أفضل المواقع الشيعية

دعاء لأهل الثغور

 
السجادية

الدعاء مطابق للمصدر

الصحيفة
 

وكان من دعائه (عليه السلام) لأهل الثغور:

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَحَصِّنْ ثُغُورَ الْمُسْلِمِينَ بِعِزَّتِكَ، وَأَيِّدْ حُمَاتَهَا بِقُوَّتِكَ، وَأَسْبِغْ عَطَايَاهُمْ مِنْ جِدَتِكَ، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَكَثِّرْ عِدَّتَهُمْ، وَٱشْحَذْ أَسْلِحَتَهُمْ وَٱحْرُسْ حَوْزَتَهُمْ،

ـــــــــــ

الشرح: (الثغر): ما يلي دار الحرب، أو بعبارة اليوم: حدود البلاد التي يترصد فيها الجيش، لئلا يصل من الأعداء أذى إلى داخل البلاد.

(أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَحَصِّنْ) أي: قوّ، من الحصانة بمعنى التقوية والاحتفاظ (ثُغُورَ الْمُسْلِمِينَ) حتى لا يتمكن الأعداء من مهاجمة المسلمين وأذيتهم (بِعِزَّتِكَ) فإن العزيز الغالب في سلطانه يتمكن من التقوية والتعزيز (وَأَيِّدْ حُمَاتَهَا) أي: الذين يحمون الثغور ويحفظونها (بِقُوَّتِكَ) والتأييد: بمعنى التقوية ولا يخفى أن في الحماة كانوا مؤمنين كما أن فيهم من كان يجهل الحق فالدعاء لمثله في موقعه (وَأَسْبِغْ عَطَايَاهُمْ) أي: أوسع عليهم العطاء (مِنْ جِدَتِكَ) أي من غناك (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَكَثِّرْ عِدَّتَهُمْ) أي: عددهم (وَٱشْحَذْ أَسْلِحَتَهُمْ) أي: اجعل حدها قاطعاً سريع النفوذ (وَٱحْرُسْ) أي: احفظ (حَوْزَتَهُمْ) أي: جماعتهم.

ـــــــــــ

وَٱمْنَعْ حَوْمَتَهمْ وأَلِّفْ جَمْعَهُمْ، وَدَبِّرْ أَمْرَهُمْ، وَوَاتِرْ بَيْنَ مِيَرِهِمْ وَتَوَحَّدْ بِكِفايَةِ مُؤُنِهِمْ، وَٱعْضُدْهُمْ بِٱلنَّصْرِ، وَأَعِنْهُمْ بِٱلصَّبْرِ، وَالْطُفْ لَهُمْ فِي الْمَكْرِ، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَعَرِّفْهُمْ مَا يَجْهَلُونَ، وَعَلِّمْهُمْ مَا لاَ يَعْلَمُونَ وَبَصِّرْهُمْ مَا لاَ يُبْصِروُنَ،

ـــــــــــ

(وَٱمْنَعْ حَوْمَتَهمْ) أي: جماعتهم التي يحام حولها، امنعها عن وصول الأعداء (وأَلِّفْ جَمْعَهُمْ) حتى يتألف بعضهم ببعض (وَدَبِّرْ أَمْرَهُمْ) بأن يكون أمرهم ضد الأعداء بالتدبير والتخطيط (وَوَاتِرْ بَيْنَ مِيَرِهِمْ) جمع ميرة: وهي اعتياد الإنسان من الطعام والمأكل والمعنى اجعل أطعمتهم متصلة بعضها ببعض حتى لا يبقون بدون طعام ومأكل (وَتَوَحَّدْ بِكِفايَةِ مُؤُنِهِمْ) أي: أكفهم وحدك كي لا يحتاجوا إلى سواك (وَٱعْضُدْهُمْ بِٱلنَّصْرِ) أي: كن قوتهم وعضدهم في نصرك لهم (وَأَعِنْهُمْ بِٱلصَّبْرِ) حتى يصبروا على الأعداء بعونك (وَالْطُفْ لَهُمْ فِي الْمَكْرِ) بأن يمكروا للأعداء بلطفك، والمكر علاج الأمر بوجه خفي على العدو (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَعَرِّفْهُمْ مَا يَجْهَلُونَ) من أمور دينهم والأمور المرتبطة بالحرب وما أشبه (وَعَلِّمْهُمْ مَا لاَ يَعْلَمُونَ) ولعل المراد بالعلم: معرفة الكليات وبالمعرفة: الجزئيات، ولذا يقال: عرفت زيداً ولا يقال علمته (وَبَصِّرْهُمْ مَا لاَ يُبْصِروُنَ): أي أرهم مصالحهم التي لا يرونها بدون لطفك الخاص.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَنْسِهِمْ عِنْدَ لِقَائِهِمُ الْعَدُوَّ ذِكْرَ دُنْيَاهُمُ الْخَدَّاعَةِ الْغَروُرِ، وَٱمْحُ عَنْ قُلُوبِهِمْ خَطَرَاتِ الْمَالِ الْفَتُونِ، وَٱجْعَلِ الْجَنَّةَ نَصْبَ أَعْيُنِهِمْ، وَلَوِّحْ مِنْهَا لأَبْصَارِهِمْ مَا أَعْدَدْتَ فِيهَا مِنْ مَسَاكِنِ الْخُلْدِ وَمَنَازِلِ الْكَرَامَةِ وَالْحُورِ الْحِسَانِ وَٱلأَنْهَارِ الْمُطَّرِدَةِ بِأَنْوَاعِ ٱلأَشْرِبَةِ وَٱلأَشْجَارِ الْمُتَدَلِّيَةِ بِصُنُوفِ ٱلثَّمَرِ حَتَّىٰ لاَ يَهُمَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِٱلإِدْبَارِ،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَنْسِهِمْ عِنْدَ لِقَائِهِمُ الْعَدُوَّ ذِكْرَ دُنْيَاهُمُ الْخَدَّاعَةِ) أي: الكثيرة الخداع والكذب (الْغَروُرِ) التي تغر الإنسان، حتى لا يظنون بأنفسهم في الحرب لمحبتهم للدنيا (وَٱمْحُ عَنْ قُلُوبِهِمْ خَطَرَاتِ الْمَالِ الْفَتُونِ) أي: ما يخطر بقلبهم من حب المال الذي يفتنهم ويصرفهم عن الاقتحام في الحرب، لئلا يقتلوا فتفوتهم أموال الدنيا (وَٱجْعَلِ الْجَنَّةَ نَصْبَ أَعْيُنِهِمْ) أي: أمامهم حتى يرغبوا فيها (وَلَوِّحْ) أي: أشر (مِنْهَا) أي: من الجنة (لأَبْصَارِهِمْ) أي: عيون المجاهدين (مَا أَعْدَدْتَ فِيهَا مِنْ مَسَاكِنِ الْخُلْدِ) أي: المنازل الباقية للإنسان أبد الآبدين (وَمَنَازِلِ الْكَرَامَةِ) التي يكرم الإنسان فيها (وَالْحُورِ) جمع حوراء وهي المرأة البيضاء (الْحِسَانِ) جمع حسنة أي: الجميلة بدناً وأخلاقاً (وَٱلأَنْهَارِ الْمُطَّرِدَةِ) أي: الجارية التي يطرد بعضها بعضاً (بِأَنْوَاعِ ٱلأَشْرِبَةِ) فإن في أنهار الجنة الماء والعسل واللبن والخمر وغيرها (وَٱلأَشْجَارِ الْمُتَدَلِّيَةِ) أي: المتعلقة (بِصُنُوفِ ٱلثَّمَرِ) أي: أقسامه (حَتَّىٰ لاَ يَهُمَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِٱلإِدْبَارِ) بأن يريد الفرار عن الزحف.

ـــــــــــ

وَلاَ يُحَدِّثَ نَفْسَهُ عَنْ قِرْنِهِ بِفِرَارٍ، أَللّهُمَّ ٱفْلُلْ بِذَلِكَ عَدُوَّهُمْ وَٱقْلِمْ عَنْهُمْ أَظْفَارَهُمْ، وَفَرِّقْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَسْلِحَتِهِمْ وَٱخْلَعْ وَثَائِقَ أَفْئِدَتِهِمْ، وَبَاعِدْ بَيْنهُمْ وَبَيْنَ أَزْوِدَتِهِمْ وَحَيِّرْهُمْ فِي سُبُلِهِمْ، وَضَلِّلْهُمْ عَنْ وَجْهِهِمْ، وَٱقْطَعْ عَنْهُمْ الْمَدَدْ، وَٱنْقُصْ مِنْهُمُ الْعَدَدْ،

ـــــــــــ

(وَلاَ يُحَدِّثَ نَفْسَهُ عَنْ قِرْنِهِ) أي: الشجاع المقابل له في الحرب (بِفِرَارٍ) وعن قرنه، متعلق بالفرار أي: بالفرار عن قرنه (أَللّهُمَّ ٱفْلُلْ) أي: اكسر (بِذَلِكَ) الثبات للمسلمين (عَدُوَّهُمْ) المحارب لهم (وَٱقْلِمْ عَنْهُمْ أَظْفَارَهُمْ) فإن السبع لو قلم ظفره لم يتمكن من إيذاء الفريسة، وهذا كناية عن كسر شوكة الأعداء وتقليل قوتهم (وَفَرِّقْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَسْلِحَتِهِمْ) بابتعادهم عن الأسلحة حتى لا يتمكنوا من مقابلة المسلمين (وَٱخْلَعْ وَثَائِقَ أَفْئِدَتِهِمْ) أي: الأمور التي أحكمت قلوبهم من كثرة العدد ووفرة السلاح وما أشبه ذلك، ومعنى الخلع الفزع (وَبَاعِدْ بَيْنهُمْ وَبَيْنَ أَزْوِدَتِهِمْ) جمع زاد بمعنى طعام المسافر أي: بعد زادهم حتى لا يكون لهم زاد (وَحَيِّرْهُمْ فِي سُبُلِهِمْ) أي: طرقهم حتى لا يعلمون أي السبل أحسن لهم (وَضَلِّلْهُمْ عَنْ وَجْهِهِمْ) حتى إذا أرادوا وجهاً وجهته أعزفوا عنه إلى غير ما لا يفيدهم (وَٱقْطَعْ عَنْهُمْ الْمَدَدْ) الجيش ونحوه الذي يمدهم ويساعدهم (وَٱنْقُصْ مِنْهُمُ الْعَدَدْ) أي: عددهم بالموت أو الفرار أو المرض أو ما أشبه.

ـــــــــــ

وَٱمْلأْ أَفْئِدَتَهُمُ ٱلرُّعْبَ، وَٱقْبِضْ أَيْدِيَهُمْ عَنِ الْبَسْطِ، وَٱخْزِمْ أَلْسِنَتَهُمْ عَنِِ ٱلنُّطْقِ، وَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ، وَنَكِّلْ بِهِمْ مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَٱقْطَعْ بِخِزْيِهِمْ أَطْمَاعَ مَنْ بَعْدَهُمْ، أَللّهُمَّ عَقِّمْ أَرْحَامَ نِسَائِهِمْ وَيَبِّسْ أَصْلاَبَ رِجَالِهِمْ، وَٱقْطَعْ نَسْلَ دَوَابِّهِم وَأَنْعَامِهِمْ،

ـــــــــــ

(وَٱمْلأْ أَفْئِدَتَهُمُ) جمع فؤاد بمعنى القلب (ٱلرُّعْبَ) أي: الخوف من المسلمين (وَٱقْبِضْ أَيْدِيَهُمْ عَنِ الْبَسْطِ) حتى لا يتمكنوا من مد أيديهم لأذى المسلمين (وَٱخْزِمْ) أي: أخرس (أَلْسِنَتَهُمْ عَنِِ ٱلنُّطْقِ) حتى لا يتمكنوا أن ينطقوا ضد المسلمين (وَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) أي: بسبب فرار الأعداء الأباعد بواسطة تفريق هؤلاء المقتربين من ثغور المسلمين (وَنَكِّلْ بِهِمْ مَنْ وَرَاءَهُمْ) النكال بمعنى العذاب أي: عذب بسبب هؤلاء الذين وقع فيهم القتل والتشريد، الكفار الذين ورائهم، لأنهم يغتمون لتفريق ووقوع القتل والأسر فيهم (وَٱقْطَعْ بِـ) سبب (خِزْيِهِمْ) وانهزامهم (أَطْمَاعَ مَنْ بَعْدَهُمْ) من الكفار، فإن سائر الكفار إذا شاهدوا نكال هؤلاء قطع رجاؤهم في النيل من المسلمين (أَللّهُمَّ عَقِّمْ أَرْحَامَ نِسَائِهِمْ) حتى لا تحمل أولاداً يزيدون عدد الكفار (وَيَبِّسْ أَصْلاَبَ رِجَالِهِمْ) حتى لا يتكون فيها المني (وَٱقْطَعْ نَسْلَ دَوَابِّهِم) جمع دابة كالفرس وما أشبه (وَأَنْعَامِهِمْ) جمع نعم هي الإبل والبقر والغنم.

ـــــــــــ

لاَ تَأْذَنْ لِسَمَائِهِمْ فِي قَطْرٍ، وَلاَ لأَرْضِهِمْ فِي نَبَاتٍ، أَللّهُمَّ وَقَوِّ بِذَلِكَ مَحَالَّ أَهْلِ ٱلإِسْلاَمِ، وَحَصِّنْ بِهِ دِيَارَهُمْ، وَثَمِّرْ بِهِ أَمْوَالَهُمْ، وَفَرِّغْهُمْ عَنْ مُحَارَبَتِهِمْ لِعِبَادَتِكَ، وَعَنْ مُنَابَذَتِهِمْ لِلْخَلْوَةِ بِكَ حَتَّىٰ لاَ يُعْبَدَ فِي بِقَاعِ ٱلأَرْضِ غَيْرُكَ، وَلاَ تُعَفِّرَ لأَحَدٍ مِنْهُمْ جَبْهَةٌ دُونَكَ، أَللّهُمَّ ٱغْزُ بِكُلِّ نَاحِيَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَىٰ مَنْ بِإِزَائِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ،

ـــــــــــ

(لاَ تَأْذَنْ) يا رب (لِسَمَائِهِمْ فِي قَطْرٍ) أي: إمطار المطر (وَلاَ لأَرْضِهِمْ فِي نَبَاتٍ) أي: إخراج عشب (أَللّهُمَّ وَقَوِّ بِذَلِكَ) الذي تفعل بالكفار من الضعف (مَحَالَّ أَهْلِ ٱلإِسْلاَمِ) أي: قوتهم وشدتهم (وَحَصِّنْ بِهِ) أي: بضعف الكفار (دِيَارَهُمْ) فإن ضعف الأعداء يوجب قوة المسلمين (وَثَمِّرْ بِهِ أَمْوَالَهُمْ) لأن الأسواق تبقى للمسلمين إذا ضعف الكفار بعدم المطر وما أشبه (وَفَرِّغْهُمْ عَنْ مُحَارَبَتِهِمْ) بأن تكبت الأعداء حتى يفرغ المسلمون عن محاربتهم ولا يحتاجون إلى ذك (لِعِبَادَتِكَ) فيكون للمسلمين الوقت الكافي للطاعة والعبادة (وَعَنْ مُنَابَذَتِهِمْ) أي: مضاربتهم ومحاربتهم (لِلْخَلْوَةِ بِكَ) في حال العبادة آناء الليل وأطراف النهار (حَتَّىٰ لاَ يُعْبَدَ فِي بِقَاعِ ٱلأَرْضِ) جمع بقعة بمعنى القطعة (غَيْرُكَ) من الأصنام وما أشبه (وَلاَ تُعَفِّرَ لأَحَدٍ مِنْهُمْ جَبْهَةٌ دُونَكَ) بأن يكون كل تعفير وسجود على الأرض لأجلك لا لسواك (أَللّهُمَّ ٱغْزُ بِكُلِّ نَاحِيَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) الغزو: هو الجهاد والهجوم على العدو (عَلَىٰ مَنْ بِإِزَائِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) حتى يهاجم كل طرف من بلاد الإسلام على من في قباله من بلاد الكفر.

ـــــــــــ

وَأَمْدِدْهُمْ بِمَلاَئِكَةٍ مِنْ عِنْدِكَ مُرْدِفِينَ حَتَّىٰ يَكْشِفُوهُمْ إِلَىٰ مُنْقَطَعِ ٱلتُّرَابِ قَتْلاً فِي أَرْضِكَ وَأَسْراً، أَوْ يُقِرُّوا بِأَنَّكَ أَنْتَ اللهُ ٱلَّذِي لاَ إِلـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، أَللّهُمَّ وَٱعْمُمْ بِذَلِكَ أَعْدَاءَكَ فِي أَقْطَارِ الْبِلاَدِ مِنَ الْهِنْدِ وَٱلرُّومِ وَٱلتُّرْكِ وَالْخَزَرِ وَالْحَبَشِ وَٱلنُّوبَةِ وَٱلزَّنْجِ وٱلسَّقَالِبَةِ وَٱلدَّيَالِمَةِ وَسَائِرَ أُمَمِ، ٱلشِّرْكِ ٱلَّذِينَ تَخْفَىٰ أَسْمَاؤُهُمْ، وَصِفَاتُهُمْ،

ـــــــــــ

(وَأَمْدِدْهُمْ بِمَلاَئِكَةٍ مِنْ عِنْدِكَ مُرْدِفِينَ) بعض أولئك الملائكة رديف بعض وفي عقبهم (حَتَّىٰ يَكْشِفُوهُمْ) أي: يهزموا الكفار (إِلَىٰ مُنْقَطَعِ ٱلتُّرَابِ) أي: المحل الذي تخلص الأرض وتصل إلى البحر أو المراد أقاصي البلاد، يقتلونهم (قَتْلاً فِي أَرْضِكَ وَأَسْراً) لمن بقي منهم (أَوْ يُقِرُّوا بِأَنَّكَ أَنْتَ اللهُ ٱلَّذِي لاَ إِلـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ) بأن يصيروا مسلمين (أَللّهُمَّ وَٱعْمُمْ بِذَلِكَ) الذي طلبت منك من نصرة المسلمين وخذل الكفار (أَعْدَاءَكَ) جميعاً (مِنَ الْهِنْدِ وَٱلرُّومِ وَٱلتُّرْكِ وَالْخَزَرِ) وهم قسم من الترك سموا بذلك لضيق أعينهم، إذ الخزر بمعنى ضيق العين (وَالْحَبَشِ وَٱلنُّوبَةِ وَٱلزَّنْجِ) قسم من السودان في أطراف خط الاستواء (وٱلسَّقَالِبَةِ) وهم قريبون من بلاد المغرب (وَٱلدَّيَالِمَةِ) بلاد مازندران فإن هؤلاء كانوا كفاراً إلى زمان الإمام (عليه السلام) وإنما دخلوا في الإسلام بعد ذلك تدريجاً (وَسَائِرَ أُمَمِ، ٱلشِّرْكِ ٱلَّذِينَ تَخْفَىٰ أَسْمَاؤُهُمْ، وَصِفَاتُهُمْ) انصر المسلمين على جميعهم يا رب.

ـــــــــــ

وَقَدْ أَحْصَيْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ وَأَشْرَفْتَ عَلَيْهِمَ بِقُدْرَتِكَ، أَللّهُمَّ ٱشْغَلِ الْمُشْرِكِينَ بِالْمُشْرِكِينَ عَنْ تَنَاوُلِ أَطْرَافِ الْمُسْلِمِينَ، وَخُذْهُمْ بِٱلنَّقْصِ عَنْ تَنَقُّصِهِمْ، وَثَبِّطْهُمْ بِالْفُرْقَةِ عَنِ ٱلإِحْتِشَادِ عَلَيْهِمْ، أَللّهُمَّ أَخْلِ قُلُوبَهُمْ مِنَ ٱلأَمَنَةِ، وَأَبْدَانَهُمْ مِنَ الْقُوَّةِ وَأَذْهِلْ قُلُوبَهُمْ عَنِ ٱلإَحْتِيَالِ، وَأَوْهِنْ أَرْكَانَهُمْ عَنْ مُنَازَلَةَ ٱلرِّجَالِ وَجَبِّنْهُمْ عَنْ مُقَارَعَةِ ٱلأَبْطَالِ،

ـــــــــــ

(وَقَدْ أَحْصَيْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِكَ) أي: بعلمك الواسع (وَأَشْرَفْتَ عَلَيْهِمَ) أي: قدرت عليهم (بِقُدْرَتِكَ) الشاملة (أَللّهُمَّ ٱشْغَلِ الْمُشْرِكِينَ بِالْمُشْرِكِينَ) بأن يحارب بعضهم بعضأ (عَنْ تَنَاوُلِ أَطْرَافِ الْمُسْلِمِينَ) حتى ينشغلوا من أذى المسلمين وتناولهم بالحرب (وَخُذْهُمْ) أي: المشركين (بِٱلنَّقْصِ عَنْ تَنَقُّصِهِمْ) أي: انقص المشركين حتى لا يتمكنوا من تنقيص المسلمين بقتل رجالهم وأسر نسائهم ونهب أموالهم (وَثَبِّطْهُمْ) أي: فل عزيمتهم (بِالْفُرْقَةِ) بأن تفرق كلمتهم (عَنِ ٱلإِحْتِشَادِ) والاجتماع (عَلَيْهِمْ) أي: على المسلمين (أَللّهُمَّ أَخْلِ قُلُوبَهُمْ مِنَ ٱلأَمَنَةِ) حتى يكون قلبهم مرعوباً من المسلمين والأمنة بمعنى الأمن (وَأَبْدَانَهُمْ مِنَ الْقُوَّةِ) حتى لا يكون لهم قوة المقاومة (وَأَذْهِلْ قُلُوبَهُمْ) أي: اغفلها (عَنِ ٱلإَحْتِيَالِ) ضد المسلمين (وَأَوْهِنْ أَرْكَانَهُمْ) أي: أطرافهم كاليد والرجل (عَنْ مُنَازَلَةَ ٱلرِّجَالِ) أي: محاربة رجال المسلمين (وَجَبِّنْهُمْ) أي: ألق الجبن والخوف في قلوبهم (عَنْ مُقَارَعَةِ ٱلأَبْطَالِ) أي: محاربتهم وذلك لأن كل محارب يقرع الآخر بسيفه ورمحه وما أشبه.

ـــــــــــ

وَٱبْعَثْ عَلَيْهِمْ جُنْداً مَنْ مَلاَئِكَتِكَ بِبَأْسٍ مِنْ بَأْسِكَ كَفِعْلِكَ يَوْمَ بَدْرٍ، تَقْطَعْ بِهِ دَابِرَهُمْ وَتَحْصُدُ بِهِ شَوْكَتَهُمْ، وَتُفَرِّقْ بِهِ عَدَدَهُمْ، أَللّهُمَّ وَٱمْزُجْ مِيَاهَهُمْ بِالْوَبَاءِ وَأَطْعِمَتَهُمْ بِٱلأَدْوَاءِ، وَٱرْمِ بِلاَدَهُمْ بِالْخُسُوفِ، وَأَلِحَّ عَلَيْهَا بِالْقُذُوفِ، وَٱفْرَعْهَا بِالْمُحُولِ،

ـــــــــــ

(وَٱبْعَثْ عَلَيْهِمْ جُنْداً مَنْ مَلاَئِكَتِكَ بِبَأْسٍ) وشدة (مِنْ بَأْسِكَ) أي: من الشدة التي هي من عندك (كَفِعْلِكَ) بالكفار (يَوْمَ بَدْرٍ) حيث أنزلت على المسلمين الملائكة فأخذوا يحاربون الكفار (تَقْطَعْ بِهِ) أي: بالجند من الملائكة (دَابِرَهُمْ) أي: عقبهم ومن بقي منهم حتى لا يبقى منهم أحد (وَتَحْصُدُ بِهِ شَوْكَتَهُمْ) أي: عزهم وجاههم، كما تحصد العشب (وَتُفَرِّقْ بِهِ عَدَدَهُمْ) حتى لا يكونوا مجتمعين ضد المسلمين (أَللّهُمَّ وَٱمْزُجْ مِيَاهَهُمْ بِالْوَبَاءِ) فإن جراثيم الوباء تأتي إلى الماء فمن شرب منه تمرض به (وَأَطْعِمَتَهُمْ بِٱلأَدْوَاءِ) جمع داء أي: الأمراض، فإن الجراثيم قد تدخل الأطعمة فمن أكل منها مرض (وَٱرْمِ بِلاَدَهُمْ بِالْخُسُوفِ) أي: بأن تخسف في الأرض (وَأَلِحَّ عَلَيْهَا بِالْقُذُوفِ) أي: أكثر عليها بالرمي بالبلايا والخراب، جمع قذف، كأن المرض شيء يقذف ويرمى إليهم وكذا سائر أقسام البلاء (وَٱفْرَعْهَا) أي: فرقها (بِالْمُحُولِ) جمع محل بمعنى الجدب والقحط، فإن البلاد إذا أجدبت تفرق أهلها.

ـــــــــــ

وَٱجْعَلْ مِيَرَهُمْ فِي أَحَصِّ أَرْضِكَ وَأَبْعَدِهَا عَنْهُمْ، وَٱمْنَعْ حُصُونَهَا مِنْهُمْ، أَصِبْهُمْ بِالْجُوعِ الْمُقِيمِ وَٱلسُّقْمِ ٱلأَلِيمِ، أَللّهُمَّ وَأَيُّمَا غَازٍ غَزَاهُمْ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكَ أَوْ مُجَاهِدٍ جَاهَدَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ سُنَّتِكَ، لِيَكُونَ دِينُكَ ٱلأَعْلَىٰ وَحِزْبُكَ ٱلأَقْوَىٰ، وَحَظُّكَ ٱلأَوْفَىٰ، فَلَقِّهِ الْيُسْرَ، وَهَيِّئْ لَهُ ٱلأَمْرَ، وَتَوَلَّهُ بِٱلنُّجْحِ، وَتَخَيَّرْ لَهُ ٱلأَصْحَابَ، وَٱسْتَقْوِ لَهُ ٱلظَّهْرَ، وَأَسْبِغْ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّفَقَةِ،

ـــــــــــ

(وَٱجْعَلْ مِيَرَهُمْ) جمع ميرة بمعنى الطعام (فِي أَحَصِّ أَرْضِكَ) أي: أخلاها من العشب والنبات، وهذا كناية من قلة الطعام (وَأَبْعَدِهَا عَنْهُمْ) حتى تكلفهم كثيراً في نقلها ويصعب عليهم أمرها (وَٱمْنَعْ حُصُونَهَا مِنْهُمْ) أي: امنع حصون الأرض من أن يصلوا إليها ويتحصنوا بها، (أَصِبْهُمْ) من الإصابة بمعنى الإيصال (بِالْجُوعِ الْمُقِيمِ) فيهم (وَٱلسُّقْمِ) أي: المرض (ٱلأَلِيمِ) أي: المؤلم (أَللّهُمَّ وَأَيُّمَا غَازٍ غَزَاهُمْ) ومحارب حاربهم (مِنْ أَهْلِ مِلَّتِكَ) أي: أهل دينك (أَوْ مُجَاهِدٍ جَاهَدَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ سُنَّتِكَ) أي: التابعين لدينك وسنتك والمراد بها الإسلام (لِيَكُونَ دِينُكَ ٱلأَعْلَىٰ وَحِزْبُكَ ٱلأَقْوَىٰ، وَحَظُّكَ ٱلأَوْفَىٰ) والأكثر من سائر الحظوظ، أي: كان قصد الغازي والمجاهد ترفيع كلمة الإسلام (فَلَقِّهِ الْيُسْرَ) أي: يسر له الأمر (وَهَيِّئْ لَهُ ٱلأَمْرَ) في جهاده وغزوه (وَتَوَلَّهُ بِٱلنُّجْحِ) أي: انجح أمره وجهاده (وَتَخَيَّرْ لَهُ ٱلأَصْحَابَ) أي: اختر له أصحاباً يساعدونه في جهاده وغزوه (وَٱسْتَقْوِ لَهُ ٱلظَّهْرَ) أي: قوّ ظهره (وَأَسْبِغْ عَلَيْهِ فِي ٱلنَّفَقَةِ) بأن تكون نفقته واسعة زائدة.

ـــــــــــ

وَمَتِّعْهُ بِٱلنَّشَاطِ، وَأَطْفِ عَنْهُ حَرَارَةَ ٱلشَّوْقِ وَأَجِرْهُ مِنْ غَمِّ الْوَحْشَةِ، وَأَنْسِهِ ذِكْرَ ٱلأَهْلِ وَالْوَلَدِ، وَأْثُرْ لَهُ حُسْنَ ٱلنِّيَّةِ، وَتَوَلَّهُ بِالْعَافِيَةِ، وَٱصْحِبْهُ ٱلسَّلاَمَةَ، وَأَعْفِهِ مِنَ ألْجُبْنِ، وَأَلْهِمْهُ الْجُرْأَةَ، وَٱرْزُقْهُ ٱلشِّدَّةَ، وَأَيِّدْهُ بِٱلنُّصْرَةِ، وَعَلِّمْهُ ٱلسِّيَرَ وَٱلسُّنَنَ وَسَدِّدْهُ فِي الْحُكْمِ، وَٱعْزِلْ عَنْهُ ٱلرِّيَاءَ،

ـــــــــــ

(وَمَتِّعْهُ بِٱلنَّشَاطِ) بأن يكون نشيطاً في جهاده ومحاربته (وَأَطْفِ عَنْهُ حَرَارَةَ ٱلشَّوْقِ) بأن لا تضره حرارة باطنه فإن أكثر ما يضر المزاج حرارة الاشتياق (وَأَجِرْهُ) أي: احفظه (مِنْ غَمِّ الْوَحْشَةِ) أي: الحزن الذي ينتاب الإنسان المستوحش فإن في الجهاد وحشة وهولاً (وَأَنْسِهِ ذِكْرَ ٱلأَهْلِ وَالْوَلَدِ) حتى لا يذكرهم فيهتم ويغتم لذلك (وَأْثُرْ) من الإيثار بمعنى الاختيار (لَهُ حُسْنَ ٱلنِّيَّةِ) حتى تكون نيته نية حسنة توجب الثواب (وَتَوَلَّهُ بِالْعَافِيَةِ) بأن تعافيه من الأمراض النفسية والبدنية (وَٱصْحِبْهُ ٱلسَّلاَمَةَ) حتى يذهب ويرجع سالماً (وَأَعْفِهِ مِنَ ألْجُبْنِ) أي: بعده عنه حتى لا يجبن (وَأَلْهِمْهُ الْجُرْأَةَ) بأن يكون جريئاً في الإقدام والمحاربة (وَٱرْزُقْهُ ٱلشِّدَّةَ) فيكون شديداً على الأعداء (وَأَيِّدْهُ) أي: قوه (بِٱلنُّصْرَةِ) بأن تنصره على أعدائه (وَعَلِّمْهُ ٱلسِّيَرَ وَٱلسُّنَنَ) السير جمع سيرة وهي الكيفية التي سار عليها النبي (صلى الله عليه وآله) في مختلف أموره، والسنن جمع سنّة وهي الأحكام الإسلامية (وَسَدِّدْهُ فِي الْحُكْمِ) حتى إذا حكم يكون حاكماً بالعدل والحق (وَٱعْزِلْ عَنْهُ ٱلرِّيَاءَ) حتى لا يكون مرائياً في أعماله وجهاده.

ـــــــــــ

وَخَلِّصْهُ مِنَ الْسُّمْعَةِ، وَٱجْعَلْ فِكْرَهُ وذِكْرَهُ وَظَعْنَهُ وَإِقَامَتَهُ فِيكَ وَلَكَ، فَإِذَا صَآفَّ عَدُوَّكَ وَعَدُوَّهُ فَقَلِّلْهُمْ فِي عَيْنِهِ، وَصَغِّرْ شَأْنَهُمْ فِي قَلْبِهِ، وَأَدِلْ لَهُ مِنْهُمْ وَلاَ تُدِلْهُمْ مِنْهُ، فَإِنْ خَتَمْتَ لَهُ بِٱلسَّعَادَةِ، وَقَضَيْتَ لَهُ بِٱلشَّهَادَةِ، فَبَعْدَ أَنْ يَجْتَاحَ عَدُوَّكَ بِالْقَتْلِ، وَبَعْدَ أَنْ يَجْهَدَ بِهِمُ ٱلأَسْرُ، وَبَعْدَ أَنْ تَأْمَنَ أَطْرَافُ الْمُسْلِمِينَ، وَبَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ عَدُوَّكَ مُدْبِرِينَ،

ـــــــــــ

(وَخَلِّصْهُ مِنَ الْسُّمْعَةِ) حتى لا يعمل لأجل أن يسمع الناس به فيمدحوه (وَٱجْعَلْ فِكْرَهُ وذِكْرَهُ وَظَعْنَهُ) أي: سفره (وَإِقَامَتَهُ فِيكَ) أي: في رضاك (وَلَكَ) أي: لأجلك (فَإِذَا صَآفَّ عَدُوَّكَ وَعَدُوَّهُ) أي: وقف في الصف المقابل له (فَقَلِّلْهُمْ) أي: الأعداء (فِي عَيْنِهِ) فإن الإنسان إذا رأى العدو قليلاً تجرأ في محاربته أكثر (وَصَغِّرْ شَأْنَهُمْ فِي قَلْبِهِ) حتى لا يرى لهم شأناً يذكر فيخاف منهم (وَأَدِلْ لَهُ مِنْهُمْ) أي: غلبه عليهم، فيقال أدال له، أي: أعطاه الدولة (وَلاَ تُدِلْهُمْ مِنْهُ) أي: لا تأخذ الدولة من هذا الشخص للأعداء (فَإِنْ خَتَمْتَ لَهُ بِٱلسَّعَادَةِ) بأن سعد في آخر عمره حيث قتل (وَقَضَيْتَ لَهُ بِٱلشَّهَادَةِ) وسمي الشهيد شهيداً لحضور ملائكة الرحمة عنده أو غير ذلك مما ذكروه (فَـ) افعل ذلك به (بَعْدَ أَنْ يَجْتَاحَ عَدُوَّكَ بِالْقَتْلِ) الاجتياح القتل والاستئصال (وَبَعْدَ أَنْ يَجْهَدَ بِهِمُ ٱلأَسْرُ) بأن يتعبوا في أسرهم (وَبَعْدَ أَنْ تَأْمَنَ أَطْرَافُ الْمُسْلِمِينَ) أي: أطراف بلادهم (وَبَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ عَدُوَّكَ مُدْبِرِينَ) منهزمين ولا يخفى أن إفراد [يولي] باعتبار اللفظ والإتيان بـ[مدبرين] جمعاً باعتبار المعنى إذ المراد بالعدو: جنسه.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ خَلَفَ غَازِياً أَوْ مُرَابِطاً فِي دَارِهِ، أَوْ تَعَهَّدَ خَالِفِيهِ فِي غَيْبَتِهِ، أَوْ أَعَانَهُ بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِهِ، أَوْ أَمَدَّهُ بِعِتَادٍ، أَوْ شَحَذَهُ عَلَىٰ جِهَادٍ، أَوْ أَتْبَعَهُ فِي وَجْهِهِ دَعْوَةً، أَوْ رَعَىٰ لَهُ مِنْ وَرَآئِهِ حُرْمَةً، فَأَجِْر لَهُ مِثْلَ أَجْرِهِ وَزْناً بِوَزْنٍ وَمِثْلاً بِمِثْلٍ،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ خَلَفَ غَازِياً) أي: تخلف من بعده بأن صار خليفةً مجاهداً في سبيل الله (أَوْ) خلف (مُرَابِطاً) وهو الذي يذهب إلى الثغر ليبقى فيه ناظراً إلى أعمال العدو (فِي دَارِهِ) كأن بقي زيد خليفة في دار عمرو المجاهد أو المرابط (أَوْ تَعَهَّدَ خَالِفِيهِ) أي: من خلف المجاهد ورائه كأن تعهد زيد أهل عمرو المجاهد (فِي غَيْبَتِهِ) أي: في حال غيبة المجاهد وابتعاده عن أهله (أَوْ أَعَانَهُ) أي: أعان المجاهد أو المرابط (بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِهِ) أي: بجملة منه (أَوْ أَمَدَّهُ بِعِتَادٍ) العدة الحربية والآلة (أَوْ شَحَذَهُ) أي: ساقه (عَلَىٰ جِهَادٍ) العدو (أَوْ أَتْبَعَهُ فِي وَجْهِهِ دَعْوَةً) بأن دعا له أمام وجهه وقبل ذهابه، بالنصرة وغيرها (أَوْ رَعَىٰ لَهُ مِنْ وَرَآئِهِ) بعد ذهاب المجاهد (حُرْمَةً) كأن رد الاغتياب عنه أو نحو ذلك (فَأَجِْر) أي: أعط يا رب الأجر (لَهُ) أي: هذا الذي فعل بالمجاهد أحد تلك الأفعال التي ذكرناها (مِثْلَ أَجْرِهِ) أي: مثل أجر ذلك المجاهد (وَزْناً بِوَزْنٍ وَمِثْلاً بِمِثْلٍ) حتى يكون أجره على قدر عمله.

ـــــــــــ

وَعَوِّضْهُ مِنْ فِعْلِهِ عِوَضَاً حَاضِراً يَتَعَجَّلُ بِهِ نَفْعُ مَا قَدَّمَ وَسُرُورَ مَا أَتَىٰ بِهِ، إِلَىٰ أَنْ يَنْتَهِيَ بِهِ الْوَقْتُ إِلَىٰ مَا أَجْرَيْتَ لَهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَأَعْدَدْتَ لَهُ مِنْ كَرَامَتِكَ، أَللّهُمَّ وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ أَهَمَّهُ أَمْرُ ٱلإِسْلاَمِ وَأَحْزَنَهُ تَحَزُّبُ أَهْلِ ٱلشِّرْكِ عَلَيْهِمْ فَنَوَىٰ غَزْواً، أَوْ هَمَّ بِجِهَادٍ فَقَعَدَ بِهِ ضَعْفٌ، أَوْ أَبْطَأَتْ بِهِ فَاقَةٌ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ حَادِثٌ، أَوْ عَرَضَ لَهُ دُونَ إِرَادَتِهِ مَانِعٌ،

ـــــــــــ

(وَعَوِّضْهُ) يا رب (مِنْ فِعْلِهِ) الذي فعل بهذا المجاهد (عِوَضَاً حَاضِراً) في الدنيا (يَتَعَجَّلُ بِهِ نَفْعُ مَا قَدَّمَ) يقال تعجل به، إذا أخذه بسرعة أي: يأخذ بسرعة فائدة العمل الذي قدمه إلى آخرته، إلى خدمة المجاهد ليوجب أجر الآخرة (وَ) يتعجل به (سُرُورَ مَا أَتَىٰ بِهِ) أي: يأخذ بعض سرور عمله، هنا في الدنيا، قبل الآخرة ويبقى هذا النفع والسرور لديه (إِلَىٰ أَنْ يَنْتَهِيَ بِهِ الْوَقْتُ إِلَىٰ) الآخرة التي فيها (مَا أَجْرَيْتَ لَهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَأَعْدَدْتَ لَهُ مِنْ كَرَامَتِكَ) من الثواب والأجر (أَللّهُمَّ وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ أَهَمَّهُ أَمْرُ ٱلإِسْلاَمِ) وتقدمه على الأديان الأخرى (وَأَحْزَنَهُ تَحَزُّبُ أَهْلِ ٱلشِّرْكِ) واجتماعهم (عَلَيْهِمْ) أي: على المسلمين (فَنَوَىٰ غَزْواً، أَوْ هَمَّ بِجِهَادٍ) ولا يخفى أن مفهوم الجهاد أعم من مفهوم الغزو، وإن كان تقابلهما يوجب صرف الغزو إلى قسم ضعيف من الجهاد والجهاد إلى قسم أقوى (فَقَعَدَ بِهِ ضَعْفٌ) لم يقدر معه على الخروج (أَوْ أَبْطَأَتْ بِهِ فَاقَةٌ) أي: فقر (أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ) أي: عن الغزو أو الجهاد (حَادِثٌ) حدث له (أَوْ عَرَضَ لَهُ دُونَ إِرَادَتِهِ) أي: قبل وصوله إلى إرادته (مَانِعٌ) فلم يتمكن من الجهاد.

ـــــــــــ

فَأْكْتُبِ ٱسْمَهُ فِي الْعَابِدِينَ، وَأَوْجِبْ لَهُ ثَوَابَ الْمَجَاهِدِينَ وَٱجْعَلْهُ فِي نِظَامِ ٱلشُّهَدَاءِ وَٱلصَّالِحِينَ، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَآَلِ مُحَمَّدٍ، صَلاَةً عَالِيَةً عَلَىٰ ٱلصَّلَوَاتِ، مُشْرِفَةً فَوْقَ ٱلتَّحِيَّاتِ، صَلاَةً لاَ يَنْتَهِي أَمَدُهَا، وَلاَ يَنْقَطِعُ عَدَدُهَا، كَأَتَمِّ مَا مَضَىٰ مِنْ صَلَوَاتِكَ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِكَ، إِنَّكَ الْمَنَّانُ الْحَمِيدُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ ٱلفَعَّالُ لِمَا تُريِدُ.

ـــــــــــ

(فَأْكْتُبِ) اللهم (ٱسْمَهُ فِي الْعَابِدِينَ) الذين عبدوا لك فإن الجهاد من أفضل أقسام العبادة (وَأَوْجِبْ لَهُ ثَوَابَ الْمَجَاهِدِينَ وَٱجْعَلْهُ فِي نِظَامِ ٱلشُّهَدَاءِ وَٱلصَّالِحِينَ) لأنه عقد قلبه على الجهاد وقد ورد أن نية الخير خير من عمله (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَ) صلِّ على (آَلِ مُحَمَّدٍ، صَلاَةً عَالِيَةً عَلَىٰ ٱلصَّلَوَاتِ) بأن تكون أشرف من سائر أنحاء عطفك ورحمتك على غيرهم من الناس (مُشْرِفَةً فَوْقَ ٱلتَّحِيَّاتِ) من [حياة] أصله بمعنى حيا، ثم استعمل في مطلق الترحيب والتكرمة لدى الملاقات (صَلاَةً لاَ يَنْتَهِي أَمَدُهَا) أي: امتدادها (وَلاَ يَنْقَطِعُ عَدَدُهَا) لكثرة أعدادها (كَأَتَمِّ مَا مَضَىٰ مِنْ صَلَوَاتِكَ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْ أَوْلِيَائِكَ) يعني تكون هذه الصلاة على الرسول وآله على غرار تلك الصلاة الأتم (إِنَّكَ الْمَنَّانُ الْحَمِيدُ) أي: ذو المنة، المحمود في إنعامه (الْمُبْدِئُ) الذي تبدي كل شيء وتوجده (الْمُعِيدُ) الذي تعيد الإنسان بعد فنائه، أو هو مطلق بالنسبة إلى إعادة كل شيء يعاد بعد فنائه (ٱلفَعَّالُ لِمَا تُريِدُ) فكل شيء تريده تفعله، لا يمتنع عليك شيء.