أفضل المواقع الشيعية

دعاء إذا نظر إلى الهلال

 
السجادية

الدعاء مطابق للمصدر

الصحيفة
 

وكان من دعائه (عليه السلام) إذا نظر إلى الهلال:

أَيُّهَا الْخَلْقُ الْمُطِيعُ، ٱلدَّائِبُ ٱلسَّرِيعُ، الْمُتَرَدِّدُ فِي مَنَازِلَ التَّقْدِيرِ، الْمُتَصَرِّفُ فِي فَلَكِ التَّدْبِيرِ، آمَنْتُ بِمَنْ نَوَّرَ بِكَ ٱلظُّلَمَ، وَأَوْضَحَ بِكَ الْبُهَمَ،

ـــــــــــ

الشرح: (أَيُّهَا الْخَلْقُ) أي: المخلوق (الْمُطِيعُ) لله سبحانه، والخطاب إما مجازي، نحو [أيا شجر الخابور مالك مورقاً] فقد جرت عادة البلغاء بخطاب ما لا يعقل لإظهار مطلب كامن في أنفسهم، وإما حقيقي فإن كل شيء له مرتبة من الإدراك، قال سبحانه: ﴿وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم﴾ [1] (ٱلدَّائِبُ) أي: المستمر في عمله (ٱلسَّرِيعُ) السير والعمل (الْمُتَرَدِّدُ) بالمجيء والذهاب (فِي مَنَازِلَ التَّقْدِيرِ) أي: المنازل التي قدرها الله لك (الْمُتَصَرِّفُ فِي فَلَكِ التَّدْبِيرِ) أي: في الفلك الذي دبر لك والقول بأنه إشارة إلى أفلاك القمر وهي أربعة كما قيل: [المائل الحامل ثم الجوزهر] [وهكذا التدوير أفلاك القمر] بعيد (آمَنْتُ بِمَنْ نَوَّرَ بِكَ ٱلظُّلَمَ) أي: محلات الظلم، وهي جمع ظلمة (وَأَوْضَحَ بِكَ الْبُهَمَ) جمع بهمة، وهي ما يصعب على الحاسة إدراكه وإيضاحه لها بإنارته فإن في الظلمة لا يرى الإنسان شيئاً، فإذا جاء النور وضحت.

ـــــــــــ

وَجَعَلَكَ آيَةً مِنْ آيَاتِ مُلْكِهِ، وَعَلاَمَةً مَنْ عَلاَمَاتِ سُلْطَانِهِ، وَٱمْتَهَنَكَ بِٱلزِّيَادَةِ وَٱلنُّقْصَانِ، وَٱلطُّلُوعِ وَٱلأُفُولِ، وَٱلإِنَارَةِ وَالْكُسُوفِ، فِي كُلِّ ذَلِكَ أَنْتَ لَهُ مُطِيعٌ وَإِلَىٰ إِرَادَتِهِ سَرِيعٌ، سُبْحَانَهُ مَا أَعْجَبَ مَا دَبَّرَ فِي أَمْرِكَ! وَأَلْطَفَ مَا صَنَعَ فِي شَأْنِكَ، جَعَلَكَ مِفْتَاحَ شَهْرٍ حَادِثٍْ لأَمْرٍ حَادِثٍ، فَأَسْأَلُ الله رَبِّي وَرَبَّكَ وَخَالِقِي وَخَالِقَكَ،

ـــــــــــ

(وَجَعَلَكَ آيَةً مِنْ آيَاتِ مُلْكِهِ) أي: علامة ودليلاً على أنه مالك للكون فإن الأثر يدل على المؤثر (وَعَلاَمَةً مَنْ عَلاَمَاتِ سُلْطَانِهِ) أي: أنه تعالى سلطان للكون ومتصرف فيه (وَٱمْتَهَنَكَ) أي: استعملك في المهنة أي: الحرفة (بِٱلزِّيَادَةِ) تارة في أول الشهر (وَٱلنُّقْصَانِ) أخرى في آخر الشهر (وَٱلطُّلُوعِ) أول الليل (وَٱلأُفُولِ) أي: الغروب آخر الليل وفي بعض الليالي في النهار، أو في أول الليل (وَٱلإِنَارَةِ وَالْكُسُوفِ) فيما إذا حالت الأرض بينه وبين نور الشمس (فِي كُلِّ ذَلِكَ) الذي ذكرت من الأحوال المختلفة (أَنْتَ لَهُ) تعالى (مُطِيعٌ وَإِلَىٰ إِرَادَتِهِ) فيما يريد منك (سَرِيعٌ) غير بطيء (سُبْحَانَهُ مَا أَعْجَبَ مَا دَبَّرَ فِي أَمْرِكَ) أي: أنه منزه في ما فعل بالنسبة إليك (وَأَلْطَفَ مَا صَنَعَ فِي شَأْنِكَ) فإن ما يفعله سبحانه بالكون لطف بالنسبة إلى الخلق (جَعَلَكَ) الله، أيها القمر (مِفْتَاحَ شَهْرٍ حَادِثٍْ) أي: ابتداء (لأَمْرٍ حَادِثٍ) جديد يريده، إذ هو سبحانه يريد في كل شهر أمور جديدة من الحياة والموت والرزق وما أشبه (فَأَسْأَلُ الله رَبِّي وَرَبَّكَ وَخَالِقِي وَخَالِقَكَ) الخالق لابتداء الخلق، والرب للتربية بعد الخلق.

ـــــــــــ

وَمُقَدِّرِي وَمُقَدِّرَكَ وَمُصَوِّرِي وَمُصَوِّرَكَ، أَنْ يُصَلِّيَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَنْ يَجْعَلَكَ هِلاَلَ بَرَكَةٍ لاَ تَمْحَقُهَا ٱلأَيَّامُ، وَطَهَارَةٍ لاَ تُدَنِّسُهَا ٱلآثَامُ، هِلاَلَ أَمْنٍ مِنَ ٱلآفَاتِ، وَسَلاَمَةٍ مِنَ ٱلسَّيِّئَاتِ، هِلاَلَ سَعْدٍ لاَ نَحْسَ فِيهِ، وَيُمْنٍ لاَ نَكَدَ مَعَهُ، وَيُسْرٍ لاَ يُمَازِجُهُ عُسْرٌ، وَخَيْرٍ لاَ يَشُوبُهُ شَرٌّ، وَهِلاَلَ أَمْنٍ وَإِيمَانٍ وَنِعْمَةٍ وَإِحْسَانٍ وَسَلاَمَةٍ وَإِسْلاَمٍ،

ـــــــــــ

(وَمُقَدِّرِي وَمُقَدِّرَكَ) أ ي: هو قدر أمورنا (وَمُصَوِّرِي وَمُصَوِّرَكَ) بأن جعلنا على هذه الصورة التي نراها (أَنْ يُصَلِّيَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَنْ يَجْعَلَكَ هِلاَلَ بَرَكَةٍ) أي: يبارك لنا في هذا الشهر الجديد (لاَ تَمْحَقُهَا) أي: لا تبطل تلك البركة (ٱلأَيَّامُ) بأن تكون بركة قليلة تنتهي بل بركة طويلة تدوم (و) هلال (طَهَارَةٍ) بأن أكون طاهراً في الشهر القادم من المعاصي (لاَ تُدَنِّسُهَا) أي: لا تقذر طهارتي (ٱلآثَامُ) والذنوب (هِلاَلَ أَمْنٍ مِنَ ٱلآفَاتِ) جمع آفة: وهي ما يصيب الإنسان مما يكره (وَسَلاَمَةٍ مِنَ ٱلسَّيِّئَاتِ) لا أعصي الله في هذا الشهر (هِلاَلَ سَعْدٍ) لي بأن أسعد (لاَ نَحْسَ فِيهِ) فلا أشقى (وَيُمْنٍ) أي: إقبال (لاَ نَكَدَ) ومشقة (مَعَهُ) أي: مع ذلك اليمن (وَيُسْرٍ) وسهولة في أموري (لاَ يُمَازِجُهُ) ولا يخالطه (عُسْرٌ) وشدة (وَخَيْرٍ لاَ يَشُوبُهُ) أي: لا يخلطه (شَرٌّ) وبلاء (وَهِلاَلَ أَمْنٍ) من المخاوف (وَإِيمَانٍ) بالله وبما جاء به الرسل (وَنِعْمَةٍ وَإِحْسَانٍ) من الله علينا (وَسَلاَمَةٍ) عن الأمراض وما أشبه (وَإِسْلاَمٍ) فلا أخالف طريقته.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱجْعَلْنَا مِنْ أَرْضَىٰ مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ، وَأَزْكَىٰ مَنْ نَظَرَ إِلَيْهِ، وَأَسْعَدَ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ فِيهِ، وَوَفِّقْنَا فِيهِ لِلتَّوْبَةِ، وَٱعْصِمْنَا فِيهِ مِنَ الْحَوْبَةِ، وَٱحْفَظْنَا فِيهِ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَعْصِيَتِكَ، وَأَوْزِعْنَا فِيهِ شُكْرَ نِعْمَتِكَ وَأَلْبِسْنَا فِيهِ جُنَنَ الْعَافِيَةِ، وَأَتْمِمْ عَلَيْنَا بِٱسْتِكْمَالِ طَاعَتِكَ فِيهِ الْمِنَّةَ إِنَّكَ الْمَنَّانُ الْحَمِيدُ، وَصَلَّىٰ اللهُ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ٱلطَّيِّبِينَ ٱلطَّاهِرِينَ.

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱجْعَلْنَا مِنْ أَرْضَىٰ مَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ) أي: أرضى الناس بقسمتك أو أرضى الناس عندك بأن يكون رضاك عنا أحسن من رضاك عن سائر الناس (وَأَزْكَىٰ) أي: أطهر (مَنْ نَظَرَ) الهلال (إِلَيْهِ) أي: طلع عليه (وَأَسْعَدَ مَنْ تَعَبَّدَ لَكَ) أي: عبدك بأنواع العبادة والطاعة (فِيهِ) أي: في هذا الشهر (وَوَفِّقْنَا فِيهِ) أي: في هذا الشهر (لِلتَّوْبَةِ) عن المعاصي (وَٱعْصِمْنَا) أي: احفظنا (فِيهِ مِنَ الْحَوْبَةِ) أي: الخطيئة (وَٱحْفَظْنَا فِيهِ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَعْصِيَتِكَ) حتى لا نعصيك (وَأَوْزِعْنَا) أي: اقسم لنا (فِيهِ) أي: في هذا الشهر (شُكْرَ نِعْمَتِكَ) بأن نشكرك على ما أنعمت علينا (وَأَلْبِسْنَا فِيهِ جُنَنَ الْعَافِيَةِ) جمع جنة بمعنى الوقاية، فكأن العافية وقاية للإنسان عن المكاره والآفات (وَأَتْمِمْ عَلَيْنَا بِٱسْتِكْمَالِ طَاعَتِكَ) أي: بأن نأتي بطاعتك كاملاً (فِيهِ) أي: في هذا الشهر (الْمِنَّةَ) مفعول [وأتمم] أي: أتمم منتك علينا، وذلك بأن توفقنا للطاعة (إِنَّكَ) يا رب (الْمَنَّانُ) أي: كثير المنة والنعمة (الْحَمِيدُ) المحمود في أفعاله (وَصَلَّىٰ اللهُ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ ٱلطَّيِّبِينَ ٱلطَّاهِرِينَ) فلا خبث فيهم ولا قذارة كما هي في أعدائهم ومناوئيهم.

ـــــــــــ

[1] ـ سورة الإسراء، آية: 44.