أفضل المواقع الشيعية

دعاء يوم الأضحى ويوم الجمعة

 
السجادية

الدعاء مطابق للمصدر

الصحيفة
 

وكان من دعائه (عليه السلام) يوم الأضحى ويوم الجمعة:

أَللَّهُمَّ هٰذَا يَوْمٌ مُبَارَكٌ مَيْمُونٌ، وَالْمُسْلِمُونَ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ فِي أَقْطَارِ أَرْضِكَ، يَشْهَدُ ٱلسَّائِلُ مِنْهُمْ وَٱلطَّالِبُ وَٱلرَّاغِبُ وَٱلرَّاهِبُ وَأَنْتَ ٱلنَّاظِرُ فِي حَوَائِجِهِمْ، فَأَسْأَلُكَ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، وَهَوَانِ مَا سَأَلْتُكَ عَلَيْكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ،

ـــــــــــ

الشرح: (أَللَّهُمَّ هٰذَا) اليوم (يَوْمٌ مُبَارَكٌ) ذو بركة وثبات (مَيْمُونٌ) له يمن وإقبال (وَالْمُسْلِمُونَ فِيهِ مُجْتَمِعُونَ فِي أَقْطَارِ أَرْضِكَ) أقطار: جمع قطر، بمعنى القطعة الوسيعة من الأرض، والمراد اجتماعهم لأجل العيد (يَشْهَدُ) أي: يحضر في الاجتماعات (ٱلسَّائِلُ مِنْهُمْ) وهو الفقير (وَٱلطَّالِبُ) للحاجة (وَٱلرَّاغِبُ) في أمر (وَٱلرَّاهِبُ) أي: الخائف، أو المراد: الذي يسألك ويطلب منك ويرغب إليك ويرهب منك، يحضرون للدعاء (وَأَنْتَ ٱلنَّاظِرُ فِي حَوَائِجِهِمْ) أي: تنظر إلى ما سألوك لتقضيها (فَأَسْأَلُكَ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، وَهَوَانِ مَا سَأَلْتُكَ عَلَيْكَ) فإن سؤال الإنسان هين وسهل بالنسبة إليه تعالى (أَنْ تُصَلِّيَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ) بأن تتفضل عليهم بالعطف والرحمة.

ـــــــــــ

وَأَسْأَلُكَ أَللّهُمَّ رَبَّنَا بِأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَلَكَ الْحَمْدَ، لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ، الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، بَدِيعُ ٱلسَّمٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ، مَهْمَا قَسَمْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْ خَيْرٍ أَوْ عَافِيَةٍ أَوْ بَرَكَةٍ أَوْ هُدَىً أَوْ عَمَلٍ بِطَاعَتِكَ أَوْ خَيْرٍ تَمُنُّ بِهِ عَلَيْهِمْ تَهْدِيهِمْ بِهِ إِلَيْكَ، أَوْ تَرْفَعُ لَهُمْ عِنْدَكَ دَرَجَةًَ، أَوْ تُعْطِيهِمْ بِهِ خَيْراً مِنْ خَيْرِ ٱلدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،

ـــــــــــ

(وَأَسْأَلُكَ أَللّهُمَّ) يا (رَبَّنَا بِـ) سبب (أَنَّ لَكَ الْمُلْكَ) والمالك يتمكن من قضاء الحاجة (وَلَكَ الْحَمْدَ) إذ النعم كلها منك فلك كل حمد (لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ، الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ الْحَنَّانُ) تحن وتعطف على عبادك (الْمَنَّانُ) تمن عليهم بإعطائهم النعم (ذُو الْجَلاَلِ) فأنت أجل وأرفع من الصفات الذميمة (وَالإِكْرَامِ) فأنت تكرم عبادك، أو أنهم يكرمونك (بَدِيعُ ٱلسَّمٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ) قد أبدعتهما وخلقتهما على غير مثال (مَهْمَا قَسَمْتَ بَيْنَ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْ خَيْرٍ أَوْ عَافِيَةٍ أَوْ بَرَكَةٍ أَوْ هُدَىً) بأن هديتهم (أَوْ عَمَلٍ بِطَاعَتِكَ) بأن وفقتهم لذلك (أَوْ خَيْرٍ تَمُنُّ بِهِ عَلَيْهِمْ) لعل المراد بالخير الأول مطلق الخير، وبالخير الثاني أفضل أنواعه الذي يوجب المنة قال تعالى: ﴿لقد مَنّ الله على المؤمنين إذ بعث﴾ [1] (تَهْدِيهِمْ بِهِ) أي: بذلك الخير (إِلَيْكَ) بأن يعرفوك ويطيعوك (أَوْ تَرْفَعُ لَهُمْ عِنْدَكَ دَرَجَةًَ) في مقامهم عندك ومنزلتهم لديك (أَوْ تُعْطِيهِمْ بِهِ) أي: بسبب ذلك الخير الذي تمن به عليهم (خَيْراً مِنْ خَيْرِ ٱلدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) أي: من أقسامهما.

ـــــــــــ

أَسْأَلُكَ أَللّهُمَّ بِأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَلَكَ الْحَمْدَ، لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَحَبِيبِكَ وَصَفْوَتِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَعَلَىٰ آلِ مُحَمَّدٍ ٱلأَبْرَارِ ٱلطَّاهِرِينَ الأَخْيَارِ صَلاَةً لاَ يَقْوَىٰ عَلَىٰ إِحْصَائِهَا إِلاَّ أَنْتَ، وَأَنْ تُشْرِكَنَا فِي صَالِحِ مَنْ دَعَاكَ فِي هٰذَا الْيَوْمِ مِنْ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ يَارَبَّ الْعَالَمِينَ، وَأَنْ تَغْفِرَ لَنَا وَلَهُمْ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ،

ـــــــــــ

(أَسْأَلُكَ أَللّهُمَّ بِأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَلَكَ الْحَمْدَ، لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ) يحتمل أن يكون الباء للقسم، كما يحتمل أن تكون سببية ـ كما تقدم ـ (أَنْ تُصَلِّيَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ) لعل تقديم العبد في قبال قول النصارى واليهود بأن رسلهم أبناء الله وشركائه (وَحَبِيبِكَ وَصَفْوَتِكَ) الذي اصطفيته (وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ) أي: الذي اخترته من الناس (وَعَلَىٰ آلِ مُحَمَّدٍ ٱلأَبْرَارِ) جمع بر: بمعنى المحسن (ٱلطَّاهِرِينَ) عن الأدناس (الأَخْيَارِ صَلاَةً لاَ يَقْوَىٰ عَلَىٰ إِحْصَائِهَا إِلاَّ أَنْتَ) لكثرتها (وَأَنْ تُشْرِكَنَا فِي صَالِحِ مَنْ دَعَاكَ فِي هٰذَا الْيَوْمِ) أي: في صالح دعاء من دعاك (مِنْ عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ يَارَبَّ الْعَالَمِينَ) العالمين باعتبار مختلف العوالم البشر والملائكة والجن والأرض والسماء والجنة والنار وما إلى ذلك (وَأَنْ تَغْفِرَ لَنَا وَلَهُمْ) أي: لمن دعاك في هذا اليوم (إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) تقدر أن تفعل ما سألتك.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ إِلَيْكَ تَعَمَّدْتُ بِحَاجَتِي، وَبِكَ أَنْزَلْتُ الْيَوْمَ فَقْرِي وَفَاقَتِي وَمَسْكَنَتِي، وَإِنِّي بِمَغْفِرَتِكَ وَرَحْمَتِكَ أَوْثَقُ مِنِّي بِعَمَلِي وَلِمَغْفِرَتُكَ وَرَحْمَتُكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَوَلَّ قَضَاءَ كُلِّ حَاجَةٍ هِيَ لِي بِقُدْرَتِكَ عَلَيْهَا، وَتَيْسِيرِ ذَلِكَ عَلَيْكَ، وَبِفَقْرِي إِلَيْكَ، وَغِنَاكَ عَنِّي، فَإِنِّي لَمْ أُصِبْ خَيْراً قَطُّ إِلاَّ مِنْكَ، وَلَمْ يَصْرِفْ عَنِّي سُوءاً قَطُّ أَحَدٌ غَيْرُكَ،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ إِلَيْكَ تَعَمَّدْتُ) أي قصدت (بِحَاجَتِي) لتقضيها (وَبِكَ وَبِكَ أَنْزَلْتُ الْيَوْمَ فَقْرِي وَفَاقَتِي) أي شكوت ذلك إليك وطلبت منك رفعه (وَمَسْكَنَتِي) المسكنة: أشد الفقر (وَإِنِّي بِمَغْفِرَتِكَ وَرَحْمَتِكَ) أي: بأن تغفر لي وترحمني (أَوْثَقُ مِنِّي بِعَمَلِي) إذ عمل الإنسان لا يسلم غالباً من الأخطاء فلا يوثق به تمام الثقة بخلاف غفرانه سبحانه (وَلِمَغْفِرَتُكَ) اللام للتأكيد (وَرَحْمَتُكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي) ولذا تَسِعان ذنوب أناس كثيرين (فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَتَوَلَّ قَضَاءَ كُلِّ حَاجَةٍ هِيَ لِي) تولي القضاء: القيام بالإتيان به (بِقُدْرَتِكَ عَلَيْهَا) أي: بسبب أنك قادر على تلك الحاجة وقضائها (وَتَيْسِيرِ ذَلِكَ) القضاء، أي: يسره وسهولته (عَلَيْكَ) فإن كل أمر في غاية السهولة بالنسبة إليه تعالى: ﴿إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون﴾ [2] (وَبِفَقْرِي إِلَيْكَ) أي: بسبب احتياجي إليك (وَغِنَاكَ عَنِّي) فإن الغني الذي يسهل عليه الأمر لا يرد الفقير (فَإِنِّي لَمْ أُصِبْ) ولم أحصل (خَيْراً قَطُّ) أي: أبداً وفي أي وقت من الأوقات (إِلاَّ مِنْكَ، وَلَمْ يَصْرِفْ عَنِّي سُوءاً قَطُّ أَحَدٌ غَيْرُكَ) فإنه سبحانه هو السبب الأول وما عدا ذلك فهي أسباب ثانوية ولذا تصح النسبة إليه تعالى كما تصح النسبة إلى غيره من سائر الأسباب قال سبحانه: ﴿ومن يضلل الله﴾ [3] وقال: ﴿ضلوا من قبل﴾ [4] وقال تعالى: ﴿من يهدِ الله﴾[5] وقال: ﴿فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه﴾[6] وهكذا.

ـــــــــــ

وَلاَ أَرْجُو لأَمْرِ آخِرَتِي وَدُنْيَايَ سِوَاكَ، أَللّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ وَتَعَبَّأَ وَأَعَدَّ وَٱسْتَعَدَّ لِوَفَادَةٍ إلَىٰ مَخْلُوقٍ رَجَاءَ رِفْدِهِ وَنَوَافِلِهِ وَطَلَبَ نَيْلِهِ وَجَائِزَتِهِ، فَإِلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ كَانَتِ الْيَوْمَ تَهْيِئَتِي وَتَعْبِئَتِي وَإِعْدَادِي وَٱسْتِعْدَادِي رَجَاءَ عَفْوِكَ وَرِفْدِكَ وَطَلَبَ نَيْلِكَ وَجَائِزَتِكَ،

ـــــــــــ

(وَلاَ أَرْجُو لأَمْرِ آخِرَتِي وَدُنْيَايَ) أي: إصلاحهما (سِوَاكَ) فإن مفاتيح السعادة بيده تعالى (أَللّهُمَّ مَنْ تَهَيَّأَ وَتَعَبَّأَ) أي: جعل عبء الطاعة وثقلها (وَأَعَدَّ) نفسه (وَاسْتَعَدَّ) بشخصه (لِوَفَادَةٍ) أي: قدوم (إلَىٰ مَخْلُوقٍ رَجَاءَ رِفْدِهِ) أي: لأنه يرجو عطاءه (وَنَوَافِلِهِ) بمعنى العطية (وَطَلَبَ نَيْلِهِ) أي: ما ينال منه من الخير (وَجَائِزَتِهِ) هي العطية التي تعطى بعنوان الإكرام وما أشبه (فَإِلَيْكَ يَا مَوْلاَيَ) وسيدي (كَانَتِ الْيَوْمَ تَهْيِئَتِي وَتَعْبِئَتِي وَإِعْدَادِي وَٱسْتِعْدَادِي) لا إلى غيرك فإني جئتك سائلاً ولم أذهب إلى من سواك أطلب منه حاجتي وأرغب في ما عنده (رَجَاءَ عَفْوِكَ) عن ذنوبي (وَرِفْدِكَ) أي: عطائك لي (وَطَلَبَ نَيْلِكَ وَجَائِزَتِكَ) بأن أنال ما عندك وتعطيني الجائزة.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَلاَ تُخَيِّبِ الْيَوْمَ ذَلِكَ مِنْ رَجَائِي، يَا مَنْ لاَ يُحْفِيهِ سَائِلٌ، وَلاَ يَنْقُصُهُ نَائِلٌ، فَإِنِّي لَمْ آتِكَ ثِقَةً مِنِّي بِعَمَلٍ صَالِحٍ قَدَّمْتُهُ، وَلاَ شَفَاعَةِ مَخْلُوُقٍ رَجَوْتُهُ إِلاَّ شَفَاعَةَ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ سَلاَمُكَ، أَتَيْتُكَ مُقِرّاً بِالْجُرْمِ وَالإِسَاءَةِ إِلَىٰ نَفْسِي، أَتَيْتُكَ أَرْجُو عَظِيمَ عَفْوِكَ ٱلَّذِي عَفَوْتَ بِهِ عَنِ الْخَاطِئِينَ،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَلاَ تُخَيِّبِ الْيَوْمَ ذَلِكَ) الطلب (مِنْ رَجَائِي) بيان [ذلك] يقال خيبه: إذا ردّه خائباً بدون أن يقضي حاجته (يَا مَنْ لاَ يُحْفِيهِ) أي: لا يستقصيه ولا يبلغ آخر ما عنده (سَائِلٌ) فإن أسئلة الناس بالنسبة إلى ما عنده تعالى أقل من جزء من ملايين الأجزاء (وَلاَ يَنْقُصُهُ نَائِلٌ) أي: عطاء (فَإِنِّي لَمْ آتِكَ ثِقَةً مِنِّي) طالباً منك حوائجي (بـ) سبب (عَمَلٍ صَالِحٍ قَدَّمْتُهُ) فأتيت أريد الجزاء (وَلاَ شَفَاعَةِ مَخْلُوُقٍ رَجَوْتُهُ) بأن شفعت أحداً فأتيت أطلب منك حاجتي اعتماداً على تلك الشفاعة (إِلاَّ شَفَاعَةَ مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ سَلاَمُكَ) أي: أني أجعلهم شفعائي عندك، وأقسم بحقهم، وهذه هي الشفاعة المرادة هنا، لا الشفاعة اللغوية إذ لا دليل للداعي بأنهم شفعوا له (أَتَيْتُكَ مُقِرّاً بِالْجُرْمِ وَالإِسَاءَةِ إِلَىٰ نَفْسِي) أي: أني أسأت إلى نفسي حيث ارتكبت الذنوب (أَرْجُو عَظِيمَ عَفْوِكَ ٱلَّذِي عَفَوْتَ بِهِ) أي: بسبب ذلك العفو العظيم (عَنِ الْخَاطِئِينَ) الذين أخطأوا وأثموا، والإثم خطأ وإن أتى به الآثم عمداً، لأنه انحراف عن طريق الصواب.

ـــــــــــ

ثُمَّ لَمْ يَمْنَعْكَ طُولُ عُكُوفِهِمْ عَلَىٰ عَظِيمِ الْجُرْمِ أَنْ عُدْتَ عَلَيْهِمْ بِالْرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ، فَيَا مَنْ رَحْمَتُهُ وَاسِعَةٌ وَعَفْوُهُ عَظِيمٌ، يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ، يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ، صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَعُدْ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ، وَتَعَطَّفْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ، وَتَوَسَّعْ عَلَيَّ بِمَغْفِرَتِكَ، أَللّهُمَّ إِنَّ هٰذَا الْمَقَامَ لِخُلَفَائِكَ وَأَصْفِيَائِكَ، وَمَوَاضِعَ أُمَنَائِكَ فِي ٱلدَّرَجَةِ ٱلرَّفِيعَةِ ٱلَّتِي ٱخْتَصَصْتَهُمْ بِهَا قَدِ ٱبْتَزُّوهَا وَأَنْتَ الْمُقَدِّرُ لِذٰلِكَ،

ـــــــــــ

(ثُمَّ لَمْ يَمْنَعْكَ طُولُ عُكُوفِهِمْ) أي: استمرارهم وبقائهم (عَلَىٰ عَظِيمِ الْجُرْمِ أَنْ عُدْتَ) من عاد بمعنى رجع (عَلَيْهِمْ بِالْرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ) بأن غفرت ذنبهم وترحمت عليهم (فَيَا مَنْ رَحْمَتُهُ وَاسِعَةٌ وَعَفْوُهُ عَظِيمٌ، يَا عَظِيمُ يَا عَظِيمُ) التكرار للتأكيد ولإحضار القلب من الداعي (يَا كَرِيمُ يَا كَرِيمُ، صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَعُدْ عَلَيَّ بِرَحْمَتِكَ) كأنه سبحانه أعرض عن العبد حين عصاه فيطلب منه أن يعود ويرجع إليه، والمراد إعادة الرحمة والفضل بعد قطعهما (وَتَعَطَّفْ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ) التعطف العطف (وَتَوَسَّعْ عَلَيَّ بِمَغْفِرَتِكَ) أي: اجعلني في سعة عن ضيق الذنب (أَللّهُمَّ إِنَّ هٰذَا الْمَقَامَ) قالوا: المراد مقام صلاة الجمعة والعيد الذي كان يحضره الخلفاء ويظهر هناك أبهة الخلافة والملك (لِخُلَفَائِكَ وَأَصْفِيَائِكَ) الذين اصطفيتهم (وَمَوَاضِعَ أُمَنَائِكَ) الذين هم أمناء عندك فوّضت إليهم دينك وجعلتهم دعاة الناس (فِي ٱلدَّرَجَةِ ٱلرَّفِيعَةِ ٱلَّتِي ٱخْتَصَصْتَهُمْ بِهَا) أي: في جملة تلك الدرجة، فإن جعل الدرجة الرفيعة لهم يلازم أن يكون هذا المقام والموضع لهم دون سواهم (قَدِ ٱبْتَزُّوهَا) أي: قطعوها وسرقوها، والمبتزون هم خلفاء الجور وملوك الباطل (وَأَنْتَ الْمُقَدِّرُ لِذٰلِكَ) إذ شاء سبحانه أن يكون المقام تارة بيد الحق وتارة بيد الباطل، ليمتحن الناس بذلك، وليس المراد تقدير جبر، بل تقدير تخطيط وإرسال ليكون كيف يريد الناس حتى يظهر خباياهم.

ـــــــــــ

لاَ يُغَالَبُ أَمْرُكَ، وَلاَ يُجَاوَزُ الْمَحْتُومُ مِنْ تَدْبِيرِكَ كَيْفَ شِئْتَ وَأَنَّىٰ شِئْتَ، وَلِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَىٰ خَلْقِكَ وَلاَ لإِرَادَتِكَ حَتَّىٰ عَادَ صَفْوَتُكَ وَخُلَفَاؤُكَ مَغْلُوبِينَ مَقْهُورِينَ مُبْتَزِّينَ يَرَوْنَ حُكْمَكَ مُبَدَّلاً، وَكِتَابَكَ مَنْبُوذاً، وَفَرَائِضَكَ مُحَرَّفَةً عَنْ جِهَاتِ إِشْرَاعِكَ، وَسُنَنَ نَبِيِّكَ مَتْرُوكَةً،

ـــــــــــ

(لاَ يُغَالَبُ أَمْرُكَ) أي: لا يتمكن أحد أن يغلب على أمرك (وَلاَ يُجَاوَزُ الْمَحْتُومُ مِنْ تَدْبِيرِكَ) أي: لا يتمكن أحد أن يتجاوز ما حتمته وحكمته من تدبيرك وتنظيمك الأمور (كَيْفَ شِئْتَ وَأَنَّىٰ شِئْتَ) أي: في أي وقت شئت ذلك (وَلِمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ) فهو سبحانه أعلم بالصلاح والفساد وحسب علمه وحكمته جعل نظام الكون بهذا الترتيب (غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَىٰ خَلْقِكَ) أي: أنت لا تتهم بأنك عملت خلاف الحكمة والصواب (وَلاَ لإِرَادَتِكَ) أي: لا تتهم فيما أردت، وكأن الأول للتكوين والثاني للتقدير والتشريع (حَتَّىٰ عَادَ) أي: ابتزوها حتى صار (صَفْوَتُكَ) أي: أصفيائك (وَخُلَفَاؤُكَ) بالحق وهم الأئمة عليهم السلام (مَغْلُوبِينَ مَقْهُورِينَ) يقال: قهره إذا غلبه (مُبْتَزِّينَ) أي: قد أخذ منهم مالهم (يَرَوْنَ حُكْمَكَ مُبَدَّلاً) قد بدّله الأشرار (وَكِتَابَكَ) القرآن الحكيم (مَنْبُوذاً) أي: مطروحاً قد طرح العمل به (وَفَرَائِضَكَ مُحَرَّفَةً عَنْ جِهَاتِ إِشْرَاعِكَ) فإنهم قد أزادوا في الفرائض ونقصوا منها وغيروا وبدلوا كما هو معلوم في الوضوء المنكوس والصلاة ذات (آمين) وغير ذلك (وَسُنَنَ نَبِيِّكَ مَتْرُوكَةً) السنن: الطرق الدينية التي سنّها رسول الله صلى الله عليه وآله للناس.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ الْعَنْ أَعْدَاءَهُمْ مِنَ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ وَمَنْ رَضِيَ بِفِعَالِهِمْ وَأَشْيَاعَهُمْ وَأَتْبَاعَهُمْ، أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، كَصَلَوَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ وَتَحِيَّاتِكَ عَلَىٰ أَصْفِيَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ وَعَجِّلِ الْفَرَجَ وَٱلرَّوْحَ وَٱلنُّصْرَةَ وَٱلتَّمْكِينَ وَٱلتَّأْيِيدَ لَهُمْ،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ الْعَنْ أَعْدَاءَهُمْ) أي: أعداء خلفائك (مِنَ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ) أي: الذين عاصروهم والذين جاءوا من بعدهم ولكنهم خالفوهم (وَمَنْ رَضِيَ بِفِعَالِهِمْ وَأَشْيَاعَهُمْ) من شايعه إذا اتبعه (وَأَتْبَاعَهُمْ) وهذا تأكيد للأول (أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، إِنَّكَ حَمِيدٌ) أي: محمود في فعالك (مَجِيدٌ) ذو مجد وعظمة (كَصَلَوَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ وَتَحِيَّاتِكَ عَلَىٰ أَصْفِيَائِكَ) السابقين (إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ) إسماعيل وإسحاق ويعقوب وذريتهم الأنبياء والتشبيه في أصل الصلاة، وذلك لا ينافي كون المطلوب بالنسبة إلى محمد صلى الله عليه وآله أكثر وأعظم من صلاته تعالى على إبراهيم وآل إبراهيم (وَعَجِّلِ) اللهم (الْفَرَجَ وَٱلرَّوْحَ) هو النسيم، فكأن الإنسان المضيق عليه لا يستنشق الهواء البارد بخلاف الذي يكون في السعة (وَٱلنُّصْرَةَ وَٱلتَّمْكِينَ وَٱلتَّأْيِيدَ لَهُمْ) المراد للأئمة وأتباعهم.

ـــــــــــ

أَللّهُمَّ وَٱجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ ٱلتَّوْحِيدِ وَٱلإِيمَانِ بِكَ، وَٱلتَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ وَٱلأَئِمَّةِ ٱلَّذِينَ حَتَمْتَ طَاعَتَهُمْ مِمَّنْ يَجْرِي ذَلِكَ بِهِ وَعَلَىٰ يَدَيْهِ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ، أَللّهُمَّ لَيْسَ يَرُدُّ غَضَبَكَ إِلاَّ حِلْمُكَ وَلاَ يَرُدُّ سَخَطَكَ إِلاَّ عَفْوُكَ، وَلاَ يُجِيرُ مِنْ عِقَابِكَ إِلاَّ رَحْمَتُكَ، وَلاَ يُنْجِينِي مِنْكَ إِلاَّ ٱلتَّضَرُّعُ إِلَيْكَ وَبَيْنَ يَدَيْكَ،

ـــــــــــ

(أَللّهُمَّ وَٱجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ ٱلتَّوْحِيدِ وَٱلإِيمَانِ بِكَ) بأن أكون مؤمناً موحداً (وَٱلتَّصْدِيقِ بِرَسُولِكَ) بأن أصدقه، والمراد الاستمرار على هذه الصفات، من قبيل قوله تعالى: ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ [7] إذ لكل آن هداية (وَٱلأَئِمَّةِ ٱلَّذِينَ حَتَمْتَ طَاعَتَهُمْ) بأن أصدقهم (مِمَّنْ يَجْرِي ذَلِكَ) النصر والتمكين (بِهِ) أي: بسببه (وَعَلَىٰ يَدَيْهِ) وهو الإمام الحجة المهدي عجل الله تعالى فرجه (آمِينَ) بمعنى استجب يا (رَبَّ الْعَالَمِينَ) خالق كل عالم ومربيه (أَللّهُمَّ لَيْسَ يَرُدُّ غَضَبَكَ إِلاَّ حِلْمُكَ) والمراد: أن حلمه سبحانه مانع من أن يعاقب الشخص (وَلاَ يَرُدُّ سَخَطَكَ إِلاَّ عَفْوُكَ) فالعفو مانع عن السخط (وَلاَ يُجِيرُ مِنْ عِقَابِكَ) أجاره: بمعنى حفظه عن أن يناله سوء (إِلاَّ رَحْمَتُكَ) وإلا فليس يتمكن المذنب من إجارة نفسه بسبب عمله (وَلاَ يُنْجِينِي مِنْكَ إِلاَّ ٱلتَّضَرُّعُ إِلَيْكَ) الضراعة: الاستكانة (وَبَيْنَ يَدَيْكَ) أي: أمامك.

ـــــــــــ

فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَهَبْ لَنَا يَا إِلَهِي مِنْ لَدُنْكَ فَرَجَاً بِالْقُدْرَةِ ٱلَّتِي بِهَا تُحْيِي أَمْوَاتَ الْعِبَادِ، وَبِهَا تَنْشُرُ مَيْتَ الْبِلاَدِ، وَلاَ تُهْلِكْنِي يَا إِلهِي غَمّاً حَتَّىٰ تَسْتَجِيبَ لِي، وَتُعَرِّفَنِي ٱلإِجَابَةَ فِي دُعَائِي، وَأَذِقْنِي طَعْمَ الْعَافِيَةِ إِلَىٰ مُنْتَهَىٰ أَجَلِي، وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي، وَلاَ تُمَكِّنْهُ مِنْ عُنُقِي، وَلاَ تُسَلِّطْهُ عَلَيَّ،

ـــــــــــ

(فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَهَبْ لَنَا يَا إِلَهِي مِنْ لَدُنْكَ) أي: من عندك (فَرَجَاً بِالْقُدْرَةِ ٱلَّتِي بِهَا تُحْيِي أَمْوَاتَ الْعِبَادِ) وفي هذا كناية عن أن الداعي كالميت لكثرة ذنوبه (وَبِهَا تَنْشُرُ مَيْتَ الْبِلاَدِ) ونشر البلاد كناية عن إيجاد الحركة والعمران فيها بعد أن أبيد أهلها وخمدوا (وَلاَ تُهْلِكْنِي يَا إِلهِي غَمّاً) بأن أموت من جهة الغم في عدم إحيائهم بالعفو والرحمة (حَتَّىٰ تَسْتَجِيبَ لِي) ما دعوتك (وَتُعَرِّفَنِي ٱلإِجَابَةَ فِي دُعَائِي) بأن أعرف أنك استجبت ما دعوتك (وَأَذِقْنِي طَعْمَ الْعَافِيَةِ) عن أخطار الجسم وأخطار الروح (إِلَىٰ مُنْتَهَىٰ أَجَلِي) المراد بالأجل المدة أي: إلى انتهاء مدة كوني في الدنيا (وَلا تُشْمِتْ بِي عَدُوِّي) بأن ينزل بي بلاء فيفرح العدو لذلك (وَلاَ تُمَكِّنْهُ مِنْ عُنُقِي) أي: لا تجعل للعدو تمكناً مني لينال مني ما يريد (وَلاَ تُسَلِّطْهُ عَلَيَّ) تأكيد للجملة السابقة.

ـــــــــــ

إلَهِي إِنْ رَفَعْتَنِي فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يَضَعُنِي وَإِنْ وَضَعْتَنِي فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يَرْفَعُنِي، وَإِنْ أَكْرَمْتَنِي فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يُهِينُنِي وَإِنْ أَهَنْتَنِي فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يُكْرِمُنِي وَإِنْ عَذَّبْتَنِي فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يَرْحَمُنِي، وَإِنْ أَهْلَكْتَنِي فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يَعْرِضُ لَكَ فِي عَبْدِكَ، أَوْ يَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِهِ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِكَ ظُلْمٌ، وَلاَ فِي نِقْمَتِكَ عَجَلَةٌ، وَإِنَّما يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَىٰ ٱلظُّلْمِ ٱلضَّعِيفُ وَقَدْ تَعَالَيْتَ يَا إِلَهِي عَنْ ذَلِكَ عُلُوّاً كَبِيراً،

ـــــــــــ

(إلَهِي إِنْ رَفَعْتَنِي فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يَضَعُنِي) فإنه لا أحد يقدر على مقابلة الله تعالى في إرادته (وَإِنْ وَضَعْتَنِي فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يَرْفَعُنِي) أي: لا أحد يقدر على رفعي إذا أنت وضعتني وأنزلت مكاني (وَإِنْ أَكْرَمْتَنِي فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يُهِينُنِي وَإِنْ أَهَنْتَنِي فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يُكْرِمُنِي) قال سبحانه: ﴿ومن يهن الله فما له من مكرم﴾ [8] (وَإِنْ عَذَّبْتَنِي) في الدنيا والآخرة (فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يَرْحَمُنِي) ويخلصني من العذاب (وَإِنْ أَهْلَكْتَنِي) بالانتقام مني الموجب لهلاكتي عن السعادة (فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يَعْرِضُ لَكَ فِي عَبْدِكَ) ليقول: لماذا فعلت به هذا؟ والاستفهام للإنكار، أي: لا أحد يعترض (أَوْ يَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِهِ) أي: شأن العبد الذي أهلكته (وَقَدْ عَلِمْتُ) أنك إن فعلت ذلك بي فليس ذلك ظلماً لي (أَنَّهُ لَيْسَ فِي حُكْمِكَ ظُلْمٌ) وإنما حكمك عدل (وَلاَ فِي نِقْمَتِكَ عَجَلَةٌ) وذلك مما يسبب خوف الإنسان لأنه لا يدري هل أنه استحق العقاب ولم يعجل الله عليه أم لم يستحق (وَإِنَّما يَعْجَلُ مَنْ يَخَافُ الْفَوْتَ) فأن العجلة إما من الخوف أو من الاحتياج، وكلاهما منفيان بالنسبة إليه تعالى (وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَىٰ ٱلظُّلْمِ ٱلضَّعِيفُ) إذ الذي لا قوة ولا قدرة له يحتاج في تمشية أموره وتنفيذ إرادته إلى الظلم، أما من هو قادر قوي فلا يحتاج إلى الظلم للوصول إلى مطلبه (وَقَدْ تَعَالَيْتَ) أي: ارتفعت (يَا إِلَهِي عَنْ ذَلِكَ) الظلم (عُلُوّاً كَبِيراً) فأنت لا تحتاج إلى الظلم إطلاقاً.

ـــــــــــ

أَلَّلهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَلاَ تَجْعَلْنِي لِلْبَلاَءِ غَرَضَاً وَلاَ لِنِقْمَتِكَ نَصْباً، وَمَهِّلْنِي وَنَفِّسْنِي، وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي، وَلاَ تَبْتَلِينِي بِبَلاَءٍ عَلَىٰ أَثَرِ بَلاَءٍ، فَقَدْ تَرَىٰ ضَعْفِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي وَتَضَرُّعِي إِلَيْكَ،

ـــــــــــ

(أَلَّلهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَلاَ تَجْعَلْنِي لِلْبَلاَءِ غَرَضَاً) بأن يأتيني البلاء كما يأتي السهم نحو الغرض (وَلاَ لِنِقْمَتِكَ) أي: انتقامك (نَصْباً) هو الشيء الذي ينصب يقصده الناس كالأعلام في الطريق (وَمَهِّلْنِي) أي: أعطني المهلة حتى أتوب (وَنَفِّسْنِي) يقال: نفَّس كربته إذا أزالها (وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي) العثرة: الذنب، والإقالة: بمعنى العفو (وَلاَ تَبْتَلِينِي بِبَلاَءٍ عَلَىٰ أَثَرِ بَلاَءٍ) فإن ذلك أوجب لانهيار الإنسان وشقائه (فَقَدْ تَرَىٰ) يا رب (ضَعْفِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي) الحيلة: العلاج أي: لا أقدر على علاج الأمور (وَتَضَرُّعِي إِلَيْكَ) أي: استكانتي وخشوعي.

ـــــــــــ

أَعُوذُ بِكَ أَللّهُمَّ الْيَوْمَ مِنْ غَضَبِكَ، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَعِذْنِي، وَأَسْتَجِيرُ بِكَ الْيَوْمَ مِنْ سَخَطِكَ، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَجِرْنِي، وَأَسْأَلُكَ أَمْناً مِنْ عَذَابِكَ، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَآمِنِّي، وَأَسْتَهْدِيكَ، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱهْدِنِي، وَأَسْتَنْصِرُكَ، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَٱنْصُرْنِي، وَأَسْتَرْحِمُكَ، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱرْحَمْنِي،

ـــــــــــ

(أَعُوذُ بِكَ أَللّهُمَّ الْيَوْمَ) الجمعة أو الأضحى (مِنْ غَضَبِكَ، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَعِذْنِي) أي: احفظني من أن تغضب عليّ (وَأَسْتَجِيرُ بِكَ الْيَوْمَ مِنْ سَخَطِكَ) استجار به أي: طلب منه الإجارة والحفظ مما يخاف (فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَجِرْنِي) حتى لا يصل إليَّ سخطك (وَأَسْأَلُكَ أَمْناً مِنْ عَذَابِكَ، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَآمِنِّي) أي: لا تعذبني في الدنيا ولا في الآخرة (وَأَسْتَهْدِيكَ) أي: أطلب هدايتك (فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱهْدِنِي) والمراد الاستمرار في الهداية، نحو قوله تعالى: ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾ [9] (وَأَسْتَنْصِرُكَ) أي: أطلب نصرك (فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَٱنْصُرْنِي) بنصرك على أعدائي (وَأَسْتَرْحِمُكَ) أي: أطلب رحمتك (فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱرْحَمْنِي) برحمتك.

ـــــــــــ

وَأَسْتَكْفِيكَ فَصَلَّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَٱكْفِنِي وَأَسْتَرْزِقُكَ، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَٱرْزُقْنِي، وَأَسْتَعِينُكَ، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَعِنِّي، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِي، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَٱغْفِرْ لِي، وَأَسْتَعْصِمُكَ، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱعْصِمْنِي فَإِنِّي لَنْ أَعُودَ لِشَيْءٍ كَرِهْتَهُ مِنِّي إِنْ شِئْتَ ذَلِكَ يَا رَبِّ يَا رَبِّ،

ـــــــــــ

(وَأَسْتَكْفِيكَ) أي: أطلب كفايتك (فَصَلَّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَٱكْفِنِي) ما أهمني من أمر دنياي وآخرتي (وَأَسْتَرْزِقُكَ) أي: أطلب منك أن ترزقني (فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَٱرْزُقْنِي) والمراد بالرزق: ما يحتاج إليه الإنسان من مأكل وملبس وما أشبه لا خصوص المأكل (وَأَسْتَعِينُكَ) أي: أطلب منك أن تعينني في حوائجي (فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَعِنِّي) فيما أريد (وَأَسْتَغْفِرُكَ) أي: أطلب غفرانك (لِمَا سَلَفَ) ومضى (مِنْ ذُنُوبِي، فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَٱغْفِرْ لِي، وَأَسْتَعْصِمُكَ) أي: أطلب منك أن تعصمني وتحفظني (فَصَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱعْصِمْنِي) والظاهر أن المراد العصمة من الذنوب بقرينة قوله: (فَإِنِّي لَنْ أَعُودَ لِشَيْءٍ كَرِهْتَهُ مِنِّي) من الآثام (إِنْ شِئْتَ ذَلِكَ يَا رَبِّ يَا رَبِّ) بأن تصرفني عن مكروهك ولا يخفى أن هذا لا ينافي الاختيار وإنما ينافيه الجبر وليس هذا بالجبر.

ـــــــــــ

يَا حَنَّانُ يَا مَنَّانُ، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ، صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱسْتَجِبْ لِي جَمِيعَ مَا سَأَلْتُكَ وَطَلَبْتُ إِلَيْكَ وَرَغَبْتُ فِيهِ إِلَيْكَ، وَأَرِدْهُ وَقَدِّرْهُ وَٱقْضِهِ وَٱمْضِهِ، وَخِرْ لِي فِي مَا تَقْضِي مِنْهُ، وَبَارِكْ لِي فِي ذَلِكَ، وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِهِ، وَأَسْعِدْنِي بِمَا تُعْطِيَنِي مِنْه، وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ وَسَعَةِ مَا عِنْدَكَ فَإِنَّكَ وَاسِعٌ كَرِيمٌ، وَصِلْ ذَلِكَ بِخَيْرِ الآخِرَةِ وَنَعِيمِهَا يَا أَرْحَمَ الْرَّاحِمِينَ.

وَكَانَ عَلَيْهِ الْصَلاَةُ وَالسَّلاَمْ يَدْعُو بِمَا بَدَا لَهَ، وَيُصَلِّي أَلْفَ مَرَّةٍ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ عَلَيْهِم ٱلصَّلاَةُ وٱلسَّلاَمُ أَبَدَ الآبِدِينْ .

ـــــــــــ

(يَا حَنَّانُ) من [حنَّ] بمعنى عطف (يَا مَنَّانُ) مِنْ [مَنَّ] بمعنى أنعم (يَا ذَا الْجَلاَلِ) أي: من هو أجل من النقائص (وَالإِكْرَامِ) الذي هو أهل لأن يكرم (صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَٱسْتَجِبْ لِي) الاستجابة والإجابة بمعنى (جَمِيعَ مَا سَأَلْتُكَ وَطَلَبْتُ إِلَيْكَ) باعتبار انتهائه إلى المطلوب منه يعدى به [إلى] (وَرَغَبْتُ فِيهِ إِلَيْكَ) فإن الإنسان يرغب في مطلوبه (وَأَرِدْهُ) من الإرادة، أي: أرد أن تعطيني مطلوبي (وَقَدِّرْهُ) التقدير هو التخطيط (وَٱقْضِهِ) أي: أحكم بأن يكون (وَٱمْضِهِ) أي: وقعه حتى يحتم كونه (وَخِرْ لِي) يقال: خار له، إذا سهل عليه (فِي مَا تَقْضِي مِنْهُ) أي: في الشيء الذي تحكم من طلبي، والمعنى: اجعله سهلاً (وَبَارِكْ لِي فِي ذَلِكَ) بأن يكون له نماء وثبات (وَتَفَضَّلْ عَلَيَّ بِهِ، وَأَسْعِدْنِي بِمَا تُعْطِيَنِي مِنْه) حتى أكون سعيداً بفضلك ولا أشقى بعطائك حسب قوله تعالى: ﴿إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى [10] (وَزِدْنِي مِنْ فَضْلِكَ) على ما سألتك، أو على ما أنعمت به في الحال (وَسَعَةِ مَا عِنْدَكَ فَإِنَّكَ وَاسِعٌ) العطاء (كَرِيمٌ، وَصِلْ ذَلِكَ) الإعطاء، من وصل يصل (بِخَيْرِ الآخِرَةِ وَنَعِيمِهَا يَا أَرْحَمَ الْرَّاحِمِينَ) حتى تتصل النعمتان والسعادتان.

ـــــــــــ

[1] ـ سورة آل عمران، آية: 164.

[2] ـ سورة البقرة، آية: 117.

[3] ـ سورة النساء، آية: 88.

[4] ـ سورة المائدة، آية: 77.

[5] ـ سورة الأعراف، آية: 178.

[6] ـ سورة يونس، آية: 108.

[7] ـ سورة الفاتحة، آية: 6.

[8] ـ سورة الحج، آية: 18.

[9] ـ سورة الفاتحة، آية: 6.

[10] ـ سورة العلق، آية: 6-7.