنه امتحان لصاحب القبور، فالإضافة إلى القبر مجاز مثل ﴿واسأل القرية [5] (وَٱلطَّائِفِينَ بِالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) وهو بيت في السماء الرابعة بحيال الكعبة مطاف للملائكة، وسمي (معموراً) لأنه معمور بهم، وفي حديث: يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه يوم القيامة [6].

ـــــــــــ

وَمَالِكٍ، وَالْخَزَنَةِ، وَرِضْوَانَ، وَسَدَنَةِ الْجِنَانِ، وَالَّذِينَ لاَ يَعْصُونَ ٱللهَ مَا أَمَرَهُمْ، وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ، وَالَّذِينَ يَقُولُونَ: سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ، وَٱلزَّبَانِيَةِ الَّذِينَ إِذَا قِيلَ لَهُمْ: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ٱبْتَدَرُوهُ سِرَاعاً، وَلَمْ يُنْظِرُوْهُ،

ـــــــــــ

(وَمَالِكٍ) هو الآمر الرئيس على جهنم (وَالْخَزَنَةِ) جمع خازن: بمعنى الحافظ، وهم أعوان مالك النار من الملائكة (وَرِضْوَانَ) هو رئيس الملائكة الحافظين للجنة (وَسَدَنَةِ الْجِنَانِ) جمع سادن: وهو من بيده المفتاح، والمراد الملائكة الحافظون للجنة (وَالَّذِينَ لاَ يَعْصُونَ ٱللهَ مَا أَمَرَهُمْ، وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [7] من سائر الملائكة (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ) لأهل الجنة إذا دخلوها: (سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ) أي أن سلامنا لكم لصبركم في الدنيا على الطاعة وفي المصيبة وعن المعصية، (فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ) [8] أي نعم هذه الدار التي هي الجنة من حيث كونها لكم عقب أعمالكم وجزاء لما عملتم في الدنيا (وَٱلزَّبَانِيَةِ) قيل انه جمع زبينة: وهم أعوان السلطان، سمّوا بذلك لأنهم يدفعون الناس، من زبن: بمعنى دفع، وزبانية جهنم هم الذين يدفعون المجرمين إلى النار (الَّذِينَ إِذَا قِيلَ لَهُمْ: خُذُوهُ) أي المجرم (فَغُلُّوهُ) أي اجعلوه في الغل والحديد (ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) [9] أي أدخلوه فيها (ٱبْتَدَرُوهُ) أي بدروا إلى أخذه (سِرَاعاً) في حال كونهم مسرعين في تنفيذ الأمر، [وسراع] مصدر (وَلَمْ يُنْظِرُوْهُ) أي لم يمهلوه.

ـــــــــــ

وَمَنْ أَوْهَمْنَا ذِكْرَهُ، وَلَمْ نَعْلَمْ مَكَانَهُ مِنْكَ، وَبِأَيِّ أَمْرٍ وَكَّلْتَهُ، وَسُكَّانِ الْهَوَاءِ وَالأَرْضِ وَالْمَاءِ وَمَنْ مِنْهُمْ عَلَىٰ الْخَلْقِ، فَصَلِّ عَلَيْهِمْ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ، وَصَلِّ عَلَيْهِمْ صَلاَةً تَزِيدُهُمْ كَرَامَةً عَلَىٰ كَرَامَتِهِمْ وَطَهَارَةً عَلَىٰ طَهَارَتِهمْ، أَللّهُمَّ وَإِذَا صَلَّيْتَ عَلَىٰ مَلاَئِكَتِكَ وَرُسُلِكَ وَبَلَّغْتَهُمْ صَلاَتَنَا عَلَيْهِمْ، فَصَلِّ عَلَيْهِمْ بِمَا فَتَحْتَ لَنَا مِنْ حُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِمْ إِنَّكَ جَوَادٌ كَرِيمٌ.

ـــــــــــ

 (وَ) سائر الملائكة من (مَنْ أَوْهَمْنَا) أي تركنا (ذِكْرَهُ) والإشارة إليه (وَلَمْ نَعْلَمْ مَكَانَهُ) أي منزلته (مِنْكَ) يا رب (وَبِأَيِّ أَمْرٍ وَكَّلْتَهُ) أي لا نعلم ذلك (وَسُكَّانِ الْهَوَاءِ وَالأَرْضِ وَالْمَاءِ) فإن لكل واحد منها سكاناً من الملائكة (وَمَنْ) وكّل (مِنْهُمْ عَلَىٰ الْخَلْقِ) لإدارة شؤونهم وحفظ أجسادهم وأعمالهم وأرزاقهم وما أشبه (فَصَلِّ عَلَيْهِمْ) يا رب (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ) يسوقها إلى المحشر (وَشَهِيدٌ) يشهد عليها بما عملت في دار الدنيا، وذلك اليوم هو يوم القيامة (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) يا رب (صَلاَةً) وصلاة الله: لطفه ورحمته (تَزِيدُهُمْ كَرَامَةً عَلَىٰ كَرَامَتِهِمْ) التي هم فيها (وَطَهَارَةً) أي نزاهة عن النقائص (عَلَىٰ طَهَارَتِهمْ) التي جعلتها لهم (أَللّهُمَّ وَإِذَا صَلَّيْتَ عَلَىٰ مَلاَئِكَتِكَ وَرُسُلِكَ) جمع (رسول) وهم الأنبياء (عليهم السلام) (وَبَلَّغْتَهُمْ صَلاَتَنَا عَلَيْهِمْ) بأن أعلمتهم أنّا صلّينا عليهم، لتقوى الصلة والحب بيننا وبينهم، أو المراد بلاغ ثواب صلاتنا إليهم (فَصَلِّ عَلَيْهِمْ بِمَا فَتَحْتَ لَنَا مِنْ حُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِمْ) فنحن نصلي عليهم صلاتين: الأولى صلاتنا العادية، والثانية صلاتنا شكراً منا لك حيث علّمتنا أن نصلي عليهم. ومن المعلوم أن الإحسان إلى المقربين عنده سبحانه شكر بالنسبة إليه تعالى، كما أن الإحسان إلى أعوان الملك تشكر التزامي للملك وتقدير له (إِنَّكَ جَوَادٌ) في عطائك (كَرِيمٌ) فيما تفعل.

قال المؤلف: وقد وجد في بعض النسخ الصلاة على الآل أيضاً، كما ذكروا.

ـــــــــــ

[1] ـ سورة التكوير، آية: 20 و21.

[2] ـ سورة القدر، آية: 4.

[3] ـ سورة الإسراء، آية: 85.

[4] ـ سورة الأنعام، آية: 61.

[5] ـ سورة يوسف، آية: 82.

[6] ـ بحار الأنوار: ج5، ص330، ح34.

[7] ـ سورة التحريم، آية: 6.

[8] ـ سورة الرعد، آية: 24.

[9] ـ إشارة إلى سورة الحاقة، آية: 30 و31.