أفضل المواقع الشيعية

دعاء في التذلل لله عز وجل

 
السجادية

الدعاء مطابق للمصدر

الصحيفة
 

وكان من دعائه (عليه السلام) في التذلل لله عز وجل:

رَبِّ أفْحَمَتْنِي ذُنُوبِي، وَٱنْقَطَعَتْ مَقَالَتِي، فَلاَ حُجَّةَ لِي فَأَنَا ٱلأَسِيرُ بِبَلِيَّتِي، الْمُرْتَهَنُ بِعَمَلِي، الْمُتَرَدِّدُ فِي خَطِيئَتِي الْمُتَحَيِّرُ عَنْ قَصْدِي الْمُنْقَطِعُ بِي، قَدْ أَوْقَفْتُ نَفْسِي مَوْقِفَ ٱلأَذِلاَّءِ الْمُذْنِبِينَ،

ـــــــــــ

الشرح:  يا (رَبِّ أفْحَمَتْنِي) أي: منعتني عن المقال (ذُنُوبِي) فإن المذنب يخجل أن يتكلم (وَٱنْقَطَعَتْ مَقَالَتِي) أي: كلامي فلا أتكلم معك خجلاً مما سلف مني (فَلاَ حُجَّةَ لِي) فيما ارتكبت من الآثام (فَأَنَا ٱلأَسِيرُ بِبَلِيَّتِي) أي: بمصيبتي والمراد بها الذنوب التي يقترفها الإنسان (الْمُرْتَهَنُ بِعَمَلِي) أي: أن نفسي رهن على ذنوبي فكما لا يخلص الرهن كذلك لا تخلص النفس المذنبة (الْمُتَرَدِّدُ فِي خَطِيئَتِي) أي: الجائي والذاهب، وهو كناية عن كثرة الذنوب (الْمُتَحَيِّرُ عَنْ قَصْدِي) فلا أعرف الطريق السوي، أو لا أعرف كيفية الوصول إلى المقصد، بعدما أقترف من الآثام (الْمُنْقَطِعُ بِي) أي: انقطع بي الطريق إلى رضاك فصرت لا أبلغه كما أن المنقطع من المسافرين لا يصل إلى بلده ومحل وطنه (قَدْ أَوْقَفْتُ نَفْسِي مَوْقِفَ ٱلأَذِلاَّءِ) جمع ذليل (الْمُذْنِبِينَ) فإن موقف المذنب موقف الذليل الذي لا يعرف ماذا يصنع.

ـــــــــــ

مَوْقِفَ ٱلأَشْقِيَاءِ الْمُتَجَرِّئِينَ عَلَيْكَ، الْمُسْتَخِفِّينَ بِوَعْدِكَ، سُبْحَانَكَ أَيَّ جُرْأَةٍ ٱجْتَرَأْتُ عَلَيْكَ، وَأَيَّ تَغْرِيرٍ غَرَّرْتُ بِنَفْسِي؟!، مَوْلاَيَ ٱرْحَمْ كَبْوَتِي لِحُرِّ وَجْهِي، وَزَلَّةَ قَدَمِي، وَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلَىٰ جَهْلِي، وَبِإِحْسَانِكَ عَلَىٰ إِسَاءَتِي، فَأَنَا الْمُقِرُّ بِذَنْبِي الْمُعْتَرِفُ بِخَطِيئَتِي، وَهٰذِهِ يَدِي وَنَاصِيَتِي،

ـــــــــــ

(مَوْقِفَ ٱلأَشْقِيَاءِ) جمع شقي مقابل السعيد (الْمُتَجَرِّئِينَ عَلَيْكَ) أي الذين تجرءوا في عصيانك (الْمُسْتَخِفِّينَ بِوَعْدِكَ) الذين عدوا وعدك خفيفاً لا قيمة له، ولذا لم يعملوا بمقتضاه (سُبْحَانَكَ) أنزهك تنزيهاً (أَيَّ جُرْأَةٍ ٱجْتَرَأْتُ) بها (عَلَيْكَ) في عدم سماعي لأمرك (وَأَيَّ تَغْرِيرٍ غَرَّرْتُ بِنَفْسِي) يقال: غرر بنفسه تغريراً، إذا عرضها للهلكة (مَوْلاَيَ) أي: سيدي (ٱرْحَمْ كَبْوَتِي) أي: سقوطي في العقاب (لِحُرِّ وَجْهِي) حر الوجه ما بدا منه، فإن الساقط إذا سقط على وجهه كان سقوطه أكثر إيلاماً (وَ) ارحم (زَلَّةَ قَدَمِي) أي: عثرتها الموجبة لسقوطي (وَعُدْ) من عاد بمعنى رجع (بِحِلْمِكَ عَلَىٰ جَهْلِي) فإذا جهلت أنا في ارتكاب مخالفتك فتحلم أنت عني (وَبِإِحْسَانِكَ عَلَىٰ إِسَاءَتِي) فإذا أسأت أنا فاحسن أنت (فَأَنَا الْمُقِرُّ بِذَنْبِي الْمُعْتَرِفُ بِخَطِيئَتِي) والمعترف يرفق عليه ويُعفا عنه (وَهٰذِهِ يَدِي) فإن شئت شددتها كما تشد أيدي المذنبين (وَنَاصِيَتِي) فإن شئت أخذت بها إلى العقاب كما يجر المجرم من ناصيته، وهي مقدم الرأس.

ـــــــــــ

أَسْتَكِينُ بِالْقَوَدِ مِنْ نَفْسِي إِرْحَمْ شَيْبَتِي، وَنَفَادَ أَيَّامِي وَٱقْتِرَابَ أَجَلِي وَضَعْفِي وَمَسْكَنَتِي وَقِلَّةَ حِيلَتِي، مَوْلاَيَ وَٱرْحَمْنِي إِذاَ ٱنْقَطَعَ مِنَ الْدُّنْيا أَثَرِي، وَٱمَّحَىٰ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ذِكْرِي، وَكُنْتُ مِنَ الْمَنْسِيِّينَ كَمَنْ قَدْ نُسِيَ، مَوْلاَيَ وَٱرْحَمْنِي عِنْدَ تَغَيُّرِ صُورَتِي وَحَالِي إِذَا بَلِيَ جِسْمِي وَتَفَرَّقَتْ أَعْضَائِي وَتَقَطَّعَتْ أَوْصَالِي، يَا غَفْلَتِي عَمَّا يُرَادُ بِي، مَوْلاَيَ وَٱرْحَمْنِي فِي حَشْرِي وَنَشْرِي، وَٱجْعَلْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَعَ أَوْلِيَائِكَ مَوْقِفِي، وَفِي أَحِبَّائِكَ مَصْدَرِي، وَفِي جِوَارِكَ مَسْكَنِي يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

ـــــــــــ

(أَسْتَكِينُ) أي: أخضع (بِالْقَوَدِ مِنْ نَفْسِي) أي: بأن تقتص مني في مقابل ذنبي (إِرْحَمْ) يا رب (شَيْبَتِي) وكبري (وَنَفَادَ أَيَّامِي) أي: تمامها باقترابي إلى الموت فإن الشيخ الكبير أولى بالعفو (وَٱقْتِرَابَ أَجَلِي) أي موتي (وَضَعْفِي وَمَسْكَنَتِي) أي: فقري (وَقِلَّةَ حِيلَتِي) الحيلة: علاج الأمر للوصول إليه (مَوْلاَيَ وَٱرْحَمْنِي إِذاَ ٱنْقَطَعَ مِنَ الْدُّنْيا أَثَرِي) بأن مت وذهبت تحت التراب (وَٱمَّحَىٰ) أصله انمحى من باب الانفعال، أي: اندثر وذهب (مِنَ) بين (الْمَخْلُوقِينَ ذِكْرِي) فلا يذكرونني (وَكُنْتُ) عندهم (مِنَ الْمَنْسِيِّينَ كَمَنْ قَدْ نُسِيَ) من الأموات قبلي (مَوْلاَيَ وَٱرْحَمْنِي عِنْدَ تَغَيُّرِ صُورَتِي) في القبر (وَحَالِي إِذَا بَلِيَ) وخلق (جِسْمِي وَتَفَرَّقَتْ أَعْضَائِي) فإن الميت يتغير جسمه وتنقطع وتتفرق أعضاؤه (وَتَقَطَّعَتْ أَوْصَالِي) أي: الرباطات التي تربط بعض الجسم ببعض وهذا من الإمام على سبيل التواضع والاقتضاء الموجود في كل جسم وإلا فجسد الأئمة (عليهم السلام) لا يبلى (يَا غَفْلَتِي عَمَّا يُرَادُ بِي) أي: أيتها الغفلة احضري فهذا وقتك، نحو يا للعجب. (مَوْلاَيَ وَٱرْحَمْنِي فِي حَشْرِي وَنَشْرِي) الحشر هو الجمع، والنشر الرجوع إلى الحياة بعد الموت (وَٱجْعَلْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ) وهو يوم القيامة (مَعَ أَوْلِيَائِكَ مَوْقِفِي) بأن أقف في صفهم (وَفِي أَحِبَّائِكَ مَصْدَرِي) بأن أصدر وأخرج من المحشر مع الصالحين إلى الجنة، لا مع الطالحين إلى النار (وَ) اجعل (فِي جِوَارِكَ) أي: جوار رحمتك وهو الجنة (مَسْكَنِي يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ) ولا تجعل في النار مسكني كما تسكن أعداءك فيها.