أفضل المواقع الشيعية

دعاء في مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال

 
السجادية

الدعاء مطابق للمصدر

الصحيفة
 

وكان من دعائه (عليه السلام) في مكارم الأخلاق ومرضي الأفعال:

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَبَلِّغْ بِإيمَانِي أَكْمَلَ ٱلإِيمَانِ، وَٱجْعَلْ يَقينِي أَفْضَلَ الْيَقِينِ، وَٱنْتَهِ بِنِيَّتِي إِلَىٰ أَحْسَنِ ٱلنِّيَّاتِ، وَبِعَمَلِي إِلَىٰ أَحْسَنِ ٱلأَعْمَالِ، أَللّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي، وَصَحِّحْ بِمَا عِنْدَكَ يَقِينِي، وَٱسْتَصْلِحْ بِقُدْرَتِكَ مَا فَسَدَ مِنِّي،

ـــــــــــ

الشرح: (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَبَلِّغْ بِإيمَانِي أَكْمَلَ ٱلإِيمَانِ) أي: أوصل إيماني إلى الدرجة الأخيرة من الإيمان (وَٱجْعَلْ يَقينِي) بالأصول (أَفْضَلَ الْيَقِينِ) حتى يكون يقيناً كاملا (وَٱنْتَهِ بِنِيَّتِي إِلَىٰ أَحْسَنِ ٱلنِّيَّاتِ) بأن أنوي وأقصد أحسن الأشياء: كالطاعة والإخلاص وعمل الخير وما أشبه (وَوَ انته (بِعَمَلِي إِلَىٰ أَحْسَنِ ٱلأَعْمَالِ) بأن يكون عملي في غاية الحسن حتى لا يكون فوقه حسن (أَللّهُمَّ وَفِّرْ بِلُطْفِكَ نِيَّتِي) التوفير: التكثير، والمراد تكثير النية الحسنة بأن أُكثر من نية الخير والطاعة، فإن النية الحسنة يجزى عليها (وَصَحِّحْ بِمَا عِنْدَكَ) أي: بالآخرة (يَقِينِي) حتى يكون يقيناً صحيحاً بالجنة والنار وسائر الأمور (وَٱسْتَصْلِحْ) أي: أصلِح (بِقُدْرَتِكَ مَا فَسَدَ مِنِّي) فساداً في العقيدة أو فساداً في العمل أو ما أشبه.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱكْفِنِي مَا يَشْغَلُنِي ٱلإِهْتِمَامُ بِهِ، وَٱسْتَعْمِلْنِي بِمَا تَسْأَلُنِي غَداً عَنْهُ، وَٱسْتَفْرِغْ أَيَّامِي فِيمَا خَلَقْتَنِي لَهُ، وَأَغْنِنِي وَأَوْسِعْ عَلَيَّ فِي رِزْقِكَ، وَلاَ تَفْتِنِّي بِالْبَطَرِ (بِٱلنَّظَرْ)، وَأَعِزَّنِي وَلاَ تَبْتَلِيَنِّي بِالْكِبْرِ، وَعَبِّدْنِي لَكَ وَلاَ تُفْسِدْ عِبَادَتِي بِالْعُجْبِ،

ـــــــــــ

(َللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱكْفِنِي مَا يَشْغَلُنِي ٱلإِهْتِمَامُ بِهِ) كأمور المعاش وما أشبه، وذلك حتى لا أشتغل بهذه الأمور فلا أتمكن من أداء حقك والقيام بأمرك (وَٱسْتَعْمِلْنِي بِمَا تَسْأَلُنِي غَداً عَنْهُ) أي: وفقني لأن أعمل بالطاعة التي تسأل في يوم القيامة عن هل أديتها أم لا؟ (وَٱسْتَفْرِغْ أَيَّامِي) أي: اجعلها فارغة عن الأمور غير النافعة (فِيمَا خَلَقْتَنِي لَهُ) بأن أنصرف إلى العبادة التي أمرت بها قال سبحانه: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون﴾ [1] (وَأَغْنِنِي) حتى لا أحتاج إلى الناس (وَأَوْسِعْ عَلَيَّ فِي رِزْقِكَ) حتى أتمكن من تناول الرزق، إذ قد يكون الإنسان غنياً لكنه ضيق الرزق (وَلاَ تَفْتِنِّي بِالْبَطَرِ (بِٱلنَّظَرْ)) إلى ما في أيدي الناس، فإن الإنسان يفتتن بعدم الرضا بما قسم الله له إذا نظر إلى ما في أيدي الناس، ويحتمل أن يكون المراد أن يكون رزقه سبحانه نظراً واستدراجاً وإن كانت النسخة (بالبطر) كان المعنى الطغيان بالنعمة وصرفها في غير وجهها (وَأَعِزَّنِي) أي: اجعلني عزيزاً (وَلاَ تَبْتَلِيَنِّي بِالْكِبْرِ) أي: بالتكبر فإن مَن صار عزيزاً يتكبر غالباً (وَعَبِّدْنِي لَكَ) أي: وفقني لعبادتك (وَلاَ تُفْسِدْ عِبَادَتِي بِالْعُجْبِ) والعجب: أن يفرح الإنسان بعمله ويظن أنه أتى بما طلب منه، وهذا موجب لفساد العبادة وعدم قبولها لديه سبحانه.

ـــــــــــ

وَأَجْرِ لِلنَّاسِ عَلَىٰ يَدَيَّ الْخَيْرَ وَلاَ تَمْحَقْهُ بِالْمَنِّ، وَهَبْ لِي مَعَالِيَ ٱلأَخْلاَقِ، وَٱعْصِمْنِي مِنَ الْفَخْرِ، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلاَ تَرْفَعْنِي فِي ٱلنَّاسِ دَرَجَةً إِلاَّ حَطَطْتَنِي عِنْدَ نَفْسِي مِثْلَهَا، وَلاَ تُحْدِثْ لِي عِزّاً ظَاهِراً إِلاَّ أَحْدَثْتَ لِي ذِلَّةً بَاطِنَةً عِنْدَ نَفْسِي بِقَدَرِهَا، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمَتِّعْنِي بِهُدًى صَالِحٍ لاَ أَسْتَبْدِلُ بِهِ،

ـــــــــــ

(وَأَجْرِ لِلنَّاسِ عَلَىٰ يَدَيَّ الْخَيْرَ وَلاَ تَمْحَقْهُ) أي: تبطله (بِالْمَنِّ) بأن أمن عليهم فإن المنّة تفسد عمل الخير كما قال سبحانه: ﴿لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى﴾ [2] (وَهَبْ لِي مَعَالِيَ ٱلأَخْلاَقِ) أي: الأخلاق الفاضلة الرفيعة (وَٱعْصِمْنِي مِنَ الْفَخْرِ) حتى لا أفتخر على الناس بأني صاحب أخلاق حسنة (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلاَ تَرْفَعْنِي فِي ٱلنَّاسِ دَرَجَةً) بأن أكون رفيعاً عندهم وفي نظرهم (إِلاَّ حَطَطْتَنِي عِنْدَ نَفْسِي مِثْلَهَا) بأن أزداد تواضعاً بقدر الرفعة، حتى لا أترفّع وأتكبر (وَلاَ تُحْدِثْ لِي عِزّاً ظَاهِراً) عند الناس (إِلاَّ أَحْدَثْتَ لِي ذِلَّةً بَاطِنَةً عِنْدَ نَفْسِي) حتى أرى نفسي ذليلاً أمام عظمتك لا أملك شيئاً (بِقَدَرِهَا) أي: بقدر تلك العزة التي أحدثتها لي عند الناس (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمَتِّعْنِي بِهُدًى صَالِحٍ لاَ أَسْتَبْدِلُ بِهِ) أي: لا أتخذ بدلاً دونه.

ـــــــــــ

وَطَريقَةِ حَقٍّ لاَ أَزِيغُ عَنْهَا، وَنِيَّةِ رُشْدٍ لاَ أَشُكُّ فِيهَا، وَعَمِّرْنِي مَا كَانَ عُمْرِي بِذْلَةً فِي طَاعَتِكَ، فَإِذَا كَانَ عُمْرِي مَرْتَعاً لِلشَّيْطَانِ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَ مَقْتُكَ إِلَيَّ، أَوْ يَسْتَحْكِمَ غَضَبُكَ عَلَيَّ، أَللّهُمَّ لاَ تَدَعْ خَصْلَةً تُعَابُ مِنِّي إِلاَّ أَصْلَحْتَهَا، وَلاَ عَائِبَةً أُؤَنَّبُ بِهَا إِلاَّ حَسَّنْتَهَا، وَلاَ أُكْرُومَةً فِيَّ نَاقِصَةً إِلاَّ أَتْمَمْتَهَا،

ـــــــــــ

(وَطَريقَةِ حَقٍّ لاَ أَزِيغُ) أي: لا أنحرف (عَنْهَا) إلى طرق الباطل (وَنِيَّةِ رُشْدٍ لاَ أَشُكُّ فِيهَا) أي: في تلك النية (وَعَمِّرْنِي مَا كَانَ عُمْرِي) أي: ما دام عمري (بِذْلَةً) أي: مبذولاً (فِي طَاعَتِكَ) وعبادتك (فَإِذَا كَانَ عُمْرِي مَرْتَعاً لِلشَّيْطَانِ) المرتع: محل رعي البهائم، شبّه به العمر الذي ينقضي بالعصيان كأنه مرتع للشيطان يأخذ منه ما يشاء كما تلتهم البهيمة من المرتع ما تشاء من الأعشاب (فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ) بإماتتي (قَبْلَ أَنْ يَسْبِقَ مَقْتُكَ) أي: غضبك (إِلَيَّ) بأن يتقدم المقت على الموت (أَوْ يَسْتَحْكِمَ غَضَبُكَ عَلَيَّ) فلا أكون قابلاً للعفو والمغفرة لاستحكام الغضب (أَللّهُمَّ لاَ تَدَعْ خَصْلَةً تُعَابُ مِنِّي) أي: صفة تكون موجبة لعيبي (إِلاَّ أَصْلَحْتَهَا) بأن وفقتني لإصلاحها (وَلاَ عَائِبَةً) أي: صفة توجب عيبي (أُؤَنَّبُ بِهَا) أي: أوبخ بسبب تلك العائبة (إِلاَّ حَسَّنْتَهَا) بإزالة تلك العائبة (وَلاَ أُكْرُومَةً فِيَّ نَاقِصَةً) الأكرومة من الكرم كأُعجوبة من العجب، والمراد بها: كرائم الأخلاق (إِلاَّ أَتْمَمْتَهَا) بتوفيقي أن أتصف بها.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَبْدِلْنِي مِنْ بِغْضَةِ أَهْلِ ٱلشَّنَانِ الْمَحَبَّةِ، وَمِنْ حَسَدِ أَهْلِ الْبَغْي الْمَوَدَّةَ، وَمِنْ ظِنَّةِ أَهْلِ الصَّلاَحِ ٱلثِّقَةَ، وَمِنْ عَدَاوَةِ ٱلأَدْنَيْنِ الْوَلاَيَةَ، وَمِنْ عُقُوقِ ذَوِي ٱلأَرْحَامِ الْمُبَرَّةَ، وَمِنْ خِذْلاَنِ ٱلأَقْرَبِينَ ٱلنُّصْرَةَ، وَمِنْ حُبِّ الْمُدَارِينَ تَصْحِيحَ الْمِقَةِ وَمِنْ رَدِّ الْمُلاَبِسِينَ كَرَمَ الْعِشْرَةِ، وَمِنْ مَرَارَةِ خَوْفِ ٱلظَّالِمِينَ حَلاَوَةَ ٱلأَمَنَةِ،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَبْدِلْنِي مِنْ بِغْضَةِ أَهْلِ ٱلشَّنَانِ) الشنآن: البغض، أي: الذين يبغضونني ولا يحبونني، أجل يا رب بدل بغضهم (الْمَحَبَّةِ) حتى يحبوني (وَمِنْ حَسَدِ أَهْلِ الْبَغْي) أي: الظلم (الْمَوَدَّةَ) بأن يحبوني عوض حسدهم (وَمِنْ ظِنَّةِ أَهْلِ الصَّلاَحِ) أي: سوء ظنهم بي فإن أهل الصلاح يسيئون الظن بالإنسان (ٱلثِّقَةَ) بأن أكون موثوقاً لديهم يحسنون بي الظن (وَمِنْ عَدَاوَةِ ٱلأَدْنَيْنِ) جمع أدنى وهم السفلة من الدون (الْوَلاَيَةَ) أي: يتولونني ويحبونني (وَمِنْ عُقُوقِ ذَوِي ٱلأَرْحَامِ) وعقوقهم قطعهم معي وكرههم لي (الْمُبَرَّةَ) أي: البر، بأن يبروني ولا يقاطعونني (وَمِنْ خِذْلاَنِ ٱلأَقْرَبِينَ) جمع أقرب، والظاهر أن المراد به: كل من قرب إلى الإنسان بالصداقة سواء كان رحماً أم لا، وخذلانهم تركهم للإنسان وعدم نصرتهم له (ٱلنُّصْرَةَ) بأن ينصرونني (وَمِنْ حُبِّ الْمُدَارِينَ) من المداراة بمعنى الملاطفة والملاينة بدون أن يكون ذلك منبعثاً عن صميم القلب (تَصْحِيحَ الْمِقَةِ) أي: المحبة، بأن يحبوني حباً صحيحاً (وَمِنْ رَدِّ الْمُلاَبِسِينَ) أي: المخالطين للإنسان (كَرَمَ الْعِشْرَةِ) أي: حسن المعاشرة، والمراد بردّهم إهانتهم لي (وَمِنْ مَرَارَةِ خَوْفِ ٱلظَّالِمِينَ) فإن للخوف مرارة على النفس (حَلاَوَةَ ٱلأَمَنَةِ) هي: بمعنى الأمن.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَٱجْعَلْ لِي يَداً عَلَىٰ مَنْ ظَلَمَنِي، وَلِسَاناً عَلَىٰ مَنْ خَاصَمَنِي، وَظَفَراً بِمَنْ عَانَدَنِي، وَهَبْ لِي مَكْراً عَلَىٰ مَنْ كَايَدَنِي، وَقُدْرَةً عَلَىٰ مَنَ ٱضْطَهَدَنِي، وَتَكْذِيباً لِمَنْ قَصَبَنِي، وَسَلاَمَةً مِمَّنْ تَوَعَّدَنِي، وَوَفِّقْنِي لِطَاعَةِ مَنْ سَدَّدَنِي، وَمُتَابَعَةِ مَنْ أَرْشَدَنِي،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَٱجْعَلْ لِي يَداً عَلَىٰ مَنْ ظَلَمَنِي) أي: قوة أتمكن بها من دفع ظلمه (وَلِسَاناً عَلَىٰ مَنْ خَاصَمَنِي) حتى أتمكن من رد اعتداءاته اللسانية (وَظَفَراً بِمَنْ عَانَدَنِي) المعاندة: المعاداة، أي: اجعل لي الظفر على عدوي (وَهَبْ لِي مَكْراً) أي: معرفة بكيفية العلاج (عَلَىٰ مَنْ كَايَدَنِي) أي: يكيدني، والكيد: المكر (وَقُدْرَةً عَلَىٰ مَنَ ٱضْطَهَدَنِي) الاضطهاد: الظلم، أي: اجعل لي قدرة أتمكن بها من رد الظلم (وَتَكْذِيباً لِمَنْ قَصَبَنِي) أي: عابني بأن أقدر على تكذيبه (وَسَلاَمَةً مِمَّنْ تَوَعَّدَنِي) أي: وعدني بالسوء، حتى أسلم منه (وَوَفِّقْنِي لِطَاعَةِ مَنْ سَدَّدَنِي) أي: هداني وأرشدني (وَمُتَابَعَةِ مَنْ أَرْشَدَنِي) أي: دلني على طريق الرشاد والصلاح.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَسَدِّدْنِي لأَنْ أُعَارِضَ، مَنْ غَشَّنِي بِٱلنُّصْحِ، وَأَجْزِيَ مَنْ هَجَرَنِي بِالْبِرِّ، وَأُثِيبَ مَنْ حَرَمَنِي بِالْبَذْلِ، وَأُكَافِيَ مَنْ قَطَعَنِي بِالصِّلَةِ، وَأُخَالِفَ مَنِ ٱغْتَابَنِي إِلَىٰ حُسْنِ الذِّكْرِ، وَأَنْ أَشْكُرَ الْحَسَنَةَ، وَأُغْضِيَ عَنِ ٱلسَّيِّئَةِ،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَسَدِّدْنِي) أي: وفقني (لأَنْ أُعَارِضَ، مَنْ غَشَّنِي بِٱلنُّصْحِ) بأن أنصحه عوض أن غشَّني، ولا يخفى أن هذه الخصلة وما تليها من أفضل مكارم الأخلاق وأصعبها (وَأَجْزِيَ مَنْ هَجَرَنِي) وقطعني (بِالْبِرِّ) بأن أبرّه ولا أقطع عنه برّي (وَأُثِيبَ مَنْ حَرَمَنِي بِالْبَذْلِ) بأن أعطي ثواب الحرمان وجزاءه، بأن أبذل لذاك الإنسان (وَأُكَافِيَ مَنْ قَطَعَنِي) وابتعد عني (بِالصِّلَةِ) أي: بأن أصله وأقترب إليه (وَأُخَالِفَ مَنِ ٱغْتَابَنِي إِلَىٰ حُسْنِ الذِّكْرِ) بأن أذكره بالذكر الحسن في مقابل اغتيابه لي (وَأَنْ أَشْكُرَ الْحَسَنَةَ) التي يحسن بها الي أحد (وَأُغْضِيَ عَنِ ٱلسَّيِّئَةِ) الإغضاء: الإغماض، والسيئة الشيء السيئ الذي يأتي الناس به تجاه الإنسان.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَحَلِّنِي بِحُلْيَةِ ٱلصَّالِحِينَ وَأَلْبِسْنِي زِينَةَ الْمُتَّقِينَ فِي بَسْطِ الْعَدْلِ، وَكَظْمِ الْغَيْظِ، وَإِطْفَاءِ ٱلنَّائِرَةِ، وَضَمِّ أَهْلِ الْفُرْقَةِ، وَإِصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَإِفْشَاءِ الْعَارِفَةِ، وَسَتْرِ الْعَائِبَةِ، وَلِينِ الْعَرِيكَةِ، وَخَفْضِ الْجَنَاحِ، وَحُسْنِ ٱلسِّيرَةِ وَسُكُونِ ٱلرِّيحِ، وَطِيبِ الْمُخَالَقَةِ، وَٱلسَّبْقِ إِلَىٰ الْفَضِيلَةِ وَإِيثَارِ ٱلتَّفَضُّلِ، وَتَرْكِ التَّعْيِيرِ، وٱلإِفْضَالِ عَلَىٰ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَحَلِّنِي بِحُلْيَةِ ٱلصَّالِحِينَ) أي: زيِّني بزينتهم (وَأَلْبِسْنِي زِينَةَ الْمُتَّقِينَ) أي: أهل التقوى والخوف من الله تعالى (فِي بَسْطِ الْعَدْلِ،) هذا تفسير للحلية والزينة، والمراد: أن أعدل بين الناس جميعاً (وَكَظْمِ الْغَيْظِ) فإذا غضبت أكضم غضبي وأُخفيه (وَإِطْفَاءِ ٱلنَّائِرَةِ) النائرة: العداوة الواقعة بين الناس، وإطفاؤها إخمادها حتى تذهب وتصفو القلوب (وَضَمِّ أَهْلِ الْفُرْقَةِ) الذين تفرق بعضهم عن بعض، بأن أجمعهم وأضم بعضهم إلى بعض (وَإِصْلاَحِ ذَاتِ الْبَيْنِ) بأن أصلح بين الناس، وذات بمعنى الصفة، كأن بينهم صفة سيئة فأصلحها (وَإِفْشَاءِ الْعَارِفَةِ) أي: إكثار المعروف، وعارفة بمعنى الصفة المعروفة، مقابل المنكر (وَسَتْرِ الْعَائِبَةِ) بأن أستر الصفة الموجبة للعيب، ولا أظهرها، كما هي عادة العيابين للناس (وَلِينِ الْعَرِيكَةِ) بمعنى الطبيعة مقابل الطبيعة الخشنة والأخلاق السيئة (وَخَفْضِ الْجَنَاحِ) كما يخفض الطائر جناحه لأمه، وهو كناية عن التواضع (وَحُسْنِ ٱلسِّيرَةِ) السيرة: الطريقة التي يسير عليها الإنسان (وَسُكُونِ ٱلرِّيحِ) كأن الإنسان ذا الخلق السيئ والحيرة تهب أرياحه الشديدة أما حسن الخلق اللين فهو ساكن الريح لا يؤذي الناس (وَطِيبِ الْمُخَالَقَةِ) أي: التخلق في المعاشرة (وَٱلسَّبْقِ إِلَىٰ الْفَضِيلَةِ) بأن أسبق سائر الناس إلى اقتناء الفضائل (وَإِيثَارِ ٱلتَّفَضُّلِ) أي: الذي تفضل الله علي، أُوثر غيري به، بأن أقدم الناس على نفسي (وَتَرْكِ التَّعْيِيرِ) بأن لا أُعير الناس بما هم فيه من مذام الصفات أو ما أشبه (وٱلإِفْضَالِ عَلَىٰ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ) الذي لا يستحق الفضل، وقد ورد اصنع الخير فإن كان الآخذ من أهله فهو من أهله وإن لم يكن من أهله فأنت لذلك أهل، وقيل: إن الجملة عطف على التعيير، أي: ترك الإفضال على غير المستحق، لما ورد من أن المعروف يجب أن يكون في موضعه.

ـــــــــــ

وَالْقَوْلِ بِالْحَقِّ وَإِنْ عَزَّ، وَٱسْتِقْلاَلِ الْخَيْرِ وَإِنْ كَثُرَ مِنْ قَوْلِي وَفِعْلِي، وَٱسْتِكْثَارِ ٱلشَّرِّ وَإِنْ قَلَّ مِنْ قَوْلِي وَفِعْلِي، وَأَكْمِلْ ذَلِكَ لِي بِدَوَامِ ٱلطَّاعَةِ وَلُزُومِ الْجَمَاعَةِ، وَرَفْضِ أَهْل الْبِدَعِ، وَمُسْتَعْمِلِي ٱلرَّأْيِ الْمُخْتَرَعِ، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱجْعَلْ أَوْسَعَ رِزْقِكَ عَلَيَّ إِذَا كَبُرْتُ، وَأَقْوَىٰ قُوَّتِكَ فِيَّ إِذَا نَصِبْتُ،

ـــــــــــ

(وَالْقَوْلِ بِالْحَقِّ) أي: أن أقول الحق (وَإِنْ عَزَّ) وقلّ الحق، والقائل به (وَٱسْتِقْلاَلِ الْخَيْرِ) أي: أرى الخير الذي صدر مني قليلاً (وَإِنْ كَثُرَ مِنْ قَوْلِي وَفِعْلِي وَٱسْتِكْثَارِ ٱلشَّرِّ وَإِنْ قَلَّ مِنْ قَوْلِي وَفِعْلِي) فإن من العجب أن يرى الإنسان قوله وفعله الذين صدرا منه جهة الخير، كثيراً (وَأَكْمِلْ ذَلِكَ) الذي ذكرت وطلبت من الصفات الفاضلة (لِي بِدَوَامِ ٱلطَّاعَةِ) بأن أطيعك إطاعة دائمة (وَلُزُومِ الْجَمَاعَةِ) أي: جماعة أهل الإيمان، بأن لا أشذ عنهم (وَرَفْضِ أَهْل الْبِدَعِ) جمع بدعة، بأن أتركهم ولا أكون معهم (وَمُسْتَعْمِلِي ٱلرَّأْيِ الْمُخْتَرَعِ) بأن أرفض من له آراء مخترعة جديدة لا تمت إلى الدين بصلة (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱجْعَلْ أَوْسَعَ رِزْقِكَ عَلَيَّ إِذَا كَبُرْتُ) فإن الإنسان إذا كبر يعجز عن طلب الرزق ويحتاج إلى الزيادة فيه ليقوم بجميع شؤونه (وَأَقْوَىٰ قُوَّتِكَ فِيَّ إِذَا نَصِبْتُ) أي: تعبت ومعنى ذلك النشاط النفسي، حتى يكون التعب البدني زائلاً بسببه ولا أتوقف عن العمل.

ـــــــــــ

وَلاَ تَبْتَلِيَنِّي بِالْكَسَلِ عَنْ عِبَادَتِكَ، وَلاَ الْعَمَىٰ عَنْ سَبِيلِكَ، وَلاَ بِالتَّعَرُّضِ لِخِلاَفِ مَحَبَّتِكَ، وَلاَ مُجَامَعَةِ مَنْ تَفَرَّقَ عَنْكَ، وَلاَ مُفَارَقَةِ مَنِ ٱجْتَمَعَ إِلَيْكَ، أَللّهُمَّ ٱجْعَلْنِي أَصُولُ بِكَ عِنْدَ ٱلضَّرُورَةِ، وَأَسْأَلُكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَأَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ عِنْدَ الْمَسْكَنَةِ وَلاَ تَفْتِنِّي بِالإسْتِعَانَةِ بِغَيْرِكَ إِذَا ٱضْطُرِرْتُ، وِلاَ بِالْخُضُوعِ لِسُؤَالِ غَيْرِكَ إِذَا ٱفْتَقَرْتُ،

ـــــــــــ

(وَلاَ تَبْتَلِيَنِّي بِالْكَسَلِ عَنْ عِبَادَتِكَ) بأن لا أكسل عن العبادة والطاعة، كما هو الغالب في الناس (وَلاَ الْعَمَىٰ عَنْ سَبِيلِكَ) بأن أرى الطريق الموصل إلى رضوانك، لا كأهل الضلال الذي لا يرون طريق الحق (وَلاَ بِالتَّعَرُّضِ لِخِلاَفِ مَحَبَّتِكَ) بأن أتعرض بالإتيان ما يخالف أمرك، من المناهي (وَلاَ مُجَامَعَةِ مَنْ تَفَرَّقَ عَنْكَ) بأن أصادق الذين يخالفونك (وَلاَ مُفَارَقَةِ مَنِ ٱجْتَمَعَ إِلَيْكَ) بأن أفارق الذين يوافقون أمرك (أَللّهُمَّ ٱجْعَلْنِي أَصُولُ بِكَ) أي: أهاجم الأعداء بسبب نصرك لي وعونك (عِنْدَ ٱلضَّرُورَةِ) أي حين ما اضطر إلى المصاولة (وَأَسْأَلُكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ) بأن لا أحتاج إلى من سواك (وَأَتَضَرَّعُ إِلَيْكَ) الضراعة: التذلل والطلب (عِنْدَ الْمَسْكَنَةِ) أي: الفقر، ويسمى المسكين مسكيناً: لأن الفقر قد أسكنه عن حركات الأغنياء (وَلاَ تَفْتِنِّي) أي: لا تبتليني (بِالإسْتِعَانَةِ بِغَيْرِكَ إِذَا ٱضْطُرِرْتُ) بأن أستعين بسواك، وذلك بأن لا يتلطف سبحانه بقضاء الحاجة حتى يحتاج الإنسان إلى سؤال سوى الله تعالى (وِلاَ بِالْخُضُوعِ لِسُؤَالِ غَيْرِكَ بأن أخضع لسؤال إنسان دونك (إِذَا ٱفْتَقَرْتُ) واحتجت.

ـــــــــــ

وَلاَ بِالتَّضَرُّعِ إِلَىٰ مَنْ دُونَكَ إِذَا رَهِبْتُ، فَأَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ خِذْلاَنَكَ وَمَنْعَكَ وَإِعْرَاضَكَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، أَللّهُمَّ اجْعَلْ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ فِي رَوعِي مِنَ ٱلتَّمَنِّي وَٱلتَّظَنِّي وَالْحَسَدِ ذِكْراً لِعَظَمَتِكَ، وَتَفَكُّراً فِي قُدْرَتِكَ، وَتَدْبِيراً عَلَىٰ عَدُوِّكَ، وَمَا أَجْرَىٰ عَلَىٰ لِسَانِي مِنْ لَفْظَةِ فُحْشٍ أَوْ هَجْرٍ أَوْ شَتْمِ عِرْضٍ،

ـــــــــــ

(وَلاَ بِالتَّضَرُّعِ إِلَىٰ مَنْ دُونَكَ إِذَا رَهِبْتُ) أي: بأن أطلب من غيرك رفع خوفي، وذلك فيما إذا لم يعجل سبحانه رفع ما يخاف منه الإنسان (فَأَسْتَحِقَّ بِذَلِكَ) الالتجاء إلى من سواك (خِذْلاَنَكَ) بأن تخذلني وتتركني وشأني لا تهتم بأمري (وَمَنْعَكَ) قضاء حاجتي (وَإِعْرَاضَكَ، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ) عني (أَللّهُمَّ اجْعَلْ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ فِي رَوعِي) الروع: القلب (مِنَ ٱلتَّمَنِّي) للأشياء التي لا يليق التمني إياها (وَٱلتَّظَنِّي) أي: أن أعمل الظن فيما لا ينبغي، وأصل التظنن من الظن، ثم أُبدلت إحدى النونين ياءً (وَالْحَسَدِ) للناس (ذِكْراً لِعَظَمَتِكَ) بأن أذكرك دائماً (وَتَفَكُّراً فِي قُدْرَتِكَ) فإن التفكر في قدرته سبحانه من أفضل الطاعات (وَتَدْبِيراً عَلَىٰ عَدُوِّكَ) بأن أفكر وأدبر في كيفية قمع أعداء الدين (وَ) اجعل يا رب (مَا أَجْرَىٰ) الشيطان، أي: يريد إجراءه (عَلَىٰ لِسَانِي مِنْ لَفْظَةِ فُحْشٍ) هو ما ينفر الطبع عنه سواء كان سبّاً أم لا (أَوْ هَجْرٍ) هو السبّ الذي يوجب الهجران (أَوْ شَتْمِ عِرْضٍ) العرض: ما يكون مورد اعتزاز الإنسان من أهل أو زوجة أو شرف أو ما أشبه.

ـــــــــــ

أَوْ شَهَادَةِ بَاطِلٍ أَوْ ٱغْتِيَابِ مُؤْمِنٍ غَائِبٍ أَوْ سَبِّ حَاضِرٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ نُطْقاً بِالْحَمْدِ لَكَ، وَإِغْرَاقاً فِي الثَّنَاءِ عَلَيْكَ، وَذَهَاباً فِي تَمْجِيدِكَ، وَشُكْراً لِنِعْمَتِكَ، وَٱعْتِرَافاً بِإحْسَانِكَ وَإِحْصَاءً لِمِنَنِكَ، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلاَ أُظْلَمَنَّ وَأَنْتَ مُطِيقٌ لِلْدَّفْعِ عَنِّي، وَلاَ أَظْلِمَنَّ وَأَنْتَ الْقَادِرُ عَلَىٰ الْقَبْضِ مِنِّي، وَلاَ أَضِلَّنَّ وَقَدْ أَمْكَنَتْكَ هِدَايَتِي وَلاَ أَفْتَقِرَنَّ وَمِنْ عِنْدِكَ وُسْعِي،

ـــــــــــ

(أَوْ شَهَادَةِ بَاطِلٍ) مخالف للحق (أَوْ ٱغْتِيَابِ مُؤْمِنٍ) والغيبة: ذكرك أخاك ما يكره (أَوْ سَبِّ) مؤمن (حَاضِرٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ) ذلك من نقائص الأقوال (نُطْقاً بِالْحَمْدِ لَكَ) بأن أحمدك (وَإِغْرَاقاً فِي الثَّنَاءِ عَلَيْكَ) الإغراق: المبالغة، أي: مبالغة وتكثراً في مدحك (وَذَهَاباً) أي: ذهاباً قولياً، كقوله تعالى: ﴿وانطلق الملأ منهم أن امشوا﴾ [3] (فِي تَمْجِيدِكَ) من المجد: بمعنى الرفعة (وَشُكْراً لِنِعْمَتِكَ) بأن أشكر نعمك التي تفضلت بها علي (وَٱعْتِرَافاً بِإحْسَانِكَ) إلي (وَإِحْصَاءً لِمِنَنِكَ) جمع منّة: بمعنى النعمة الموجبة للإنسان (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَلاَ أُظْلَمَنَّ) أي: لا يظلمني الناس (وَأَنْتَ مُطِيقٌ لِلْدَّفْعِ عَنِّي) أي: لك قدرة بأن تدفع الظلم عني (وَلاَ أَظْلِمَنَّ) أحداً (وَأَنْتَ الْقَادِرُ عَلَىٰ الْقَبْضِ مِنِّي) بأن تأخذ بيدي حتى لا أتمكن من ظلم أحد (وَلاَ أَضِلَّنَّ) عن طريق الهداية (وَقَدْ أَمْكَنَتْكَ هِدَايَتِي) فأنت قادر على أن تهديني (وَلاَ أَفْتَقِرَنَّ وَمِنْ عِنْدِكَ وُسْعِي) أي: غناي وثروتي.

ـــــــــــ

وَلاَ أَطْغَيَنَّ وَمِنْ عِنْدِكَ وُجْدِي، أَللّهُمَّ إِلَىٰ مَغْفِرَتِكَ وَفَدْتُ، وَإِلَىٰ عَفْوِكَ قَصَدْتُ، وَإِلَىٰ تَجَاوُزِكَ ٱشْتَقْتُ، وَبِفَضْلِكَ وَثِقْتُ وَلَيْسَ عِنْدِي مَا يُوجِبُ لِي مَغْفِرَتَكَ، وَلاَ فِي عَمَلِي مَا أَسْتَحِقُّ بِهِ عَفْوَكَ، وَمَا لِي بَعْدَ أَنْ حَكَمْتُ عَلَىٰ نَفْسِي إِلاَّ فَضْلُكَ، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ، أللّهُمَّ وَأَنْطِقْنِي بِالْهُدَىٰ وَألْهِمْنِي ٱلتَّقْوَىٰ، وَوَفِّقْنِي لِلَّتِي هِيَ أَزْكَىٰ،

ـــــــــــ

(وَلاَ أَطْغَيَنَّ) الطغيان على الناس بظلمهم (وَمِنْ عِنْدِكَ وُجْدِي) وقدرتي، فلا تمكنني من الطغيان بعدم تهيئة أسبابه لي (أَللّهُمَّ إِلَىٰ مَغْفِرَتِكَ وَفَدْتُ) أي: جئت طالباً غفرانك، فإن الوفود إلى الشخص الذهاب إليه (وَإِلَىٰ عَفْوِكَ قَصَدْتُ) أي: قصدت مريداً عفوك (وَإِلَىٰ تَجَاوُزِكَ ٱشْتَقْتُ) فإني مشتاق أن تتجاوز عني (وَبِفَضْلِكَ وَثِقْتُ) أي: أنا مطمئن بأنك تتفضل علي (وَلَيْسَ عِنْدِي مَا يُوجِبُ لِي مَغْفِرَتَكَ) فإني لم أعمل عملاً أستحق بذلك غفرانك (وَلاَ فِي عَمَلِي مَا أَسْتَحِقُّ بِهِ عَفْوَكَ) عن ذنوبي (وَمَا لِي) أي: ليس لي شيء (بَعْدَ أَنْ حَكَمْتُ عَلَىٰ نَفْسِي) بالإساءة والظلم (إِلاَّ فَضْلُكَ) بأن تتفضل علي بالغفران والعفو (فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ، أللّهُمَّ) بالمغفرة مجاناً بدون أن أكون أستحق ذلك (وَأَنْطِقْنِي بِالْهُدَىٰ) : بأن يكون كلامي هداية للناس، أو يكون نطقي نطق الهادين، لا نطق الضالين (وَألْهِمْنِي ٱلتَّقْوَىٰ) أي: أوقع في قلبي خوفك وتقواك (وَوَفِّقْنِي لِلَّتِي هِيَ أَزْكَىٰ) أي: للطريقة التي هي أطهر الطرق وأنماها.

ـــــــــــ

وَٱسْتَعْمِلْنِي بِمَا هُوَ أَرْضَىٰ، أَللّهُمَّ ٱسْلُكْ بِيَ ٱلطَّرِيقَةَ الْمُثْلَىٰ، وَٱجْعَلْنِي عَلَىٰ مِلَّتِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَمَتِّعْنِي بِالإِقْتِصَادِ، وَٱجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ ٱلسَّدَادِ، وَمِنْ أَدِلَّةِ ٱلرَّشَادِ، وَمِنْ صَالِحِي الْعِبَادِ، وَٱرْزُقْنِي فَوْزَ الْمَعَادِ، وَسَلاَمَةَ الْمِرْصَادِ، أَللّهُمَّ خُذْ لِنَفْسِكَ مِنْ نَفْسِي مَا يُخَلِّصُهَا،

ـــــــــــ

(وَٱسْتَعْمِلْنِي بِمَا هُوَ أَرْضَىٰ) أي: وفقني لأن أعمل بالأمر الذي هو أكثر رضاًًً لك (أَللّهُمَّ ٱسْلُكْ بِيَ ٱلطَّرِيقَةَ الْمُثْلَىٰ) مؤنث أمثل: بمعنى الأحسن والأعدل، أي: وفقني لأن أسألك أحسن الطرق (وَٱجْعَلْنِي عَلَىٰ مِلَّتِكَ) أي: طريقتك (أَمُوتُ وَأَحْيَا) حتى تكون حياتي وموتي كما تحب وترضى (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَمَتِّعْنِي بِالإِقْتِصَادِ) الاقتصاد: هو التوسط بين الإفراط والتفريط، من القصد بمعنى الوسط ومعنى متعني وفقني لأن أتوسط في أموري كلها (وَٱجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ ٱلسَّدَادِ) أي: الاستحكام في الأمور (وَمِنْ أَدِلَّةِ ٱلرَّشَادِ) أي: الذين يدلون الناس على ما يرشدهم (وَمِنْ صَالِحِي الْعِبَادِ) غير الفاسدين منهم (وَٱرْزُقْنِي فَوْزَ الْمَعَادِ) بأن أفوز بالجنان والثواب في القيامة (وَسَلاَمَةَ الْمِرْصَادِ) المرصاد: المحل الذي يجلس المراقب ليرصد الإنسان، قال سبحانه: ﴿إن ربك لبالمرصاد﴾ [4] ومعنى سلامته أن أكون سالماً بالنسبة إليه (أَللّهُمَّ خُذْ لِنَفْسِكَ مِنْ نَفْسِي مَا يُخَلِّصُهَا) بالاستيلاء بالبلايا الموجبة لمحو ذنوب الإنسان، أو الاشتغال بالطاعة، فإنه أخذ الله تعالى من نفس الإنسان، إذ تعرف النفس في الطاعة.

ـــــــــــ

وَأَبْقِ لِنَفْسِي مِنْ نَفْسِي مَا يُصْلِحُهَا، فَإِنَّ نَفْسِي هَالِكَةٌ أَوْ تَعْصِمَهَا، أَللّهُمَّ أَنْتَ عُدَّتِي إِنْ حَزَنْتُ، وَأَنْتَ مُنْتَجَعِي إِنْ حُرِمْتُ، وَبِكَ ٱسْتِغَاثَتِي إِنْ كَرِثْتُ، وَعِنْدَكَ مِمَّا فَاتَ خَلَفٌ، وَلِمَا فَسَدَ صَلاَحٌ، وَفِي مَا أَنْكَرْتَ تَغْيِيرٌ، فَامْنُنْ عَلَيَّ قَبْلَ الْبَلاَءِ بِالْعَافِيَةِ، وَقَبْلَ ٱلطَّلَبِ بِالْجِدَةِ، وَقَبْلَ ٱلضَّلاَلِ بِالرَّشَادِ، وَٱكْفِنِي مَؤُونَةَ مَعَرَّةِ الْعِبَادِ،

ـــــــــــ

(وَأَبْقِ لِنَفْسِي مِنْ نَفْسِي مَا يُصْلِحُهَا) من العافية والأسباب التي توجب صلاحها من النشاط وما أشبه (فَإِنَّ نَفْسِي هَالِكَةٌ أَوْ تَعْصِمَهَا) أي: إلاّ أن تحفظها عن الآثام والمعاصي (أَللّهُمَّ أَنْتَ عُدَّتِي إِنْ حَزَنْتُ) أي: إن أحزنني أمر فإني قد أعددت فضلك ودفاعك عني (وَأَنْتَ مُنْتَجَعِي) أي: محل أملي (إِنْ حُرِمْتُ) أي: حرمني الناس عن الخيرات والعطايا (وَبِكَ ٱسْتِغَاثَتِي إِنْ كَرِثْتُ) أي: اشتدت بي الهموم وثقلت علي المكاره (وَعِنْدَكَ مِمَّا فَاتَ خَلَفٌ) بأن تعطيني عوض كل خير كان مني (وَلِمَا فَسَدَ صَلاَحٌ) بأن تصلح ما فسد مني (وَفِي مَا أَنْكَرْتَ تَغْيِيرٌ) بأن تنكره مني، وذلك بهدايتي حتى لا أعمل بذلك المنكر (فَامْنُنْ عَلَيَّ قَبْلَ الْبَلاَءِ بِالْعَافِيَةِ) بأن تعافيني من موجبات البلاء، حتى لا ينزل عليّ البلاء (وَقَبْلَ ٱلطَّلَبِ) أي قبل أن تطلب مني الشيء (بِالْجِدَةِ) بأن أجده حتى إذا طلبت أعطيتك إياه، مثلاً قبل أن تطلب مني الصلاة في الآخرة، وفقني لأن أصلي وأكون واجداً للصلاة، وهكذا (وَقَبْلَ ٱلضَّلاَلِ بِالرَّشَادِ) أي: أرشدني قبل أن يخطفني الباطل فأُضل (وَٱكْفِنِي مَؤُونَةَ مَعَرَّةِ الْعِبَادِ) أي: اكفني التي ترد علي من مكروهات الناس، أي: الأعمال المكروهة التي يفعلونها بالنسبة إليَّ من السب والإيذاء وما أشبه.

ـــــــــــ

وَهَبْ لِي أَمْنَ يَوْم الْمَعَادِ، وَٱمْنَحْنِي حُسْنَ ٱلإِرْشَادِ، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱدْرَأْ عَنيِّ بِلُطْفِكَ وَأَغْذُنِي بِنِعْمَتِكَ، وَأَصْلِحْنِي بِكَرَمِكَ، وَدَاوِنِي بِصُنْعِكَ، وَأَظِلَّنِي فِي ذَرَاكَ وَجَلِّلْنِي رِضَاكَ، وَوَفِّقْنِي إِذَا ٱشْتَكَلَتْ عَلَيَّ ٱلأَمُورُ لأَهْدَاهَا، وَإِذَا تَشَابَهَتِ ٱلأَعْمَالُ لأَزْكَاهَا، وَإِذَا تَنَاقَضَتِ الْمِلَلُ لأَرْضَاهَا، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَتَوِّجْنِي بِالْكِفَايَةِ،

ـــــــــــ

(وَهَبْ لِي أَمْنَ يَوْم الْمَعَادِ) حتى أكون آمناً هناك لا خائفاً (وَٱمْنَحْنِي) أي: أعطني (حُسْنَ ٱلإِرْشَادِ) أي: الإرشاد الحسن (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱدْرَأْ) أي: ادفع المكاره (عَنيِّ بِلُطْفِكَ) وإحسانك (وَأَغْذُنِي بِنِعْمَتِكَ) أي: أعطني الغذاء (وَأَصْلِحْنِي بِكَرَمِكَ) حتى لا أكون فاسداً (وَدَاوِنِي بِصُنْعِكَ) أي: داوني عن الأمراض الروحية بحسن صنيعك بي (وَأَظِلَّنِي فِي ذَرَاكَ) أي: اجعل ظلك علي، والمراد بالظل العطف والرحمة، وذرى بمعنى الارتفاع (وَجَلِّلْنِي) أي اشملني (رِضَاكَ) حتى يشملني رضاك شمولاً كاملاً (وَوَفِّقْنِي إِذَا ٱشْتَكَلَتْ عَلَيَّ ٱلأَمُورُ) فلم أعرف خيرها من شرها (لأَهْدَاهَا) أي: أحسنها في هدايتي (وَإِذَا تَشَابَهَتِ ٱلأَعْمَالُ) فلم يعرف حسنها من قبيحها (لأَزْكَاهَا) أي: أحسنها زكاة وطهارة (وَإِذَا تَنَاقَضَتِ الْمِلَلُ) جمع ملة، بأن كانت هناك ملل مختلفة متناقضة (لأَرْضَاهَا) لك حتى اتبعها (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَتَوِّجْنِي بِالْكِفَايَةِ) بأن تكفيني أموري وتكون الكفاية كتاج على رأسي توجب عزي ورفعة رأسي.

ـــــــــــ

وَسُمْنِي حُسْنَ الْوِلاَيَةِ، وَهَبْ لِي صِدْقَ الْهِدَايَةِ، وَلاَ تَفْتِنِّي بِالسِّعَةِ، وَٱمْنَحْنِي حُسْنَ الدِّعَةِ، وَلاَ تَجْعَلْ عَيْشِي كَدّاً كَدّاً، وَلاَ تَرُدَّ دُعَائِي عَلَيَّ رَدّاً، فَإنِّي لاَ أَجْعَلْ لَكَ ضِدّاً، وَلاَ أَدْعُو مَعَكَ نِدّاً، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱمْنَعْنِي، مِنَ ٱلسَّرَفِ، وَحَصِّنْ رِزْقِي مِنَ ٱلتَّلَفِ، وَوَفِّرْ مَلَكَتِي بِالْبَرَكَةِ فِيهِ، وَأَصِبْ بِي سَبِيلَ الْهِدَايَةِ لِلْبِرِّ فِي مَا أُنْفِقُ مِنْهُ،

ـــــــــــ

(وَسُمْنِي) من وسم يسم بمعنى: علمه بالعلامة (حُسْنَ الْوِلاَيَةِ) أي: اجعل سيمائي وعلامتي أني حسن الولاية لك، أو حسن ولايتك ونصرتك لي (وَهَبْ لِي صِدْقَ الْهِدَايَةِ) أي: هداية صادقة ظاهري وباطني كلاهما عليها (وَلاَ تَفْتِنِّي) أي: لا تمتحني (بِالسِّعَةِ) فإن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى (وَٱمْنَحْنِي حُسْنَ الدِّعَةِ) الدعة: الخفض والسعة في العيش، أي: هب لي دعة حسنة (وَلاَ تَجْعَلْ عَيْشِي كَدّاً كَدّاً) أي: شديداً شديداً (وَلاَ تَرُدَّ دُعَائِي عَلَيَّ رَدّاً) بأن لا تستجيبه (فَإنِّي لاَ أَجْعَلْ لَكَ ضِدّاً) أي: مضاداً في ربوبيتك (وَلاَ أَدْعُو مَعَكَ نِدّاً) أي: مثلاً لك، وجزاءً لهذا، فاستجب دعواتي السابقة، ويفهم ذلك من [الفاء] (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱمْنَعْنِي، مِنَ ٱلسَّرَفِ) أي: الإسراف، بأن تهديني حتى لا أسرف بل اقتصد (وَحَصِّنْ) أي: احفظ (رِزْقِي مِنَ ٱلتَّلَفِ) حتى لا يتلف وأحتاج إلى الناس (وَوَفِّرْ مَلَكَتِي) أي: ما أملكه (بِالْبَرَكَةِ فِيهِ) بأن تجعله مباركاً، وهو الدائم النامي، من بركت الإبل: إذا نامت وبقيت، وضمير [فيه] عائد إلى الرزق (وَأَصِبْ بِي سَبِيلَ الْهِدَايَةِ) أي: أرشدني إليها (لِلْبِرِّ) أي: لأعمال البر (فِي مَا أُنْفِقُ مِنْهُ) حتى يكون إنفاقي من رزقي في الأمور البرية لا في الجهات المحرمة.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ وَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱكْفِنِي مَؤُونَةَ ٱلإِكْتِسَابِ، وَٱرْزُقْنِي مِنْ غَيْرِ ٱحْتِسَابٍ، فَلاَ أَشْتَغِلَ عَنْ عِبَادَتِكَ بِالطَّلَبِ، وَلاَ أَحْتَمِلَ إِصْرَ تَبِعَاتِ الْمَكْسَبِ، أَللّهُمَّ فَٱطْلِبْنِي بِقُدْرَتِكَ مَا أَطْلُبُ، وَأَجِرْنِي بعِزَّتِكَ مِمَّا أَرْهَبُ، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَصِنْ وَجْهي بِالْيَسَارِ، وَلاَ تَبْتَذِلْ جَاهِي بِالإِقْتَارِ،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ وَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱكْفِنِي مَؤُونَةَ ٱلإِكْتِسَابِ) حتى لا اشتغل بالكسب عن الأمور التي هي أفضل منه: كتعليم العلم والعبادة وما أشبه (وَٱرْزُقْنِي مِنْ غَيْرِ ٱحْتِسَابٍ) بأن لا تحاسبني على ما رزقتني حتى ابتلي يوم القيامة بالجواب ويطول وقوفي في المحشر، أو المراد: الرزق الكثير كأنه بلا حساب (فَلاَ أَشْتَغِلَ عَنْ عِبَادَتِكَ بِالطَّلَبِ) هذا تفريع على (واكفني) (وَلاَ أَحْتَمِلَ إِصْرَ تَبِعَاتِ الْمَكْسَبِ) الأمر هو الحمل الثقيل، وتبعات المكسب آثامه المترتبة عليه (أَللّهُمَّ فَٱطْلِبْنِي) أي: أعط طلبتي (بِقُدْرَتِكَ مَا أَطْلُبُ) منك وأدعوك لأجله (وَأَجِرْنِي) أي: احفظني (بعِزَّتِكَ مِمَّا أَرْهَبُ) وأخاف (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَصِنْ) أي: احفظ (وَجْهي بِالْيَسَارِ) أي: الغناء الموجب لصيانة الوجه، وعدم إراقة ماء الوجه في الطلب من هذا وذاك (وَلاَ تَبْتَذِلْ جَاهِي) أي: وجاهتي (بِالإِقْتَارِ) أي: بأن تقتر وتضيق علي الرزق.

ـــــــــــ

فَأَسْتَرْزِقَ أَهْلِ رِزْقِكَ، وَأَسْتَعْطِيَ شِرَارَ خَلْقِكَ، فَأَفْتَتِنَ بِحَمْدِ مَنْ أَعْطَانِي، وَأُبْتَلَٰى بِذَمِّ مَنْ مَنَعَنِي، وَأَنْتَ مِنْ دُونِهِمْ وَلِيُّ ٱلإِعْطَاءِ وَالْمَنْعِ، أَللَهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱرْزُقْنِي صِحَّةً فِي عِبَادَةٍ وَفَرَاغاً فِي زَهَادَةٍ، وَعِلْماً فِي ٱسْتِعْمَالٍ، وَوَرَعاً فِي إِجْمَالٍ، أَللّهُمَّ ٱخْتِمْ بِعَفْوِكَ أَجَلِي، وَحَقِّقْ فِي رَجَاءِ رَحْمَتِكَ أَمَلِي،

ـــــــــــ

(فَأَسْتَرْزِقَ أَهْلِ رِزْقِكَ) بأن أطلب الرزق ممن هم يتعاطون الرزق منك (وَأَسْتَعْطِيَ) أي: اطلب العطاء (شِرَارَ خَلْقِكَ) ولعل الإتيان بـ[شرار] لأن كثيراً من الأثرياء من مصاديق [يطغى] (فَأَفْتَتِنَ) أي: ابتلى وامتحن (بِحَمْدِ مَنْ أَعْطَانِي) ومدحه ولا يليق مدح الشرور (وَأُبْتَلَٰى بِذَمِّ مَنْ مَنَعَنِي) بدون حاجة إلى ذات (وَ) ذلك لأنك (أَنْتَ) يا رب (مِنْ دُونِهِمْ وَلِيُّ ٱلإِعْطَاءِ وَالْمَنْعِ) لأن الله هو المقدر للأشياء (أَللَهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱرْزُقْنِي صِحَّةً فِي عِبَادَةٍ) بأن أكون صحيح الجسم واصرف جسمي في عبادتك (وَفَرَاغاً فِي زَهَادَةٍ) أي: اصرف فراغي في الزهد والنفرة عن الدنيا (وَعِلْماً فِي ٱسْتِعْمَالٍ) بأن يكون لي علم واستعمال ذلك العلم، لا أن أكون عالماً بلا عمل (وَوَرَعاً فِي إِجْمَالٍ) بأن أكون متورعاً عن الشبهات بدون أن أكون مسرفاً في الورع كما يفعله أهل الوسوسة ومن إليهم (أَللّهُمَّ ٱخْتِمْ بِعَفْوِكَ أَجَلِي) بأن تعفو عني آخر عمري (وَحَقِّقْ فِي رَجَاءِ رَحْمَتِكَ) أي في رجائي لرحمتك (أَمَلِي) فإني آمل وراجٍ أن تتفضل علي بالرحمة، فحقق هذا الأمل يا إلهي.

ـــــــــــ

وَسَهِّلْ إِلَىٰ بُلُوغِ رِضَاكَ سُبُلِي، وَحَسِّنْ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِي عَمَلِي، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَنَبِّهْنِي لِذِكْرِكَ فِي أَوْقَاتِ الْغَفْلَةِ، وَٱسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ فِي أَيَّامِ الْمُهْلَةِ، وَٱنْهَجْ لِي إِلَىٰ مَحَبَّتِكَ سَبِيلاً سَهْلَةً، أَكْمِلْ لِي بِهَا خَيْرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ، أَللّهُمَّ وَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ قَبْلَهُ وَأَنْتَ مُصَلٍّ عَلَىٰ أَحَدٍ بَعْدَهُ، وَآتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا، حَسَنَةً وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنِي بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ ٱلنَّارِ،

ـــــــــــ

(وَسَهِّلْ إِلَىٰ بُلُوغِ رِضَاكَ سُبُلِي) حتى أتمكن من بلوغ رضاك ولا يشق علي ذلك (وَحَسِّنْ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِي عَمَلِي) حتى يكون كل عمل مني حسناً (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَنَبِّهْنِي لِذِكْرِكَ فِي أَوْقَاتِ الْغَفْلَةِ) فإذا غفلت عن ذكرك نبهتني حتى أتذكرك وأخرج عن الغفلة، أو المراد: أوقات غفلة الناس (وَٱسْتَعْمِلْنِي بِطَاعَتِكَ) بأن وفقني لأن أطيعك (فِي أَيَّامِ الْمُهْلَةِ) التي تفضلت بها علي في دار الدنيا (وَٱنْهَجْ لِي إِلَىٰ مَحَبَّتِكَ سَبِيلاً سَهْلَةً) بأن تعين لي سبيلاً سهلاً حتى أتمكن من السير فيه، ومعنى نهج له خطّ له طريق السير وأرشده إليه (أَكْمِلْ لِي بِهَا) أي بتلك السبيل (خَيْرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ) بسبب سلوكي لها (أَللّهُمَّ وَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، كَأَفْضَلِ مَا صَلَّيْتَ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ قَبْلَهُ) وصلاته سبحانه ترفيعه للدرجات (وَأَنْتَ مُصَلٍّ عَلَىٰ أَحَدٍ بَعْدَهُ) حتى يكون النبي صلى الله عليه وآله في أرقى الدرجات (وَآتِنَا فِي ٱلدُّنْيَا، حَسَنَةً) أي أعطنا، والمراد بالحسنة جنسها، فلا يقال كيف جيء بها نكرة تدل على الوحدة (وَفِي ٱلآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنِي) أي احفظني (بِرَحْمَتِكَ عَذَابَ ٱلنَّارِ) في الآخرة.

ـــــــــــ

[1] ـ سورة الذاريات، آية: 56.

[2] ـ سورة البقرة، آية: 264.

[3] ـ سورة ص، آية: 6.

[4] ـ سورة الفجر، آية: 14.