أفضل المواقع الشيعية

دعاء في اللجأ إلى الله تعالى

 
السجادية

الدعاء مطابق للمصدر

الصحيفة
 

وكان من دعائه (عليه السلام) في اللجأ إلى الله تعالى:

أَللّهُمَّ إِنْ تَشَأْ تَعْفُ عَنَّا فَبِفَضْلِكَ، وَإِنْ تَشَأْ تُعَذِّبْنَا فَبِعَدْلِكَ، فَسَهِّلْ لَنَا عَفْوَكَ بِمَنِّكَ، وَأَجِرْنا مِنْ عَذَابِكَ بِتَجَاوُزِكَ، فَإِنَّهُ لاَ طَاقَةَ لَنَا بِعَدْلِكَ، وَلاَ نَجَاةَ لأَحَدٍ مِنَا دُونَ عَفْوِكَ، يَا غَنِيَّ ٱلأَغْنِيَاءِ، هَا نَحْنُ عِبَادُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ،

ـــــــــــ

الشرح: (أَللّهُمَّ إِنْ تَشَأْ) أن تعفو عن جرائمنا (تَعْفُ عَنَّا فَبِفَضْلِكَ) وإحسانك يكون ذلك العفو (وَإِنْ تَشَأْ) أن تعذبنا بآثامنا (تُعَذِّبْنَا فَبِعَدْلِكَ) لاستحقاقنا العقاب والعذاب (فَسَهِّلْ لَنَا عَفْوَكَ بِمَنِّكَ) أي: منتك علينا، ومعنى تسهيل العفو: إعطائه (وَأَجِرْنا مِنْ عَذَابِكَ بِتَجَاوُزِكَ) عنا، لا أن تقف لعقوبتنا (فَإِنَّهُ لاَ طَاقَةَ لَنَا بِعَدْلِكَ) الموجب للعقاب (وَلاَ نَجَاةَ لأَحَدٍ مِنَا دُونَ عَفْوِكَ) أي بغير أن تعفو عنا، إذ كل أحد لابد وأنه أجرم ما يستحق العقاب (يَا غَنِيَّ ٱلأَغْنِيَاءِ) أي: أغنى من كل غني، حتى أنك غني بالنسبة إليهم، كما أن الغني غني بالنسبة إلى الفقراء (هَا) اسم فعل أصله للتنبيه (نَحْنُ عِبَادُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ) أي: أمامك، وهذا كناية عن أنهم في حالة استعداد لنفوذ جميع أنواع إرادته تعالى فيهم، كالعبد الذي هو بين يدي سيده .

ـــــــــــ

وَأَنَا أَفْقَرُ الْفُقَرَاءِ إِلَيْكَ فَٱجْبُرْ فَاقَتَنَا بِوُسْعِكَ، وَلاَ تَقْطَعْ رَجَاءَنَا بِمَنْعِكَ، فَتَكُونَ قَدْ أَشْقَيْتَ مَنْ ٱسْتَسْعَدَ بِكَ، وَحَرَمْتَ مَنْ ٱسْتَرْفَدَ فَضْلَكَ، فَإِلَىٰ مَنْ حِينَئِذٍ مُنْقَلَبُنَا عَنْكَ وَإِلَىٰ أَيْنَ مَذْهَبُنَا عَنْ بَابِكَ، سُبْحَانَكَ نَحْنُ الْمُضْطَرُّونَ الَّذِينَ أَوْجَبْتَ إِجَابَتَهُمْ،

ـــــــــــ

(وَأَنَا أَفْقَرُ الْفُقَرَاءِ إِلَيْكَ) أي: أكثرهم احتياجاً (فَٱجْبُرْ فَاقَتَنَا) أي فقرنا (بِوُسْعِكَ) أي: بالسعة التي عندك، والمراد السعة في كل شيء، إذ بيده كل شيء والإنسان محتاج إلى كل شيء (وَلاَ تَقْطَعْ رَجَاءَنَا بِمَنْعِكَ) بأن تمنع عنا رفدك حتى ينقطع الرجاء منا إليك (فَتَكُونَ قَدْ أَشْقَيْتَ) أي: سببت الشقاء لـ(مَنْ ٱسْتَسْعَدَ) أي: سعد (بِكَ) إذ قطع الكرم يوجب شقاء الإنسان ووقوعه في الأتعاب (وَحَرَمْتَ) بالمنع (مَنْ ٱسْتَرْفَدَ) أي: طلب الرفد أو العطاء من (فَضْلَكَ) وإحسانك (فَإِلَىٰ مَنْ حِينَئِذٍ) أي حين حرمتنا (مُنْقَلَبُنَا) أي: انقلابنا ورجوعنا (عَنْكَ) نطلب منه العطاء (وَإِلَىٰ أَيْنَ مَذْهَبُنَا) أي: ذهابنا (عَنْ بَابِكَ) وهل هناك باب إلاّ باب فضلك حتى نذهب إليه؟ (سُبْحَانَكَ) مفعول لفعل محذوف أي: ننزّهك تنزيهاً، فإن التسبيح بمعنى التنزيه عن النقائص (نَحْنُ الْمُضْطَرُّونَ الَّذِينَ أَوْجَبْتَ إِجَابَتَهُمْ) حيث قلت في القرآن الحكيم: ﴿أمّن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء﴾ [1] وقولك: ﴿ادعوني أستجب لكم﴾ [2] فإن الوعد بالإجابة كالإيجاب على النفس.

ـــــــــــ

وَأَهْلُ ٱلسُّوءِ الَّذِينَ وَعَدْتَ الْكَشْفَ عَنْهُمْ، وَأَشْبَهُ ٱلأَشْيَاءِ بِمَشِيئَتِكَ، وَأَوْلَىٰ الأُمُورِ بِكَ فِي عَظَمَتِكَ، رَحْمَةُ مَنِ ٱسْتَرْحَمَكَ، وَغَوْثُ مَنِ ٱسْتَغَاثَ بِكَ، فَٱرْحَمْ تَضَرُّعَنَا إِلَيْكَ، وَأَغْنِنَا إِذْ طَرَحْنَا أَنْفُسَنَا بَيْنَ يَدَيْكَ، أَللّهُمَّ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ قَدْ شَمِتَ بِنَا إِذْ شَايَعْنَاهُ عَلَىٰ مَعْصِيَتِكَ فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلاَ تُشْمِتْهُ بِنَا بَعْدَ تَرْكِنَا إِيَّاهُ لَكَ وَرَغْبَتِنَا عَنْهُ إِلَيْكَ.

ـــــــــــ

(وَأَهْلُ ٱلسُّوءِ الَّذِينَ وَعَدْتَ الْكَشْفَ) أي: كشف السوء (عَنْهُمْ) والسوء كل بلاء وشقاء (وَأَشْبَهُ ٱلأَشْيَاءِ بِمَشِيئَتِكَ، وَأَوْلَىٰ الأُمُورِ بِكَ فِي عَظَمَتِكَ، رَحْمَةُ مَنِ ٱسْتَرْحَمَكَ) وإنما كانت الرحمة أشبه الأمور لوجود أشباهها عنده تعالى حيث قد رحم الناس عامة، وعظمته سبحانه تقتضي ذلك، إذ العظيم من شأنه الرحم لا الانتقام والعقوبة (وَغَوْثُ) أي: نجاة (مَنِ ٱسْتَغَاثَ بِكَ) أي: طلب النجاة منك (فَٱرْحَمْ) يا رب (تَضَرُّعَنَا) أي: تخضّعنا واستكانتنا (إِلَيْكَ، وَأَغْنِنَا إِذْ طَرَحْنَا أَنْفُسَنَا بَيْنَ يَدَيْكَ) وطرح النفس كناية عن إلقائها تستجير، كما يلقى الإنسان نفسه أمام عظيم يطلب الحاجة منه (أَللّهُمَّ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ قَدْ شَمِتَ بِنَا إِذْ شَايَعْنَاهُ عَلَىٰ مَعْصِيَتِكَ) وشماتته عبارة عن فرحه بأنه قد أضلهم، كما قال له سبحانه: ﴿فبعزتك لأغوينهم أجمعين﴾ [3] (فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلاَ تُشْمِتْهُ بِنَا) أي اعصمنا حتى لا نعصي كي لا يشمت الشيطان بنا بعد ذلك (بَعْدَ تَرْكِنَا إِيَّاهُ) أي: للشيطان (لَكَ) أي لأجل أمرك (وَرَغْبَتِنَا) أي: نفرتنا (عَنْهُ إِلَيْكَ) حيث تركناه واتخذنا أمرك.

ـــــــــــ

[1] ـ سورة النمل، آية: 62.

[2] ـ سورة غافر، آية: 60.

[3] ـ سورة ص، آية: 82.