أفضل المواقع الشيعية

دعاء متفزعاً إلى الله عز وجل

 
السجادية

الدعاء مطابق للمصدر

الصحيفة
 

وكان من دعائه (عليه السلام) متفزعاً إلى الله عز وجل:

أَللّهُمَّ إِنِّي أَخْلَصْتُ بِٱنْقِطَاعِي إِلَيْكَ، وَأَقْبَلْتُ بِكُلِّي عَلَيْكَ، وَصَرَفْتُ وَجْهِي عَمَّنْ يَحْتَاجُ إِلَىٰ رِفْدِكَ، وَقَلَبْتُ مِسْأَلَتِي عَمَّنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ فَضْلِكَ، وَرَأَيْتُ أَنَّ طَلَبَ الْمُحْتَاجِ إِلَىٰ الْمُحْتَاجِ سَفَهٌ مِنْ رَأْيِهِ وَضَلَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ، فَكَمْ قَدْ رَأَيْتُ يَا إِلَهِي مِنْ أُنَاسٍ طَلَبُوا الْعِزَّ بِغَيْرِكَ فَذَلَّوُا،

ـــــــــــ

الشرح: (أَللّهُمَّ إِنِّي أَخْلَصْتُ بِٱنْقِطَاعِي إِلَيْكَ) أي: أني مقبل عليك بكلي لا أشرك معك غيرك في الإقبال والتوجه (وَأَقْبَلْتُ بِكُلِّي) أي: كل قلبي (عَلَيْكَ) في الاستكانة والضراعة (وَصَرَفْتُ وَجْهِي عَمَّنْ يَحْتَاجُ إِلَىٰ رِفْدِكَ) أي: عن الخلق الذين يحتاجون إلى عطائك، فكيف أصرف وجهي إلى المحتاج (وَقَلَبْتُ) من القلب بمعنى الصرف (مِسْأَلَتِي) أي: سؤالي (عَمَّنْ لَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ فَضْلِكَ) فما سألت منه شيئاً (وَرَأَيْتُ أَنَّ طَلَبَ الْمُحْتَاجِ إِلَىٰ الْمُحْتَاجِ سَفَهٌ مِنْ رَأْيِهِ) إذ المسؤول كالسائل في الاحتياج وإنما اللازم أن يسأل الإنسان غير المحتاج (وَضَلَّةٌ) أي: ضلال وانحراف (مِنْ عَقْلِهِ) حيث ترك الغني وسأل المحتاج الذي هو مثله (فَكَمْ قَدْ رَأَيْتُ يَا إِلَهِي مِنْ أُنَاسٍ طَلَبُوا الْعِزَّ بِغَيْرِكَ فَذَلَّوُا) [كم] للتكثير و[من] بيان [لكم].

ـــــــــــ

وَرَامُوا ٱلثَّرْوَةَ مِنٍ سِوَاكَ فَٱفْتَقَرُوا، وَحَاوَلوُا ٱلإِرْتِفَاعَ فَٱتَّضَعُوا، فَصَحَّ بِمُعَايَنَةِ أَمْثَالِهِمْ حَازِمٌ وَفَّقَهُ ٱعْتِبَارُهُ، وَأَرْشَدَهُ إِلَىٰ طَرِيقِ صَوَابِهِ بِاخْتِبَارُهُ، فَأَنْتَ يَا مَوْلاَيَ دُونَ كُلِّ مَسْؤُولٍ مَوْضِعُ مَسْأَلَتِي، وَدُونَ كُلِّ مَطْلُوبٍ إِلَيْهِ وَلِيُّ حَاجَتِي، أَنْتَ الْمَخْصُوصُ قَبْلَ كُلِّ مَدْعُوٍّ بِدَعْوَتِي لاَ يَشْرَكُكَ أَحَدٌ فِي رَجَائِي،

ـــــــــــ

(وَرَامُوا) أي: قصدوا (ٱلثَّرْوَةَ) أي: المال (مِنٍ سِوَاكَ) من البشر (فَٱفْتَقَرُوا) ولم يصبهم المال الذي طلبوه (وَحَاوَلوُا) أي: تصدوا (ٱلإِرْتِفَاعَ) في المنزلة، بسبب غيرك (فَٱتَّضَعُوا) أي: نزلوا من الوضع مقابل الرفع (فَصَحَّ بِمُعَايَنَةِ أَمْثَالِهِمْ) والنظر إليهم (حَازِمٌ) يعتبر الأحوال ويدرك نتائج الأمور، ومعنى صح: استقام على الطريقة الصحيحة حتى لا يطلب من سواك مطلباً (وَفَّقَهُ) من التوفيق (ٱعْتِبَارُهُ) وعبرته مما رأى (وَأَرْشَدَهُ إِلَىٰ طَرِيقِ صَوَابِهِ بِاخْتِبَارُهُ) أي: حسن اختياره للأمر، بأن لا يطلب من أحد أمراً إلا منك (فَأَنْتَ يَا مَوْلاَيَ دُونَ كُلِّ مَسْؤُولٍ مَوْضِعُ مَسْأَلَتِي) أي: أنت المقصد بسؤالي، لا سواك من سائر من يسأله الناس (وَدُونَ كُلِّ مَطْلُوبٍ إِلَيْهِ وَلِيُّ حَاجَتِي) أي: المتولي لقضائها، ولا أطلب الحاجة من سواك ممن يطلب بعض الناس حاجتهم منهم (أَنْتَ) يا رب (الْمَخْصُوصُ قَبْلَ كُلِّ مَدْعُوٍّ) فإني أدعوك ولا أدعو سواك (لاَ يَشْرَكُكَ أَحَدٌ فِي رَجَائِي) فإني أرجو منك لا من غيرك.

ـــــــــــ

وَلاَ يَتَّفِقُ أَحَدٌ مَعَكَ فِي دُعَائِي، وَلاَ يَنْظِمُهُ وَإِيَاكَ نِدَائِي، لَكَ يَا إِلَهِي وَحْدَانِيَّةُ الْعَدَدِ، وَمَلَكَةُ الْقُدْرةِ ٱلصَّمَدِ، وَفَضِيلَةُ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ، وَدَرَجَةُ الْعُلُوِّ وَٱلرِّفْعَةِ، وَمَنْ سِوَاكَ مَرْحُومٌ فِي عُمْرِهِ، مَغْلُوبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ، مَقْهُورٌ عَلَىٰ شَأْنِهِ، مُخْتَلِفُ الْحَالاَتِ، مُتَنَقِّلٌ فِي ٱلصِّفَاتِ فَتَعَالَيْتَ عَنِ ٱلأَشْبَاهِ وَٱلأَضْدَادِ وَتَكَبَّرْتَ، عَنِْ ٱلأَمْثاَلِ وَٱلأَنْدَادِ، فَسُبْحَانَكَ لاَ إِلـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ.

ـــــــــــ

(وَلاَ يَتَّفِقُ أَحَدٌ مَعَكَ فِي دُعَائِي) فإن دعائي لك لا لغيرك (وَلاَ يَنْظِمُهُ) أي: لا ينظم أحداً (وَإِيَاكَ نِدَائِي) فلا أناديك وأنادي غيرك وإنما أناديك وحدك (لَكَ يَا إِلَهِي وَحْدَانِيَّةُ الْعَدَدِ) أي: أنت واحد في ندائي ودعائي ورجائي وسؤالي وقصدي، والمراد المقصود لي واحد لا أن له سبحانه وحدة كالوحدة العددية التي لها ثان وثالث وهكذا (وَمَلَكَةُ الْقُدْرةِ) أي: مالكية القدرة (ٱلصَّمَدِ) القدرة التي هي للسيد الشريف، فإن الصمد بمعنى ذلك (وَفَضِيلَةُ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ) فأنت ذو الحول تتمكن أن تحول الأشياء كما تريد، وتقوى على كل ذلك (وَدَرَجَةُ الْعُلُوِّ وَٱلرِّفْعَةِ) فهو المتوحد بالرفعة الكاملة والعلو الذي ليس فوقه علو (وَمَنْ سِوَاكَ مَرْحُومٌ فِي عُمْرِهِ) أي: غيرك ترحمه أنت في مدة عمره (مَغْلُوبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ) لا يملك في قبالك شيئاً (مَقْهُورٌ عَلَىٰ شَأْنِهِ) أي: أن شؤونه ليست بيده وإنما بيدك (مُخْتَلِفُ الْحَالاَتِ) من شباب وهرم وما أشبه (مُتَنَقِّلٌ فِي ٱلصِّفَاتِ) من علم وجهل ورضا وغضب وما أشبه (فَتَعَالَيْتَ) أي: ترفعت أنت يا إلهي (عَنِ ٱلأَشْبَاهِ وَٱلأَضْدَادِ) فلا شبه لك ولا ضد مناوئ (وَتَكَبَّرْتَ) أي: أنت أكبر (عَنِْ ٱلأَمْثاَلِ) بأن يكون لك مثل (وَٱلأَنْدَادِ) أي: الأضداد (فَسُبْحَانَكَ لاَ إِلـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ) وحدك لا شريك لك.