أفضل المواقع الشيعية

دعاء كميل

 
الجنان

النسخة مطابقة للمصدر

مفاتيح
 

وهُو من الدّعوات المعروفة، قال العلامة المجلسي رحمه الله: إنّه أفضل الأدعية، وهُو دُعاء الخضر (عليه السلام) وقد علّمه أمير المؤمنين (عليه السلام) كُمَيْلاً وهُو من خواصّ أصحابه، ويُدعى به في ليلة النّصف مِن شعبان وليلة الجمعة، ويُجدي في كفاية شرّ الأعداء، وفي فتح باب الرّزق، وفي غفران الذّنوب، وقد رواه الشّيخ والسيّد كلاهما (قُدِّس سرُّهما) وأنا أرويه عن كتاب مصباح المتهجّد، وهو هذا الدّعاء:

أَللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَبِقُوَّتِكَ الَّتِي قَهَرْتَ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ، وَخَضَعَ لَهَا كُلُّ شَيْءٍ، وَذَلَّ لَهَا كُلُّ شَيْءٍ، وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتِي غَلَبْتَ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ، وَبِعِزَّتِكَ الَّتِي لا يَقُومُ لَهَا شَيْءٌ، وَبِعَظَمَتِكَ الَّتِي مَلأََتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَبِسُلْطَانِكَ الَّذِي عَلاَ كُلَّ شَيْءٍ، وَبِوَجْهِكَ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِأَسْمَائِكَ الَّتِي مَلأََتْ أَرْكَانَ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِعِلْمِكَ الَّذِي أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي أَضَاءَ لَهُ كُلُّ شيْءٍ، يَا نُورُ يَا قُدُّوسُ، يَا أَوَّلَ الأَوَّلِينَ، وَيَا آخِرَ الآخِرِينَ.

أَللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ، أَللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ النِّقَمَ، أَللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ النِّعَمَ، أَللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعَاءَ، أَللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلاءَ، أَللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَقْطَعُ الرَّجَاءَ، َأَللّهُمَّ إغْفِرْ لِي كُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ خَطِيئَةٍ أَخْطَأتُهَا، أَللّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ بِذِكْرِكَ، وَأَسْتَشْفِعُ بِكَ إِلَىٰ نَفْسِكَ، وَأَسْأَلُكَ بِجُودِكَ أَنْ تُدْنِيَنِي مِنْ قُرْبِكَ، وَأَنْ تُوزِِعَنِي شُكْرَكَ، وَأَنْ تُلْهِمَنِي ذِكْرَكَ.

أَللّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ سُؤَالَ خَاضِعٍ مُتَذَلِّلٍ خَاشِعٍ، أَنْ تُسَامِحَنِي وَتَرْحَمَنِي، وَتَجْعَلَنِي بِقِسْمِكَ رَاضِياً قَانِعاً، وَفِي جَمِيعِ الأَحْوَالِ مُتَوَاضِعاً، أَللّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ سُؤَالَ مَنِ اشْتَدَّتْ فَاقَتُهُ، وَأَنْزَلَ بِكَ عِنْدَ الشَّدَائِدِ حَاجَتَهُ، وَعَظُمَ فِيمَا عِنْدَكَ رَغْبَتُهُ، أَللّهُمَّ عَظُمَ سُلْطَانُكَ وَعَلاَ مَكَانُكَ، وَخَفِيَ مَكْرُكَ وَظَهَرَ أَمْرُكَ، وَغَلَبَ قَهْرُكَ وَجَرَتْ قُدْرَتُكَ، وَلا يُمْكِنُ الْفِرَارُ مِنْ حُكُومَتِكَ، أَللّهُمَّ لا أَجِدُ لِذُنُوبِي غَافِراً، وَلا لِقَبَائِحِي سَاتِراً، وَلا لِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِي الْقَبِيحِ بِالْحَسَنِ مُبَدِّلاً غَيْرَكَ، لا إِلـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَتَجَرَّأْتُ بِجَهْلِي، وَسَكَنْتُ إِلَىٰ قَدِيمِ ذِكْرِكَ لِي وَمَنِّكَ عَلَيَّ.

أَللّهُمَّ مَوْلايَ كَمْ مِنْ قَبِيحٍ سَتَرْتَهُ، وَكَمْ مِنْ فَادِحٍ مِنَ الْبَلاَءِ أَقَلْتَهُ (أَمَلْتَهُ)، وَكَمْ مِنْ عِثَارٍ وَقَيْتَهُ، وَكَمْ مِنْ مَكْرُوهٍ دَفَعْتَهُ، وَكَمْ مِنْ ثَنَاءٍ جَمِيلٍ لَسْتُ أَهْلاً لَهُ نَشَرْتَهُ، أَللّهُمَّ عَظُمَ بَلاَئِي، وَأَفْرَطَ بِي سُوءُ حَالِي، وَقَصُرَتْ (وَقَصَّرَتْ) بِي أَعْمَالِي، وَقَعَدَتْ بِي أَغْلاَلِي، وَحَبَسَنِي عَنْ نَفْعِي بُعْدُ آمَالِي (أَمَلِي)، وَخَدَعَتْنِي الدُّنْيَا بِغُرُورِهَا، وَنَفْسِي بِخِيَانَتِهَا (بِجِنَايَتِهَا)، وَمِطَالِي يَا سَيِّدِي، فَأَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ لا يَحْجُبَ عَنْكَ دُعَائِي سُوءُ عَمَلِي وَفِعَالِي، وَلا تَفْضَحْنِي بِخَفِيِّ مَا اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنْ سِرِّي، وَلا تُعاجِلْنِي بِالْعُقُوبَةِ عَلَىٰ مَا عَمِلْتُهُ فِي خَلَوَاتِي مِنْ سُوءِ فِعْلِي وَإِسَاءَتِي، وَدَوَامِ تَفْرِيطِي وَجَهَالَتِي، وَكَثْرَةِ شَهَوَاتِي وَغَفْلَتِي، وَكُنِ اللّهُمَّ بِعِزَّتِكَ لِي فِي الأَحْوَالِ كُلِّهَا (فِي كُلِّ الأَحْوَالِ) رَؤُوفاً، وَعَلَيَّ فِي جَمِيعِ الأُمُورِ عَطُوفاً.

إِلهِي وَرَبِّي مَنْ لِي غَيْرُكَ أَسْأَلُهُ كَشْفَ ضُرِّي، وَالنَّظَرَ فِي أَمْرِي، إِلهِي وَمَوْلايَ أَجْرَيْتَ عَلَيَّ حُكْماً اِتَّبَعْتُ فِيهِ هَوَىٰ نَفْسِي، وَلَمْ أَحْتَرِسْ فِيهِ مِنْ تَزْيِينِ عَدُوِّي، فَغَرَّنِي بِمَا أَهْوَىٰ، وَأَسْعَدَهُ عَلَىٰ ذَلِكَ الْقَضَاءُ، فَتَجَاوَزْتُ بِمَا جَرَىٰ عَلَيَّ مِنْ ذَلِكَ بَعْضَ حُدُودِكَ، وَخالَفْتُ بَعْضَ أَوَامِرِكَ، فَلَكَ اَلْحُجَّةُ (الْحَمْدُ) عَلَيَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَلا حُجَّةَ لِي فِيمَا جَرَىٰ عَلَيَّ فِيهِ قَضَاؤُكَ، وَأَلْزَمَنِي حُكْمُكَ وَبَلاؤُكَ، وَقَدْ أَتَيْتُكَ يَا إِلهِي بَعْدَ تَقْصِيرِي وَإِسْرَافِي عَلَىٰ نَفْسِي مُعْتَذِراً نَادِماً مُنْكَسِراً، مُسْتَقِيلاً مُسْتَغْفِراً مُنِيباً، مُقِرّاً مُذْعِناً مُعْتَرِفاً، لا أَجِدُ مَفَرّاً مِمَّا كَانَ مِنِّي، وَلا مَفْزَعاً أَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ فِي أَمْرِي، غَيْرَ قَبُولِكَ عُذْرِي، وَإِدْخَالِكَ إِيِّايَ فِي (سِعَةِ رَحْمَتِكَ) سَعَةٍ مِنْ رَحْمَتِكَ، أَللّهُمَّ فَاقْبَلْ عُذْرِي، وَارْحَمْ شِدَّةَ ضُرِّي، وَفُكَّنِي مِنْ شَدِّ وَثَاقِي، يَا رَبِّ ارْحَمْ ضَعْفَ بَدَنِي وَرِقَّةَ جِلْدِي وَدِقَّةَ عَظْمِي، يَا مَنْ بَدَأَ خَلْقِي وَذِكْرِي وَتَرْبِيَتِي وَبِرِّي وَتَغْذِيَتِي، هَبْنِي لابْتِدَاءِ كَرَمِكَ وَسَالِفِ بِرِّكَ بِي، يَا إِلهِي وَسَيِّدِي وَرَبِّي.

أَتُرَاكَ مُعَذِّبِي بِنَارِكَ بَعْدَ تَوْحِيدِكَ، وَبَعْدَمَا أنْطَوَىٰ عَلَيْهِ قَلْبِي مِنْ مَعْرِفَتِكَ، وَلَهِجَ بِهِ لِسَانِي مِنْ ذِكْرِكَ، وَاعْتَقَدَهُ ضَمِيرِي مِنْ حُبِّكَ، وَبَعْدَ صِدْقِ اعْتِرَافِي وَدُعَائِي خَاضِعاً لِرُبُوبِيَّتِكَ، هَيْهَاتَ أَنْتَ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ تُضَيِّعَ مَنْ رَبَّيْتَهُ، أَوْ تُبَعِّدَ (تُبْعِدَ) مَنْ أَدْنَيْتَهُ، أَوْ تُشَرِّدَ مَنْ آوَيْتَهُ، أَوْ تُسَلِّمَ إِلَى الْبَلاَءِ مَنْ كَفَيْتَهُ وَرَحِمْتَهُ، وَلَيْتَ شِعْرِي يَا سَيِّدِي وَإِلهِي وَمَوْلايَ، أَتُسَلِّطُ النَّارَ عَلَىٰ وُجُوهٍ خَرَّتْ لِعَظَمَتِكَ سَاجِدَةً، وَعَلَىٰ أَلْسُنٍ نَطَقَتْ بِتَوْحِيدِكَ صَادِقَةً، وَبِشُكْرِكَ مَادِحَةً، وَعَلَىٰ قُلُوبٍ اعْتَرَفَتْ بِإِلهِيَّتِكَ مُحَقِّقَةً، وَعَلَىٰ ضَمَائِرَ حَوَتْ مِنَ الْعِلْمِ بِكَ حَتَّى صَارَتْ خَاشِعَةً، وَعَلَىٰ جَوَارِحَ سَعَتْ إِلَىٰ أَوْطَانِ تَعَبُّدِكَ طَائِعَةً، وَأَشَارَتْ بِاسْتِغْفَارِكَ مُذْعِنَةً، مَا هٰكَذَا الظَّنُّ بِكَ، وَلا أُخْبِرْنا بِفَضْلِكَ عَنْكَ يَا كَريمُ.

يَا رَبِّ وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفِي عَنْ قَلِيلٍ مِنْ بَلاَءِ الدُّنْيَا وَعُقُوبَاتِهَا، وَما يَجْرِي فِيهَا مِنَ الْمَكَارِهِ عَلَىٰ أَهْلِهَا، عَلَىٰ أَنَّ ذَلِكَ بَلاءٌ وَمَكْرُوهٌ، قَلِيلٌ مَكْثُهُ، يَسِيرٌ بَقَاؤُهُ، قَصِيرٌ مُدَّتُهُ، فَكَيْفَ احْتِمَالِي لِبَلاَءِ الآخِرَةِ، وَجَلِيلِ (وَحُلُولِ) وُقُوعِ الْمَكَارِهِ فِيهَا، وَهُوَ بَلاءٌ تَطُولُ مُدَّتُهُ، وَيَدُومُ مَقَامُهُ، وَلا يُخَفَّفُ عَنْ أَهْلِهِ، لأَِنَّهُ لا يَكُونُ إِلاَّ عَنْ غَضَبِكَ وَانْتِقَامِكَ وَسَخَطِكَ، وَهٰذَا مَا لا تَقُومُ لَهُ السَّمٰوَاتُ وَالأَرْضُ، يَا سَيِّدِي فَكَيْفَ بِي (لِي) وَأَنَا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ، الْحَقِيرُ الْمِسْكِينُ الْمُسْتَكِينُ.

 يَا إِلهِي وَرَبِّي وَسَيِّدِي وَمَوْلاَيَ، لأَيِّ الأُمُورِ إِلَيْكَ أَشْكُو، وَلِمَا مِنْهَا أَضِجُّ وَأَبْكِي، لأَلِيمِ الْعَذَابِ وَشِدَّتِهِ، أَمْ لِطُولِ الْبَلاءِ وَمُدَّتِهِ، فَلَئِنْ صَيَّرْتَنِي لِلْعُقُوبَاتِ مَعَ أَعْدَائِكَ، وَجَمَعْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَهْلِ بَلائِكَ، وَفَرَّقْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحِبَّائِكَ وَأَوْلِيَائِكَ، فَهَبْنِي يَا إِلهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلاَيَ وَرَبِّي، صَبَرْتُ عَلَىٰ عَذَابِكَ، فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلَىٰ فِرَاقِكَ، وَهَبْنِي (يَا إِلهِي) صَبَرْتُ عَلَىٰ حَرِّ نَارِكَ، فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إِلَىٰ كَرَامَتِكَ، أَمْ كَيْفَ أَسْكُنُ فِي النَّارِ وَرَجَائِي عَفْوُكَ، فَبِعِزَّتِكَ يَا سَيِّدِي وَمَوْلاَيَ أُقْسِمُ صَادِقاً، لَئِنْ تَرَكْتَنِي نَاطِقاً، لأَضِجَّنَّ إِلَيْكَ بَيْنَ أَهْلِهَا ضَجِيجَ الآمِلِينَ (الآلِمِيْنَ)، وَلأََصْرُخَنَّ إِلَيْكَ صُرَاخَ الْمَسْتَصْرِخِينَ، وَلأََبْكِيَنَّ عَلَيْكَ بُكَاءَ الْفَاقِدِينَ، وَلأَُنادِيَنَّكَ أَيْنَ كُنْتَ يَا وَلِيَّ الْمُؤْمِنِينَ، يَا غَايَةَ آمَالِ الْعَارِفِينَ، يَا غِيَاثَ الْمُسْتَغِيثِينَ، يَا حَبِيبَ قُلُوبِ الصَّادِقِينَ، وَيَا إِلـٰهَ الْعَالَمِينَ.

أَفَتُرَاكَ سُبْحَانَكَ يَا إِلهِي وَبِحَمْدِكَ، تَسْمَعُ فِيهَا صَوْتَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ سُجِنَ (يُسْجَنُ) فِيهَا بِمُخَالَفَتِهِ، وَذَاقَ طَعْمَ عَذَابِهَا بِمَعْصِيَتِهِ وَحُبِسَ بَيْنَ أَطْبَاقِهَا بِجُرْمِهِ وَجَرِيرَتِهِ، وَهُوَ يَضِجُّ إِلَيْكَ ضَجِيجَ مُؤَمِّلٍ لِرَحْمَتِكَ، وَيُنَادِيكَ بِلِسَانِ أَهْلِ تَوْحِيدِكَ، وَيَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِرُبُوبِيَّتِكَ، يَا مَوْلاَيَ فَكَيْفَ يَبْقَىٰ فِي الْعَذَابِ وَهُوَ يَرْجُو مَا سَلَفَ مِنْ حِلْمِكَ، أَمْ كَيْفَ تُؤْلِمُهُ النَّارُ وَهُوَ يَأْمُلُ فَضْلَكَ وَرَحْمَتَكَ، أَمْ كَيْفَ يُحْرِقُهُ لَهِيبُهَا وَأَنْتَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ وَتَرَىٰ مَكَانَهُ، أَمْ كَيْفَ يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ زَفِيرُهَا وَأَنْتَ تَعْلَمُ ضَعْفَهُ، أَمْ كَيْفَ يَتَقَلْقَلُ (يَتَغَلْغَلُ) بَيْنَ أَطْبَاقِهَا وَأَنْتَ تَعْلَمُ صِدْقَهُ، أَمْ كَيْفَ تَزْجُرُهُ زَبانِيَتُهَا وَهُوَ يُنَادِيكَ يَا رَبَّاهُ، أَمْ كَيْفَ يَرْجُو فَضْلَكَ فِي عِتْقِهِ مِنْهَا فَتَتْرُكَهُ (فَتَتْرُكُهُ) فِيهَا، هَيْهَاتَ مَا ذَلِكَ الظَّنُ بِكَ، وَلاَ الْمَعْرُوفُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلا مُشْبِهٌ لِمَا عَامَلْتَ بِهِ الْمُوَحِّدِينَ مِنْ بِرِّكَ وَإِحْسَانِكَ.

فَبِالْيَقِينِ أَقْطَعُ، لَوْلا مَا حَكَمْتَ بِهِ مِنْ تَعْذِيبِ جَاحِدِيكَ، وَقَضَيْتَ بِهِ مِنْ إِخْلاَدِ مُعَانِدِيكَ، لَجَعَلْتَ النَّارَ كُلَّهَا بَرْداً وَسَلاَماً، وَمَا كَانَتْ (كَانَ) لأَحَدٍ فِيهَا مَقَرّاً وَلاَ مُقَاماً (مَقَامَاً)، لَكِنَّكَ تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ، أَقْسَمْتَ أَنْ تَمْلأََهَا مِنَ الْكَافِرِينَ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَأَنْ تُخَلِّدَ فِيهَا الْمُعَانِدِينَ، وَأَنْتَ جَلَّ ثَنَاؤُكَ قُلْتَ مُبْتَدِئاً، وَتَطَوَّلْتَ بِالإِنْعَامِ مُتَكَرِّماً، أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً، لا يَسْتَوُونَ.

إِلهِي وَسَيِّدِي، فَأَسْأَلُكَ بِالْقُدْرَةِ الَّتِي قَدَّرْتَهَا، وَبِالْقَضِيَّةِ الَّتِي حَتَمْتَهَا وَحَكَمْتَهَا، وَغَلَبْتَ مَنْ عَلَيْهِ أَجْرَيْتَهَا، أَنْ تَهَبَ لِي فِي هٰذِهِ اللَّيْلَةِ وَفِي هٰذِهِ السَّاعَةِ، كُلَّ جُرْمٍ أَجْرَمْتُهُ، وَكُلَّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ قَبِيحٍ أَسْرَرْتُهُ، وَكُلَّ جَهْلٍ عَمِلْتُهُ، كَتَمْتُهُ أَوْ أَعْلَنْتُهُ، أَخْفَيْتُهُ أَوْ أَظْهَرْتُهُ، وَكُلَّ سَيِّئَةٍ أَمَرْتَ بِإِثْبَاتِهَا الْكِرَامَ الْكَاتِبِينَ، الَّذِينَ وَكَّلْتَهُمْ بِحِفْظِ ما يَكُونُ مِنِّي، وَجَعَلْتَهُمْ شُهُوداً عَلَيَّ مَعَ جَوَارِحِي، وَكُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيَّ مِنْ وَرَائِهِمْ، وَالشَّاهِدَ لِمَا خَفِيَ عَنْهُمْ، وَبِرَحْمَتِكَ أَخْفَيْتَهُ، وَبِفَضْلِكَ سَتَرْتَهُ، وَأَنْ تُوَفِّرَ حَظِّي مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تُنْزِلُهُ (أَنْزَلْتَهُ)، أَوْ إِحْسَانٍ تُفْضِلُهُ (فَضَّلْتَهُ)، أَوْ بِرٍّ تَنْشُرُهُ (نَشَرْتَهُ) أَوْ رِزْقٍ تَبْسِطُهُ (بَسَطْتَهُ) أَوْ ذَنْبٍ تَغْفِرُهُ، أَوْ خَطَأٍ تَسْتُرُهُ.

يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبْ، يَا إِلهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلاَيَ وَمَالِكَ رِقِّي، يَا مَنْ بِيَدِهِ نَاصِيَتِي، يَا عَلِيماً بِضُرِّي (بِفَقْرِي) وَمَسْكَنَتِي، يَا خَبِيراً بِفَقْرِي وَفَاقَتِي، يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبْ، أَسْأَلُكَ بِحَقِّكَ وَقُدْسِكَ وَأَعْظَمِ صِفَاتِكَ وَأَسْمَائِكَ، أَنْ تَجْعَلَ أَوْقَاتِي فِي (مِنَ) اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِذِكْرِكَ مَعْمُورَةً، وَبِخِدْمَتِكَ مَوْصُولَةً، وَأَعْمَالِي عِنْدَكَ مَقْبُولَةً، حَتَّى تَكُونَ أَعْمَالِي وَأَوْرَادِي (وَإِرَادَتِي) كُلُّهَا وِرْداً وَاحِداً، وَحَالِي فِي خِدْمَتِكَ سَرْمَداً.

يَا سَيِّدِي يَا مَنْ عَلَيْهِ مُعَوَّلِي، يَا مَنْ إِلَيْهِ شَكَوْتُ أَحْوَالِي، يَا رَبِّ يَا رَبِّ يَا رَبْ، قَوِّ عَلَىٰ خِدْمَتِكَ جَوَارِحِي، وَأَشْدُدْ عَلَىٰ الْعَزِيمَةِ جَوَانِحِي، وَهَبْ لِيَ الْجِدَّ فِي خَشْيَتِكَ، وَالدَّوَامَ فِي الإِتِّصَالِ بِخِدْمَتِكَ، حَتَّىٰ أَسْرَحَ إِلَيْكَ فِي مَيَادِينِ السَّابِقِينَ، وَأُسْرِعَ إِلَيْكَ فِي الْمُبَادِرِينَ (الْبَارِزِينَ)، وَأَشْتَاقَ إِلَىٰ قُرْبِكَ فِي الْمُشْتَاقِينَ، وَأَدْنُوَ مِنْكَ دُنُوَّ الْمُخْلِصِينَ، وَأَخَافَكَ مَخَافَةَ الْمُوقِنِينَ، وَأَجْتَمِعَ فِي جِوَارِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ.

أَللّهُمَّ وَمَنْ أَرَادَنِي بِسُوءٍ فَأَرِدْهُ، وَمَنْ كَادَنِي فَكِدْهُ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَحْسَنِ عَبِيدِكَ نَصِيباً عِنْدَكَ، وَأَقْرَبِهِمْ مَنْزِلَةً مِنْكَ، وَأَخَصِّهِمْ زُلْفَةً لَدَيْكَ، فَإِنَّهُ لا يُنَالُ ذَلِكَ إِلاَّ بِفَضْلِكَ، وَجُدْ لِي بِجُودِكَ، وَاعْطِفْ عَلَيَّ بِمَجْدِكَ، وَاحْفَظْنِي بِرَحْمَتِكَ، وَاجْعَلْ لِسَانِي بِذِكْرِكَ لَهِجَاً، وَقَلْبِي بِحُبِّكَ مُتَيَّماً وَمُنَّ عَلَيَّ بِحُسْنِ إِجَابَتِكَ، وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي وَاغْفِرْ زَلَّتِي، فَإِنَّكَ قَضَيْتَ عَلَىٰ عِبَادِكَ بِعِبَادَتِكَ، وَأَمَرْتَهُمْ بِدُعَائِكَ، وَضَمِنْتَ لَهُمُ الإِجَابَةَ، فَإِلَيْكَ يَا رَبِّ نَصَبْتُ وَجْهِي، وَإِلَيْكَ يَا رَبِّ مَدَدْتُ يَدِي، فَبِعِزَّتِكَ اسْتَجِبْ لِي دُعَائِي، وَبَلِّغْنِي مُنَايَ، وَلا تَقْطَعْ مِنْ فَضْلِكَ رَجَائِي، وَاكْفِنِي شَرَّ الْجِنِّ وَالإِنْسِ مِنْ أَعْدَائِي.

يَا سَرِيعَ الرِّضَا، اغْفِرْ لِمَنْ لا يَمْلِكُ إِلاَّ الدُّعَاءَ، فَإِنَّكَ فَعَّالٌ لِمَا تَشَاءُ، يا مَنْ اسْمُهُ دَوَاءٌ، وَذِكْرُهُ شِفَاءٌ، وَطَاعَتُهُ غِنىً،، ارْحَمْ مَنْ رَأْسُ مَالِهِ الرَّجَاءُ، وَسِلاحُهُ الْبُكَاءُ، يَا سَابِغَ النِّعَمِ، يَا دَافِعَ النِّقَمِ، يَا نُورَ الْمُسْتَوْحِشِينَ فِي الظُّلَمِ، يَا عَالِماً لا يُعَلَّمُ، صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَافْعَلْ بِي مَا أَنْتَ أَهْلُهُ، وَصَلَّىٰ اللهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ، وَالأَئِمَّةِ الْمَيَامِينَ مِنْ آلِهِ (أَهْلِهِ)، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً.

شرح الذنوب التي ذكرت بالدعاء:

أولاً: "أَللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَهْتِكُ الْعِصَمَ"

العصم: جمع العصمة (المنع) والمراد بها هنا إمّا منع نزول المكروه ورفع ما يدفع العقاب، وفتح باب الخسران والخذلان، وإيجاب الفضاحة والفظاعة في الدنيا والآخرة والذنوب التي توجب ذلك على ما روي عن الصادق عليه السّلام:

"شرب الخمر،واللعب، والقمار، وفعل ما يضحك الناس من اللهو، وذكر عيوب الناس، ومجالسة أهل الريب".

 ثانياً: "أَللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ النِّقَمَ"

النقم: جمع النقمة، وهي ضدّ النعمة، ويعبّر عنها بالعقوبة والخيبة والخسران والذنوب التي تنزلها على ما روي عن الصادق عليه السّلام:

"العصيان، والاستهزاء بالناس، والسخرية منهم".

وفي الوافي عنه عليه السّلام: إنّ الذنوب التي تُنزل النِقم: الظلم والمراد بالظلم منع كلّ ذي حقٍّ حقّه، سواءً كان إنساناً أو حيواناً أو نباتاً أو جماداً، وسواء كان في حقّ نفسه أو غيره، في دين أو دنياً، ومن المعلوم أنّ المظلوم كلّما كان أشرف كان الظلم أقبح وأشدّ.

 ثالثاً: "أَللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُغَيِّرُ النِّعَمَ"

النعم: جمع النعمة بمعنى اللين وتطلق في اللغة على ما يستلذّ بها الإنسان من طيبات الدنيا ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾ والذنوب التي تغيّرها على ما روي عن أبي عبد الله عليه السّلام:

"البغي على الناس، والردّ على العالم، وكفران النعمة والشرك بالله".

 رابعاً: "أَللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَحْبِسُ الدُّعَاءَ"

وحبسُ الدعاء ردّها وعدم إجابتها، والذنوب الموجبة لذلك على ما روي عن الصادق عليه السّلام:

"سوء النية والسريرة، وترك التصديق بالإجابة، والنفاق مع الإخوان، وتأخير الصلاة عن وقتها".

 خامسا: "أَللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تُنْزِلُ الْبَلاءَ"

أي المكروه وخلاف العافية والذنوب التي تنزلها على ما روي عن سيّد العابدين:

"ترك إغاثة الملهوف، وترك معاونة المظلوم، وتضييع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".

 سادساً: اللَّهُمَّ "أَللّهُمَّ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الَّتِي تَقْطَعُ الرَّجَاءَ"

الرجاء ـ ممدوداً ـ الأمل وتوقع حصول المطلب بعد تحقّق الأسباب لحصوله والذنوب التي تقطعها على ما رُوِيَ عن الصادق عليه السّلام: "اليأس من روح الله، والقنوط من رحمة الله، والثقة بغير الله، والتكذيب بوعده".