أفضل المواقع الشيعية

دعاء في الاشتياق إلى طلب المغفرة من الله جل جلاله

 
السجادية

الدعاء مطابق للمصدر

الصحيفة
 

وكان من دعائه (عليه السلام) في الاشتياق إلى طلب المغفرة من الله جل جلاله:

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَصَيِّرْنَا إِلَىٰ مَحْبُوبِكَ مِنَ التَّوْبَةِ، وَأَزِلْنَا عَنْ مَكْرُوهِكَ مِنَ الإِصْرَارِ، أَللّهُمَّ وَمَتَىٰ وَقَفْنَا بَيْنَ نَقْصَيْنِ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا فَأَوْقِعِ ٱلنَّقْصَ بِأَسْرَعِهِمَا فَنَاءً، وَٱجْعَلِ ٱلتَّوْبَةَ فِي أَطْوَلِهِمَا بَقَاءً،

ـــــــــــ

الشرح: (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَصَيِّرْنَا إِلَىٰ مَحْبُوبِكَ مِنَ التَّوْبَةِ) أي وفقنا لأن نتوب إليك توبة هي محبوبة لديك (وَأَزِلْنَا) أي بعّدنا (عَنْ مَكْرُوهِكَ مِنَ الإِصْرَارِ) على المعصية، فإنه مكروه لديه سبحانه (أَللّهُمَّ وَمَتَىٰ وَقَفْنَا) أي صرنا (بَيْنَ نَقْصَيْنِ فِي دِينٍ أَوْ دُنْيَا) بأن دار الأمر بين أن ينقص ديننا أو تنقص دنيانا (فَأَوْقِعِ ٱلنَّقْصَ بِأَسْرَعِهِمَا فَنَاءً) وهي الدنيا (وَٱجْعَلِ ٱلتَّوْبَةَ فِي أَطْوَلِهِمَا بَقَاءً) المراد بالتوبة الرجوع، فإذا أشرف الإنسان على أحد نقصين كان وقوع النقص بالدنيا تراجعاً عن النقص في الآخرة، والتوبة بمعنى الرجوع مثلاً: إذا دار الأمر بين أن يخسر الإنسان منصبه أو يسعى بمؤمن إلى الظالم كان الأول أولى لأن فيه تحفظاً على آخرته.

ـــــــــــ

وَإِذَا هَمَمْنَا بِهَمَّيْنِ يُرْضِيكَ أَحَدُهُمَا عَنَّا، وَيُسْخِطُكَ ٱلآخَرُ عَلَيْنَا، فَمِلْ بِنَا إِلَىٰ مَا يُرْضِيكَ عَنَّا، وَأَوْهِنْ قُوَّتَنَا عَمَّا يُسْخِطُكَ عَلَيْنَا، وَلاَ تُخَلِّ فِي ذَلِكَ بَيْنَ نُفُوسِنَا وَٱخْتِيَارِهَا، فَإِنَّهَا مُخْتَارَةٌ لِلْبَاطِل إِلاَّ مَا وَفَّقْتَ، أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمْتَ،

ـــــــــــ

(وَإِذَا هَمَمْنَا بِهَمَّيْنِ) أي بأحد همين، بأن أردنا أن نعمل أحد عملين (يُرْضِيكَ أَحَدُهُمَا عَنَّا، وَيُسْخِطُكَ ٱلآخَرُ عَلَيْنَا) كما إذا هَمَّ الإنسان بأن يكسب كسباً حلالاً أو كسباً حراماً (فَمِلْ بِنَا إِلَىٰ مَا يُرْضِيكَ عَنَّا) بأن وفقنا لأن نعمل العمل الذي فيه رضاك (وَأَوْهِنْ قُوَّتَنَا) أي ضعفها (عَمَّا يُسْخِطُكَ) ويسبب غضبك (عَلَيْنَا) حتى لا نعمل به (وَلاَ تُخَلِّ فِي ذَلِكَ) العمل الذي نريده من أحد عملين (بَيْنَ نُفُوسِنَا وَٱخْتِيَارِهَا) حتى تختار الذي فيه السخط (فَإِنَّهَا) أي النفوس (مُخْتَارَةٌ لِلْبَاطِل) إذ النفس بطبعها تميل إلى الشهوات والإباحات (إِلاَّ مَا وَفَّقْتَ) من النفوس التي لا تختار إلاّ الحق (أَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) أي: كثيرة الأمر به (إِلاَّ مَا رَحِمْتَ) بأن حفظتها عن الأمر بالمحرم والمنكر.

ـــــــــــ

أللّهُمَّ وَإِنَّكَ مِنَ ٱلضُّعْفِ خَلَقْتَنَا، وَعَلَىٰ الوَهْنِ بَنَيْتَنَا، وَمِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ٱبْتَدَأْتَنَا، فَلاَ حَوْلَ لَنَا إِلاَّ بِقُوَّتِكَ، وَلاَ قُوَّةَ لَنَا إِلاَّ بِعَوْنِكَ، فَأَيِّدْنَا بِتَوْفِيقِكَ وَسَدِّدْنَا بِتَسْدِيدِكَ، وَٱعْمِ أَبْصَارَ قُلُوبِنَا عَمَّا خَالَفَ مَحَبَّتَكَ، وَلاَ تَجْعَلْ لِشَيْءٍ مِنْ جَوَارِحِنَا نُفُوذاً فِي مَعْصِيَتِكَ،

ـــــــــــ

(أللّهُمَّ وَإِنَّكَ مِنَ ٱلضُّعْفِ خَلَقْتَنَا) كما قال سبحانه: ﴿خلق الإنسان ضعيفاً﴾ [1] ومعنى من (الضعف) أي من جنس ضعيف، كأنه قطعة من الضعف كقوله تعالى: ﴿خلق الإنسان من عجل﴾ [2] (وَعَلَىٰ الوَهْنِ) أي الضعف (بَنَيْتَنَا) فإن الإنسان شديد التأثر بالمؤثرات (وَمِنْ مَاءٍ مَهِينٍ) أي حقير ذليل، وهو المني ـ لاحتقار الناس له ـ (ٱبْتَدَأْتَنَا) إذ بدء كل إنسان من المني (فَلاَ حَوْلَ) وقوة (لَنَا إِلاَّ بِقُوَّتِكَ) التي أعطيتنا إياها (وَلاَ قُوَّةَ لَنَا إِلاَّ بِعَوْنِكَ) أي بأن تعيننا، ولعل الفرق أن الحول من حال، بمعنى: تحرك، والقوة بمعنى: القدرة (فَأَيِّدْنَا) أي قوِّنا (بِتَوْفِيقِكَ) أصل التوفيق: جعل الأسباب بعضها وفق بعض حتى يتأتى المطلوب (وَسَدِّدْنَا) أي وفقنا للسداد أي للصواب (بِتَسْدِيدِكَ) لنا (وَٱعْمِ أَبْصَارَ قُلُوبِنَا عَمَّا خَالَفَ مَحَبَّتَكَ) حتى لا يرى القلب المعصية فيشتهيها (وَلاَ تَجْعَلْ لِشَيْءٍ مِنْ جَوَارِحِنَا نُفُوذاً فِي مَعْصِيَتِكَ) بأن نتمكن من الإتيان بالمعصية.

ـــــــــــ

أللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱجْعَلْ هَمَسَاتِ قُلُوبِنَا، وَحَرَكَاتِ أَعْضَائِنَا، وَلَمَحَاتِ أَعْيُنِنَا، وَلَهَجَاتِ أَلْسِنَتِنَا فِي مُوجِبَاتِ ثَوَابِكَ حَتَّىٰ لاَ تَفُوتَنَا حَسَنَةٌ نَسْتَحِقُّ بِهَا جَزَاءَكَ، وَلاَ تَبْقَىٰ لَنَا سَيِّئَةٌ نَسْتَوْجِبُ بِهَا عِقَابَكَ.

ـــــــــــ

(أللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱجْعَلْ هَمَسَاتِ قُلُوبِنَا) الهمس: الكلام الخفي، والمراد هنا ما يختلج في قلب الإنسان من الأفكار الخفية (وَحَرَكَاتِ أَعْضَائِنَا) من اليد والرجل وما أشبه (وَلَمَحَاتِ أَعْيُنِنَا) اللمحة النظرة (وَلَهَجَاتِ أَلْسِنَتِنَا) أي لغاتنا أو كلماتنا، من [لهج] إذا تكلم (فِي مُوجِبَاتِ ثَوَابِكَ) حتى لا يصدر عنا شيء إلاّ وهو يوجب الثواب (حَتَّىٰ لاَ تَفُوتَنَا حَسَنَةٌ نَسْتَحِقُّ بِهَا جَزَاءَكَ) بل نأتي بكل حسنة ممكنة بقلوبنا وجوارحنا (وَلاَ تَبْقَىٰ لَنَا سَيِّئَةٌ نَسْتَوْجِبُ بِهَا عِقَابَكَ) عدم البقاء إما بمعنى عدم الإتيان، أو بمعنى أن نأتي بالطاعات التي توجب محو السيئات فلا تبقى سيئة موجبة للعقوبة، والأول أقرب إلى اللفظ والثاني أولى بالنظر إلى الجملة السابقة.

ـــــــــــ

[1] ـ سورة النساء، آية: 28.

[2] ـ سورة الأنبياء، آية: 37.