أفضل المواقع الشيعية

دعاء عند الشدة والجهد وتعسر الأمور

 
السجادية

الدعاء مطابق للمصدر

الصحيفة
 

وكان من دعائه (عليه السلام) عند الشدة والجهد وتعسر الأمور:

أَللّهُمَّ إنَّكَ كَلَّفْتَنِي مِنْ نَفْسِي مَا أَنْتَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي، وَقُدْرَتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيَّ أَغْلَبُ مِنْ قُدْرَتِي، فَأَعْطِنِي مِنْ نَفْسِي مَا يُرْضِيكَ عَنِّي، وَخُذْ لِنَفْسِكَ رِضَاهَا مِنْ نَفْسِي فِي عَافِيَةٍ، أَللّهُمَّ لاَ طَاقَةَ لِي بِالْجَهْدِ، وَلاَ صَبْرَ لِي عَلَىٰ الْبَلاَءِ، وَلاَ قُوَّةَ لِي عَلَىٰ الْفَقْرِ،

ـــــــــــ

الشرح: (أَللّهُمَّ إنَّكَ كَلَّفْتَنِي مِنْ نَفْسِي مَا أَنْتَ أَمْلَكُ بِهِ مِنِّي) فإن سلطة الله سبحانه على الإنسان أكثر من سلطة الإنسان على نفسه (وَقُدْرَتُكَ عَلَيْهِ) أي: على ذلك التكليف (وَعَلَيَّ أَغْلَبُ مِنْ قُدْرَتِي) إذ قدرته سبحانه أعظم من قدرة الإنسان (فَأَعْطِنِي مِنْ نَفْسِي مَا يُرْضِيكَ عَنِّي) بأن تعطيني قدرة وقوة ونشاطاً وما أشبه مما أقوم بها على طاعتك (وَخُذْ لِنَفْسِكَ رِضَاهَا) أي: ما ترضى وتحب (مِنْ نَفْسِي) بصرفها في طاعتك وعبادتك (فِي عَافِيَةٍ) أي: في حال كوني معافى (أَللّهُمَّ لاَ طَاقَةَ لِي بِالْجَهْدِ) والتعب (وَلاَ صَبْرَ لِي عَلَىٰ الْبَلاَءِ) كالمرض وما أشبه (وَلاَ قُوَّةَ لِي عَلَىٰ الْفَقْرِ) بأن أعيش فقيراً معدماً.

ـــــــــــ

فَلاَ تَحْظُرْ عَلَيَّ رِزْقِي، وَلاَ تَكِلْنِي إِلَىٰ خَلْقِكَ، بَلْ تَفَرَّدْ بِحَاجَتِي وَتَوَلَّ كِفَايَتِي، وَٱنْظُرْ إِلَيَّ وَٱنْظُرْ لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي، فَإِنَّكَ إِنْ وَكَلْتَنِي إِلَىٰ نَفْسِي عَجَزْتُ عَنْهَا وَلَمْ أُقِمْ مَا فِيهِ مَصْلَحَتُهَا، وَإِنْ وَكَلْتَنِي إِلَىٰ خَلْقِكَ تَجَهَّمُونِي، وَإِنْ ألْجَْأتَنِي إِلَىٰ قَرَابَتِي حَرَمُونِي، وَإِنْ أَعْطَوْا أَعْطَوْا قَلِيلاً نَكِداً، وَمَنَّوُا عَلَيَّ طَوِيلاً، وَذَمَّوُا كَثِيراً،

ـــــــــــ

 (فَلاَ تَحْظُرْ) أي: لا تمنع (عَلَيَّ رِزْقِي) بأن لا تعطيني الرزق (وَلاَ تَكِلْنِي إِلَىٰ خَلْقِكَ) بأن تكل أموري أمورهم، دون مباشرتك بإعطائي إياها (بَلْ تَفَرَّدْ) يا رب، وكن فرداً (بِحَاجَتِي) أي: إعطائها إياي (وَتَوَلَّ كِفَايَتِي) بأن تكفيني بذاتك (وَٱنْظُرْ إِلَيَّ) نظر لطف ورعاية (وَٱنْظُرْ لِي) أي: لأجلي (فِي جَمِيعِ أُمُورِي) للدنيا والآخرة والنظر للإنسان بمعنى القيام بمصالحه ومهامه (فَإِنَّكَ إِنْ وَكَلْتَنِي إِلَىٰ نَفْسِي) حتى أنا وحدي أصلح شؤوني (عَجَزْتُ عَنْهَا) ولم أقدر على إصلاحها (وَلَمْ أُقِمْ مَا فِيهِ مَصْلَحَتُهَا) أُقم: من الإقامة، بمعنى كفاية مهامها وأمورها (وَإِنْ وَكَلْتَنِي إِلَىٰ خَلْقِكَ) حتى يقوموا بشؤوني (تَجَهَّمُونِي) أي: قطبوا وجوههم كراهة مني (وَإِنْ ألْجَْأتَنِي) حتى اضطر (إِلَىٰ) الطلب من (قَرَابَتِي) وقومي (حَرَمُونِي) ولم يعطوني القدر الكافي (وَإِنْ أَعْطَوْا أَعْطَوْا قَلِيلاً نَكِداً) أي: مشتملاً على عسر وشدة (وَمَنَّوُا عَلَيَّ طَوِيلاً) أي: مدة طويلة (وَذَمَّوُا كَثِيراً) أي: ذماً كثيراً كما هي عادة غالب الناس يذمون من كلفوا معاشه.

ـــــــــــ

فَبِفَضْلِكَ أَللّهُمَّ فَأَغْنِنِي، وَبِعَظَمَتِكَ فَٱنْعِشْنِي، وَبِسَعَتِكَ فَٱبْسُطْ يَدِي، وَبِمَا عِنْدَكَ فَٱكْفِنِي، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَخَلِّصْنِي مِنَ الْحَسَدِ، وَٱحْصُرْنِي عَنِ ٱلذُّنُوبِ، وَوَرِّعْنِي عَنِ الْمَحَارِمِ، وَلاَ تُجَرِّئْنِي عَلَىٰ الْمَعَاصِي، وَٱجْعَلْ هَوَايَ عِنْدَكَ، وَرِضَايَ فِيمَا يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي وَفِي مَا خَوَّلْتَنِي وَفِي مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ، وَٱجْعَلْنِي فِي كُلِّ حَالاَتِي مَحْفُوظاً مَكْلوُءاً، مَسْتُوراً مَمْنُوعاً، مُعَاذاً مُجَاراً،

ـــــــــــ

 (فَبِفَضْلِكَ أَللّهُمَّ فَأَغْنِنِي) حتى لا أحتاج إلى أحد (وَبِعَظَمَتِكَ فَٱنْعِشْنِي) أي: تفضل عليّ حتى أنعش ويحسن حالي، فإن العظيم يتمكن من مثل هذا الفعل (وَبِسَعَتِكَ) أي: وسعة عطائك وملكك (فَٱبْسُطْ يَدِي) كناية عن الغنى فإن الغني يده مبسوطة ينفق بخلاف الفقير الذي يده مقبوضة لا يتمكن من الإنفاق (وَبِمَا عِنْدَكَ فَٱكْفِنِي) حتى لا أحتاج إلى أحد (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَخَلِّصْنِي مِنَ الْحَسَدِ) حتى لا أحسد أحداً، أو لا يحسدني أحد (وَٱحْصُرْنِي) من الحصر: بمعنى المنع (عَنِ ٱلذُّنُوبِ) والآثام حتى لا ارتكبها (وَوَرِّعْنِي عَنِ الْمَحَارِمِ) أي: المحرمات، والورع بمعنى الاجتناب (وَلاَ تُجَرِّئْنِي عَلَىٰ الْمَعَاصِي) فإن خذلانه سبحانه للإنسان يجرئه على العصيان (وَٱجْعَلْ هَوَايَ) وميلي (عِنْدَكَ) حتى أطيعك وأرغب فيما لديك (وَرِضَايَ فِيمَا يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكَ) من القسمة والتقدير (وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي) بأن يكون فيه بركة (وَفِي مَا خَوَّلْتَنِي) أي: أعطيتني (وَفِي مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ) من أنواع النعم، والظاهر أن الجملة على نحو عطف البيان (وَٱجْعَلْنِي فِي كُلِّ حَالاَتِي مَحْفُوظاً) عن الآفات والبليات (مَكْلوُءاً) من كلأه: بمعنى حرسه (مَسْتُوراً) غير مفضوح (مَمْنُوعاً) من أن يصل إلي: أحد بسوء (مُعَاذاً) من أعاذه بمعنى: حفظه من الأعداء وما يشبه (مُجَاراً) من الإجارة: بمعنى الإعاذة وإعطاء الأمان.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَٱقْضِ عَنِّي كُلَّ مَا أَلْزَمْتَنِيهِ وَفَرَضْتَهُ عَلَيَّ لَكَ فِي وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ طَاعَتِكَ، أَوْ لِخَلْقٍ مِنْ خَلْقِكَ وَإِنْ ضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ بَدَنِي، وَوَهَنَتْ عَنْهُ قُوَّتِي، وَلَمْ تَنَلْهُ مَقْدِرَتِي وَلَمْ يَسَعْهُ مَالِي وَلاَ ذَاتُ يَدِي، ذَكَرْتُهُ أَوْ نَسِيتُهُ، هُوَ يَا رَبِّ مِمَّا قَدْ أَحْصَيْتَهُ عَلَيَّ وَأَغْفَلْتُهُ أَنَا مِنْ نَفْسِي، فَأَدِّهِ عَنِّي مِنْ جَزِيلِ عَطِيَّتِكَ وَكَبِيرِ مَا عِنْدَكَ، فَإِنَّكَ وَاسِعٌ كَرِيمٌ،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَٱقْضِ عَنِّي كُلَّ مَا أَلْزَمْتَنِيهِ) من التكاليف، والمعنى وفقني لقضائها والإتيان بها (وَفَرَضْتَهُ) أي: أوجبته (عَلَيَّ) من الأحكام والأمور (لَكَ) أي: إن الغرض كان لك (فِي وَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ طَاعَتِكَ) بأن كان الغرض كالصلاة (أَوْ لِخَلْقٍ مِنْ خَلْقِكَ) بأن كان الغرض لأجلهم كالإنفاق على العيال (وَإِنْ ضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ) الغرض (بَدَنِي) لكن توفيقك يمكنني من القيام به (وَوَهَنَتْ) أي: ضعفت (عَنْهُ قُوَّتِي) الذاتية التي ليس معها توفيقك (وَلَمْ تَنَلْهُ) أي: لم تصل إليه (مَقْدِرَتِي) أي: قدرتي الشخصية (وَلَمْ يَسَعْهُ مَالِي) بدون أن تضيفه حتى يسع ذلك (وَلاَ ذَاتُ يَدِي) بأن كانت يدي خالية عن مثل ذلك الفرض المالي (ذَكَرْتُهُ) أي: ذكرت ذلك الفرض (أَوْ نَسِيتُهُ) فلم أذكره (هُوَ يَا رَبِّ مِمَّا قَدْ أَحْصَيْتَهُ) أي: ذلك الفرض تحت إحصائك وعلمك (عَلَيَّ وَأَغْفَلْتُهُ أَنَا مِنْ نَفْسِي) هذا بيان لقوله: (ثم نسيته) (فَأَدِّهِ) أي: أدِّ ذلك الفرض (عَنِّي مِنْ جَزِيلِ عَطِيَّتِكَ) أي: عطاؤك الجزيل (وَكَبِيرِ مَا عِنْدَكَ) أي: الملك كبير (فَإِنَّكَ وَاسِعٌ) العطاء (كَرِيمٌ) في الإعطاء.

ـــــــــــ

حَتَّىٰ لاَ يَبْقَىٰ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْهُ تُرِيدُ أَنْ تُقَاصَّنِي بِهِ مِنْ حَسَنَاتِي، أَوْ تُضَاعِفَ بِهِ مِنْ سَيِّئٰاتِي يَوْمَ أَلْقَاكَ يَا رَبِّ، أَللَهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَٱرْزُقْنِي ٱلرَّغْبَةَ فِي الْعَمَلِ لَكَ لآخِرَتِي، حَتَّىٰ أَعْرِفَ صِدْقَ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِي، وَحَتَّىٰ يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَيَّ ٱلزُّهْدُ فِي دُنْيَايَ، وَحَتَّىٰ أَعْمَلَ الْحَسَنَاتِ شَوْقاً، وَآمَنَ مِنَ ٱلسَّيِّئٰاتٍ فَرَقاً وَخَوْفاً،

ـــــــــــ

(حَتَّىٰ لاَ يَبْقَىٰ عَلَيَّ شَيْءٌ مِنْهُ ُ) أي: من ذلك الفرض (تُرِيدُ أَنْ تُقَاصَّنِي بِهِ) أي: تأخذ مقابله بالاقتصاص، وهو الأخذ من مال المديون تقاصاً في مقابل الدين الذي عليه (مِنْ حَسَنَاتِي) بأن لا تثيبني على بعضها في مقابل ما تطلب مني من الفرض الذي لم أتمكن من إتيانه (أَوْ تُضَاعِفَ بِهِ مِنْ سَيِّئٰاتِي) لأن ترك الواجب سيئة (يَوْمَ أَلْقَاكَ يَا رَبِّ) أي: في القيامة (أَللَهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَٱرْزُقْنِي ٱلرَّغْبَةَ فِي الْعَمَلِ لَكَ) بأن تكون رغبتي في ذلك (لآخِرَتِي) من أقسام الطاعة وأصناف العبادة الموجبة للثواب والجزاء في الآخرة (حَتَّىٰ أَعْرِفَ صِدْقَ ذَلِكَ) أي: حب العمل لك (مِنْ قَلْبِي) فإن الإنسان قد يعمل عملاً وهو يعرف من قلبه أنه كاره وقد يعمل ما يعرف من قلبه أنه راغب محب (وَحَتَّىٰ يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَيَّ ٱلزُّهْدُ فِي دُنْيَايَ) والنفرة عنها (وَحَتَّىٰ أَعْمَلَ الْحَسَنَاتِ شَوْقاً) أي: في حال كوني شائقاً إليها (وَآمَنَ مِنَ ٱلسَّيِّئٰاتٍ) بأن لا أعملها فآمن ويكون عدم عملي بها (فَرَقاً وَخَوْفاً) منها، لا لأنها محرمة فلا أعمل، بل لأني أخاف منها كما أخاف من الحيات والسباع.

ـــــــــــ

وَهَبْ لِي نُوراً أَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسٍ، وَأَهْتَدِي بِهِ فِي ٱلَّظُلُمٰاتِ، وَأَسْتَضِيءُ بِهِ مِنَ ٱلشَّكِّ وَٱلشُّبُهَاتِ، أَللّهُمَّ وَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱرْزُقْنِي خَوْفَ غَمِّ الْوَعِيدِ، وَشَوْقَ ثَوَابِ الْمَوْعُودِ، حَتَّىٰ أَجِدَ لَذَّةَ مَا أَدْعُوكَ لَهُ، وَكَآبَةَ مَا أَسْتَجِيرُ بِكَ مِنْهُ، أَللّهُمَّ قَدْ تَعْلَمُ مَا يُصْلِحُنِي مِنْ أَمْرِ دُنْيَايَ وَآخِرَتِي، فَكُنْ بِحَوَائِجِي حَفِيّاً،

ـــــــــــ

(وَهَبْ لِي نُوراً) أي: معرفة للأشياء، كالذي في النور، ليلاً، فإنه يمشي مستقيماً (أَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسٍ) فلا اصطدم بالمعاصي، كما لا يصطدم الذي له نور بالجدار ونحوه في الليل المظلم (وَأَهْتَدِي بِهِ فِي ٱلَّظُلُمٰاتِ) أي: ظلمات الجهل والضلالة (وَأَسْتَضِيءُ بِهِ) أي: أطلب الضياء بسبب ذلك النور (مِنَ ٱلشَّكِّ وَٱلشُّبُهَاتِ) حتى لا يبقى لدي شك وشبهة حول المعارف وما أشبه (أَللّهُمَّ وَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱرْزُقْنِي خَوْفَ غَمِّ الْوَعِيدِ) أي: أن أخاف من الغم والهم الذي يصيب الإنسان بالوعود السيئة حتى أخاف قلباً ذلك (وَشَوْقَ ثَوَابِ الْمَوْعُودِ) من الجنان والرضوان، حتى اشتاق إلى ذلك اشتياقاً (حَتَّىٰ أَجِدَ لَذَّةَ مَا أَدْعُوكَ لَهُ) فإن الإنسان لو سيطر على قلبه حب أحد وجد لذة في التكلم معه (وَكَآبَةَ) أي: هم (مَا أَسْتَجِيرُ بِكَ مِنْهُ) أي: النار والعقاب، حتى اكتئب واغتم خوفاً من النار (أَللّهُمَّ قَدْ تَعْلَمُ) (قد) للتحقيق كما هو كثير في المضارع أيضاً (مَا يُصْلِحُنِي مِنْ أَمْرِ دُنْيَايَ وَآخِرَتِي) وهو العمل الموجب للسعادتين (فَكُنْ) يا رب (بِحَوَائِجِي حَفِيّاً) أي: لطيفاً باراً يقال: أحفا فلان بصاحبه إذا أشفق عليه.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَٱرْزُقْنِي الْحَقَّ عِنْدَ تَقْصِيرِي فِي ٱلشُّكْرِ لَكَ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ وَٱلصِّحَةِ وَٱلسَّقْمِ، حَتَّىٰ أَتَعَرَّفَ مِنْ نَفْسِي رَوْحَ ٱلرِّضَا وَطُمَأْنيِنَةَ ٱلنَّفْسِ مِنِّي بِمَا يَجِبُ لَكَ فِي مَا يَحْدُثُ فِي حَالِ الْخَوْفِ وَٱلأَمْنِ، وَٱلرِّضَا وَٱلسُّخْطِ وَٱلضَّرِّ وَٱلنَّفْعِ،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَٱرْزُقْنِي الْحَقَّ) أي: العمل بالحق الذي هو الشكر لك (عِنْدَ تَقْصِيرِي فِي ٱلشُّكْرِ لَكَ) فإذا قصرت في الشكر ارزقني لأن أخرج من هذا التقصير (بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) متعلق بالشكر أي: شكر ما أنعمت علي من أقسام النعم (فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ وَٱلصِّحَةِ وَٱلسَّقْمِ) فإن لله سبحانه نعماً في كل حال من الأحوال وينبغي شكر تلك النعمة (حَتَّىٰ أَتَعَرَّفَ) أي: أعرف (مِنْ نَفْسِي رَوْحَ ٱلرِّضَا وَطُمَأْنيِنَةَ ٱلنَّفْسِ مِنِّي بِمَا يَجِبُ لَكَ) بأن تطمئن نفسي بالذي هو واجب لك أو تكون راضية بذلك، فإن كثرة الشكر في جميع الأحوال: تقرّب الإنسان إلى الله سبحانه، فتذهب من النفس حالة السخط والغضب إذ تعرف إن كل شيء منه سبحانه، وأن ما أصابها من العسر والسقم هو شيء طبيعي إذ لا حق لها على الله تعالى، بالإضافة إلى أن ذلك صلاح لها (فِي مَا يَحْدُثُ) الجار متعلق بـ[يجب] أي: يجب علي الشكر في جميع الأحوال الحادثة علي (فِي حَالِ الْخَوْفِ وَٱلأَمْنِ، وَٱلرِّضَا وَٱلسُّخْطِ) بسبب ما يزعجني الموجب لغضبي (وَٱلضَّرِّ وَٱلنَّفْعِ) فلا أترك شكرك في حال من الأحوال.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱرْزُقْنِي سَلاَمَةَ ٱلصَّدْرِ مِنْ الْحَسَدِ، حَتَّىٰ لاَ أَحْسُدَ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِنْ فَضْلِكَ، وَحَتَّىٰ لاَ أَرَىٰ نِعْمَةً مِنْ نِعَمِكَ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ فِي دِينٍ أَوْ دُنْياً أَوْ عَافِيَةٍ أَوْ تَقْوَىٰ أَوْ سَعَةٍ أَوْ رَخَاءٍ إِلاَّ رَجَوْتُ لِنَفْسِي أَفْضَلَ ذَلِكَ بِكَ وَمِنْكَ وَحْدَكَ لاَ شَريِكَ لَكَ،

ـــــــــــ

 (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱرْزُقْنِي سَلاَمَةَ ٱلصَّدْرِ مِنْ الْحَسَدِ) أي: نقاء القلب، فإن الصدر محل القلب (حَتَّىٰ لاَ أَحْسُدَ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ) والحسد عبارة عن ترقب زوال نعمة المحسود (عَلَىٰ شَيْءٍ مِنْ فَضْلِكَ) أنعمت بها عليهم (وَحَتَّىٰ لاَ أَرَىٰ نِعْمَةً مِنْ نِعَمِكَ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ فِي دِينٍ) بأن تفضلت عليه بالتوفيق للتقوى (أَوْ دُنْياً) بأن تفضلت عليه بالسعة في دنياه وما أشبه (أَوْ عَافِيَةٍ أَوْ تَقْوَىٰ أَوْ سَعَةٍ أَوْ رَخَاءٍ إِلاَّ رَجَوْتُ لِنَفْسِي أَفْضَلَ ذَلِكَ بِكَ) أي: بسببك (وَمِنْكَ) أي: آتياً ذلك إليّ من جنابك، وهذا من أفضل الصفات، بحيث يكون الإنسان طالباً الفضل من الله سبحانه، ويسمى بالغبطة (وَحْدَكَ لاَ شَريِكَ لَكَ) لا أن أرجو مَن سواك، أو بواسطة غيرك.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱرْزُقْنِي ٱلتَّحَفُّظَ مِنَ الْخَطَايَا، وَٱلإَحْتِرَاسَ مِنَ ٱلزَّلَلِ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ فِي حَالِ ٱلرِّضَا وَالْغَضَبِ، حَتَّىٰ أَكُونَ بِمَا يَرِدُ عَلَيَّ مِنْهُمَا بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ، عَامِلاً بِطَاعَتِكَ، مُؤْثِراً لِرِضَاكَ عَلَىٰ مَا سِوَاهُمَا فِي ٱلأَوْلِيَاءِ وَٱلأَعْدَاءِ، حَتَّىٰ يَأْمَنَ عَدُوِّي مِنْ ظُلْمِي وَجَوْرِي، وَيَيْأَسَ وَلِيِّي مِنْ مَيْلِي وَٱنْحِطَاطِ هَوَايَ، وَٱجْعَلْنِي مِمَّنْ يَدْعُوكَ مُخْلِصاً فِي ٱلرَّخَاءِ دُعَاءَ الْمُخْلِصِينَ الْمُضْطَرِّينَ لَكَ فِي ٱلدُّعَاءِ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

ـــــــــــ

 (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱرْزُقْنِي ٱلتَّحَفُّظَ) أي: أن أتحفظ نفسي (مِنَ الْخَطَايَا) جمع خطيئة (وَٱلإَحْتِرَاسَ) أي: الاحتراز والاجتناب (مِنَ ٱلزَّلَلِ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ) زلة الدنيا السقوط في المعصية، وزلة الآخرة السقوط في العقاب (فِي حَالِ ٱلرِّضَا وَالْغَضَبِ) فإنه كثيراً ما يزل الإنسان عن موازين الشريعة في حالة الغضب (حَتَّىٰ أَكُونَ بِمَا يَرِدُ عَلَيَّ مِنْهُمَا) أي: بالحالة التي توجد فيّ بسبب الرضا أو الغضب (بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ) أراقب الدين في كل حالة (عَامِلاً بِطَاعَتِكَ، مُؤْثِراً لِرِضَاكَ) أي: مقدماً رضاك (عَلَىٰ مَا سِوَاهُمَا) أي: سوى الطاعة والرضا (فِي ٱلأَوْلِيَاءِ وَٱلأَعْدَاءِ) لا أن أعطف على الأولياء أكثر من حقهم المقرر في الشريعة، أو أغضب على الأعداء بأكثر مما أباحته الشريعة من الغضب وتوابعه (حَتَّىٰ يَأْمَنَ عَدُوِّي مِنْ ظُلْمِي وَجَوْرِي) عليه (وَيَيْأَسَ وَلِيِّي مِنْ مَيْلِي) فيه (وَٱنْحِطَاطِ هَوَايَ) لأجله بل يعلم الكل أني أعمل الحق (وَٱجْعَلْنِي مِمَّنْ يَدْعُوكَ مُخْلِصاً فِي ٱلرَّخَاءِ) أي: في حالة السعة (دُعَاءَ الْمُخْلِصِينَ الْمُضْطَرِّينَ لَكَ فِي ٱلدُّعَاءِ) أي: كما أدعوك في حالة الاضطرار لا أنه أدعو إذا اضطررت، وأنسى الدعاء في الرخاء (إِنَّكَ حَمِيدٌ) محمود الصفات والأفعال (مَجِيدٌ) ذو مجد ورفعة وعظمة.