أفضل المواقع الشيعية

دعاء في استكشاف الهموم

 
السجادية

الدعاء مطابق للمصدر

الصحيفة
 

وكان من دعائه (عليه السلام) في استكشاف الهموم:

يَا فَارِجَ الْهَمِّ، وَكَاشِفَ الْغَمِّ، يَا رَحْمٰنَ الْدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا، صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَٱفْرُجْ هَمِّي، وَٱكْشِفْ غَمِّي، يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُوْلَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ٱعْصِمْنِي وَطَهِّرْنِي، وَٱذْهَبْ بِبَلِيَّتِي،

ـــــــــــ

الشرح: (يَا فَارِجَ الْهَمِّ) الذي يفرجه ويزيله (وَكَاشِفَ الْغَمِّ) الذي يكشفه ويزيحه (يَا رَحْمٰنَ الْدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَرَحِيمَهُمَا) هذا للتأكيد أي: أنت رحمان يرحم في الدنيا والآخرة (صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَٱفْرُجْ هَمِّي، وَٱكْشِفْ غَمِّي) ربما فرّق بين الهم والغم، بأن الأول للحزن الذي يأتي في المستقبل والثاني لما هو الآن محيط بالإنسان، وربما قيل بترادفهما، وهناك فروق أخر ذكروها في فروق اللغات (يَا وَاحِدُ يَا أَحَدُ) الواحد يعني ليس بإثنين، والأحد يعني لا ثاني له، وقيل بالترادف (يَا صَمَدُ) هو السيد الشريف الذي يقصد (يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ) أحداً (وَلَمْ يُوْلَدْ) من أحد حتى يكون له والد (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) أي: زوجة، خلافاً للكفار الذين يعتقدون بكل ذلك (ٱعْصِمْنِي) أي: احفظني عن المكاره (وَطَهِّرْنِي) من الذنوب (وَٱذْهَبْ بِبَلِيَّتِي) أي: ابتلائي، والمراد جميع أنواعها.

ـــــــــــ

[وَٱقْرَأ آيَةَ الْكُرْسِي وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَقُلْ]: أَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ مَنِ ٱشْتَدَّتْ فَاقَتُهُ، وَضَعُفَتْ قُوَّتُهُ، وَكَثُرَتْ ذُنُوبُهُ، سُؤَالَ مَنْ لاَ يَجِدُ لِفاقَتِهِ مُغِيثاً، وَلاَ لِضَعْفِهِ مُقَوِّياً، وَلاَ لِذَنْبِهِ غَافِراً غَيْرَكَ، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ أَسْأَلُكَ عَمَلاً تُحِبُّ بِهِ مَنْ عَمِلَ بِهِ، وَيَقِيناً تَنْفَعُ بِهِ مَنِ ٱسْتَيْقَنَ بِهِ حَقَّ الْيَقِينِ فِي نَفَاذِ أَمْرِكَ،

ـــــــــــ

(أَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ مَنِ ٱشْتَدَّتْ فَاقَتُهُ) أي: فقره ومسكنته (وَضَعُفَتْ قُوَّتُهُ) فلا قوة كافية له في رفع المكارة (وَكَثُرَتْ ذُنُوبُهُ) ومن المعلوم أن إعطاء مثل هذا السائل أولى (سُؤَالَ مَنْ لاَ يَجِدُ لِفاقَتِهِ مُغِيثاً) يغيثه بدفع فقره وإعطائه ما يريد (وَلاَ لِضَعْفِهِ مُقَوِّياً) يوجب ذهاب الضعف عنه (وَلاَ لِذَنْبِهِ غَافِراً غَيْرَكَ) يا رب (يَا ذَا الْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ) يا من يجل عن الذمائم ويكرم (أَسْأَلُكَ عَمَلاً) بأن توفقني لعمل (تُحِبُّ بِهِ مَنْ عَمِلَ بِهِ) أي: تحب بسبب ذلك العمل (وَ) أسألك (يَقِيناً) في صدري (تَنْفَعُ بِهِ مَنِ ٱسْتَيْقَنَ بِهِ) أي: تيقن بذلك اليقين (حَقَّ الْيَقِينِ فِي نَفَاذِ أَمْرِكَ) بأن يكون ذلك اليقين يقيناً قوياً مرتبطاً بأن أعلم أن أمرك نافذ لا يمكن لشيء أن يحول بين أمرك وبين الشيء الذي تريده أنت.

ـــــــــــ

أَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَٱقْبِضْ عَلَىٰ الْصِّدْقِ نَفْسِي وَٱقْطَعْ مِنَ الْدُّنْيَا حَاجَتِي، وَٱجْعَلْ فِي مَا عِنْدَكَ رَغْبَتِي شَوْقاً إِلَىٰ لِقَائِكَ، وَهَبْ لِي صِدْقَ ٱلتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ، أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ كِتَابٍ قَدْ خَلاَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كِتَابٍ قَدْ خَلاَ، أَسْأَلُكَ خَوْفَ الْعَابِدِينَ لَكَ، وَعِبَادَةَ الْخَاشِعِينَ لَكَ، وَيَقِينَ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ، وَتَوَكُّلَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْكَ، أَللَّهُمَّ ٱجْعَلْ رَغْبَتِي فِي مَسْأَلَتِي مِثْلَ رَغْبَةِ أَوْلِيَائِكَ فِي مَسَائِلِهِمْ،

ـــــــــــ

(أَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَٱقْبِضْ عَلَىٰ الْصِّدْقِ نَفْسِي) بأن أكون مصدقاً بالمبدأ والمعاد وقت الموت (وَٱقْطَعْ مِنَ الْدُّنْيَا حَاجَتِي) حتى لا أحتاج إليها فأعصي بسببها (وَٱجْعَلْ فِي مَا عِنْدَكَ رَغْبَتِي) حتى أرغب في الثواب وفي رضوانك (شَوْقاً إِلَىٰ لِقَائِكَ) بأن أشتاق إلى لقاء ثوابك وجزائك شوقاً (وَهَبْ لِي صِدْقَ ٱلتَّوَكُّلِ عَلَيْكَ) بأن أكون صادقاً في التوكل عليك لا أن أظهر التوكل وأبطن عدم الاتكال (أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ كِتَابٍ قَدْ خَلاَ) أي: خير مكتوب قد سبق في علمك والمعنى أن تقدر لي الخير الذي قدرته للناس (وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كِتَابٍ قَدْ خَلاَ) بأن تصرف عني الشر الذي سبق في علمك أن يصيب الناس (أَسْأَلُكَ خَوْفَ الْعَابِدِينَ لَكَ) بأن أخافك مثل خوفهم (وَعِبَادَةَ الْخَاشِعِينَ) أي: الخاضعين (لَكَ) بأن أعبدك مثلهم (وَيَقِينَ الْمُتَوَكِّلِينَ عَلَيْكَ) بأن أكون متيقناً كيقينهم (وَتَوَكُّلَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْكَ) بأن أتوكل عليك كما يتوكل المؤمنون. (أَللَّهُمَّ ٱجْعَلْ رَغْبَتِي فِي مَسْأَلَتِي) أي: سؤالي منك (مِثْلَ رَغْبَةِ أَوْلِيَائِكَ فِي مَسَائِلِهِمْ) فإن أولياء الله يسألونه بكل رغبة واشتياق، فلتكن رغبتي مثل رغبتهم.

ـــــــــــ

وَرَهْبَتِي مِثْلَ رَهْبَةِ أَوْلِيَائِكَ، وَٱسْتَعْمِلْنِي فِي مَرْضَاتِكَ عَمَلاً لاَ أَتْرُكُ مَعَهُ شَيْئاً مِنْ دِينِكَ مَخَافَةَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، أَللَّهُمَّ هِذِهِ حَاجَتِي فَأَعْظِمْ فِيهَا رَغْبَتِي، وَأَظْهِرْ فِيها عُذْرِي، وَلَقِّنِي فِيهَا حُجَّتِي، وَعَافِ فِيهَا جَسَدِي، أَللَّهُمَّ مَنْ أَصْبَحَ لَهُ ثِقَةٌ أَوْ رَجَاءٌ غَيْرُكَ،

ـــــــــــ

(وَرَهْبَتِي) أي: خوفي منك (مِثْلَ رَهْبَةِ أَوْلِيَائِكَ) أي: أحبائك (وَٱسْتَعْمِلْنِي فِي مَرْضَاتِكَ) أي: في رضاك (عَمَلاً لاَ أَتْرُكُ مَعَهُ) أي: مع ذلك العمل (شَيْئاً مِنْ دِينِكَ مَخَافَةَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ) بأن أكون قوياً في دينك أبتغي رضاك وإن سخط الناس (أَللَّهُمَّ هِذِهِ) التي ذكرتها من توفيقي للعمل برضاك ولا أخاف الناس فيك (حَاجَتِي فَأَعْظِمْ فِيهَا رَغْبَتِي) حتى ألتزم بها (وَأَظْهِرْ فِيها عُذْرِي) لعل المراد أظهر للناس عذري في عدم الاهتمام بشأنهم عند إطاعة أوامرك، فإن ذلك مما يخفف وطأهم عليّ إذ يغتفر الناس لمن يخالفهم وفقاً لمذهبه مما لا يغتفرون مثله لمن يخالفهم عناداً وعبثاً، وقيل في معنى الجملة وجوه أُخر (وَلَقِّنِي فِيهَا) أي: في حاجتي (حُجَّتِي) بأن آتي بالحجة في مورد طلب الحاجة (وَعَافِ فِيهَا جَسَدِي) بأن تكون تلك الحاجة سبباً لمرض الجسد إذ ربّ حاجة تكون سبباً لمرض الإنسان (أَللَّهُمَّ مَنْ أَصْبَحَ لَهُ ثِقَةٌ أَوْ رَجَاءٌ غَيْرُكَ) بأن وثق بسواك أو رجا غيرك.

ـــــــــــ

فَقَدْ أَصْبَحْتُ وَأَنْتَ ثِقَتِي وَرَجَائِي فِي ٱلأُمُورِ كُلِّهَا، فَٱقْضِ لِي بِخَيْرِهَا عَاقِبَةً، وَنَجِّنِي مِنْ مُضِلاَّتِ الْفِتَنِ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ ٱلرَّاحِمِينَ، وَصَلَّىٰ اللهُ عَلَىٰ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله الْمُصْطَفَىٰ وَعَلَىٰ آلِهِ ٱلطَّاهِرِينَ.

ـــــــــــ

(فَقَدْ أَصْبَحْتُ وَ) الحال أنك (أَنْتَ ثِقَتِي وَرَجَائِي فِي ٱلأُمُورِ كُلِّهَا) فلا أرجو أمراً إلا منك ولا أثق في حاجة إلا بك (فَٱقْضِ لِي بِخَيْرِهَا عَاقِبَةً) أي: أوصل إلي من حوائجي ما هي أحسن عاقبة مما عداها (وَنَجِّنِي مِنْ مُضِلاَّتِ الْفِتَنِ) أي: الامتحانات التي توجب ضلال الإنسان وسقوطه فيها (بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ ٱلرَّاحِمِينَ، وَصَلَّىٰ اللهُ عَلَىٰ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله الْمُصْطَفَىٰ) أي: الذي اصطفاه واختاره لرسالته (وَعَلَىٰ آلِهِ ٱلطَّاهِرِينَ).

 

هذا آخر الصحيفة السجادية عليه وعلى آبائه الكرام وأبنائه الطاهرين آلاف التحية والسلام، وقد وقع الفراغ من شرحها على يد مؤلفه المحتاج إلى رحمة ربه محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي، في كربلاء المقدسة، ليلة الخامس والعشرين من شهر شوال المكرم سنة ألف وثلثمائة وخمسة وثمانين من الهجرة وأسأل الله سبحانه القبول والتوفيق لما يحب ويرضى، (سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين) والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.

كربلاء المقدسة

ليلة 25 شوال / 1385هـ. ق