الْحَمْدُ
للهِ
ٱلَّذِي لَيْسَ لِقَضَائِهِ دَافِعٌ، وَلاَ لِعَطَائِهِ
مَانِعٌ، وَلاَ كَصُنْعِهِ صُنْعُ صَانِعٍ، وَهُوَ الْجَوَادُ
الْوَاسِعُ، فَطَرَ أَجْنَاسَ الْبَدَائِعِ، وأَتْقَنَ
بِحِكْمَتِهِ ٱلصَّنَائِعَ، لاَ تَخْفَىٰ عَلَيْهِ
ٱلطَّلاَئِعُ، وَلاَ تَضيعُ عِنْدَهُ الْوَدَائِعُ، أَتَىٰ بِٱلكِتَابِ
الْجَامِعْ وَبِشَرْعِ ٱلإِسْلاَمِ ٱلنُّورِ ٱلسَّاطِعِ
وَلِلْخَلِيفَةِ (وَلِلْخَلِيقَةَ) صَانِعٌ وَهُوَ
الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰٰ الْفَجَائِعِ، جَازَىٰ كُلِّ صَانِعٍ،
وَرَايِشُ كُلِّ قَانِعٍ، وَرَاحِمُ كُلِّ ضَارِعٍ، وَمُنْزِلُ
الْمَنَافِعِ وَالْكِتَابِ الْجَامِعِ، بِٱلنُّورِ ٱلسَّاطِعِ،
وَهُوَ لِلدَّعَوَاتِ سَامِعٌ، وَلِلْكُرُبَاتِ دَافِعٌ،
وَلِلدَّرَجَاتِ رَافِعٌ، وَلِلْجَبَابِرَةِ قَامِعٌ، فَلاَ
إِلَـٰهَ غَيْرُهُ، وَلاَ شَيْءَ يَعْدِلُهُ، وَلَيْسَ
كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ ٱلسَّمَِيعُ الْبَصِيرُ، ٱللَّطِيفُ
الْخَبِيرُ، وَهُوَ عَلَىٰٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
أَللّهُمَّ إِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ، وَأَشْهَدُ بِٱلرُّبُوبِيَّةِ
لَكَ، مُقِرّاً بِأَنَّكَ رَبِّي، إِلَيْكَ مَرَدِّي، ٱبْتَدَأْتَنِي
بِنِعْمَتِكَ قَبْلَ أَنْ أَكُونَ شَيْئاً مَذْكُوراً،
وَخَلَقْتَنِي مِنَ ٱلتُّرَابِ، ثُمَّ أَسْكَنْتَنِي
ٱلأَصْلاَبَ، آمِناً لِرَيْبِ الْمَنُونِ، وَٱخْتِلاَفِ
ٱلدُّهُورِ وٱلسِّنِينَ، فَلَمْ أَزَلْ ظَاعِناً مِنْ صُلْبٍ
إِلَىٰ رَحِمٍ، فِي تَقادُمٍ مِنَ ٱلأَيَّامِ الْمَاضِيَةِ،
وَالْقُرُونِ الْخَالِيَةِ، لَمْ تُخْرِجْنِي لِرَأْفَتِكَ بِي،
وَلُطْفِكَ لِي
(بِي)،
وَإِحْسَانِكَ إِلَيَّ، فِي دَوْلَةِ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ ٱلَّذِينَ
نَقَضُوا عَهْدَكَ، وَكَذَّبُوا رُسُلَكَ، لَكِنَّكَ
أَخْرَجْتَنِي
(رَأْفَتاً مِنْكَ وَتَحَنُّناً عَلَيَّ)
لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدَىٰ، ٱلَّذِي لَهُ
يَسَّرْتَنِي، وَفِيهِ أَنْشَأْتَنِي، وَمِنْ قَبْلِ ذَلِكَ
رَؤُفْتَ بِي بِجَمِيلِ صُنْعِكَ، وَسَوَابِغِ نِعَمِكَ، فَٱبْتَدَعْتَ
خَلْقِي مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَىٰ، وَأَسْكَنْتَنِي فِي ظُلُمَاتٍ
ثَلاَثٍ، بَيْنَ لَحْمٍ وَدَمٍ وَجِلْدٍ، لَمْ تُشْهِدْنِي
خَلْقِي
(تُشَهِّرْنِي بِخَلْقِي)،
وَلَمْ تَجْعَلْ إِلَيَّ شَيْئاً مِنْ أَمْرِي، ثُمَّ
أَخْرَجْتَنِي لِلَّذِي سَبَقَ لِي مِنَ الْهُدىٰ إِلَىٰ
ٱلدُّنْيَا تَامّاً سَوِيّاً، وَحَفِظْتَنِي فِي الْمَهْدِ
طِفْلاً صَبِيّاً، وَرَزَقْتَنِي مِنَ الْغِذَاءِ لَبَناً
مَرِيّاً، وَعَطَفْتَ عَلَيَّ قُلُوبَ الْحَوَاضِنِ،
وَكَفَّلْتَنِي ٱلأُمَّهَاتِ ٱلرَّوَاحِمَ
(ٱلرَّحَائِمَ)،
وَكَلأْتَنِي مِنْ طَوَارِقِ الْجَانِّ، وَسَلَّمْتَنِي مِنَ
ٱلزِّيَادَةِ وَٱلنُّقْصَانِ، فَتَعَالَيْتَ يَا رَحِيمُ يَا
رَحْمٰنُ، حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَهْلَلْتُ نَاطِقاً بِالْكَلاَمِ،
أَتْمَمْتَ عَلَيَّ سَوَابِغَ ٱلأَنْعَامِ، وَرَبَّيْتَنِي
زَايِداً فِي كُلِّ عَامٍ، حَتَّىٰ إِذَا ٱكْتَمَلَتْ
فِطْرَتِي، وَٱعْتَدَلَتْ مِرَّتِي، أَوْجَبْتَ عَلَيَّ
حُجَّتَكَ بِأَنْ أَلْهَمْتَنِي مَعْرِفَتَكَ، وَرَوَّعْتَنِي
(أَلْهَمْتَنِي)
بِعَجَائِبِ حِكْمَتِكَ، وَأَيْقَظْتَنِي لِمَا ذَرَأْتَ فِي
سَمَائِكَ وَأَرْضِكَ مِنْ بَدَائِعِ خَلْقِكَ، وَنَبَّهْتَنِي
لِشُكْرِكَ وَذِكْرِكَ، وَأَوجَبْتَ عَلَيَّ طَاعَتَكَ
وَعِبَادَتَكَ، وَفَهَّمْتَنِي مَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُكَ،
وَيَسَّرْتَ لِي تَقَبُّلَ مَرْضَاتِكَ، وَمَنَنْتَ عَلَيَّ
فِي جَمِيعِ ذَلِكَ بِعَونِكَ وَلُطْفِكَ، ثُمَّ إِذْ
خَلَقْتَنِي مِنْ خَيْرِ
(حُرِّ)
ٱلثَّرَىٰ، لَمْ تَرْضَ لِي يَا إِلَهِي نِعْمَةً
(بِنِعْمَةٍ)
دُونَ أُخْرَىٰ، وَرَزَقْتَنِي مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعَاشِ،
وَصُنُوفِ ٱلرِّيَاشِ بِمَنِّكَ الْعَظِيمِ ٱلأَعْظَمِ
عَلَيَّ، وَإِحْسَانِكَ الْقَدِيمِ إِلَيَّ، حَتَّىٰ إِذَا
أَتْمَمْتَ عَلَيَّ جَمِيعَ ٱلنِّعَمِ، وَصَرَفْتَ عَنِّي
كُلَّ ٱلنِّقَمِ، لَمْ يَمْنَعْكَ جَهْلِي وَجُرْأَتِي
عَلَيْكَ أَنْ دَلَلْتَنِي إِلَىٰ
(عَلَىٰ)
مَا يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ، وَوَفَّقْتَنِي لِمَا يُزْلِفُنِي
لَدَيْكَ، فَإِنْ دَعْوَتُكَ أَجَبْتَنِي، وَإِنْ سَأَلْتُكَ
أَعْطَيْتَنِي، وَإِنْ أَطَعْتُكَ شَكَرْتَنِي، وَإِنْ
شَكَرْتُكَ زِدْتَنِي، كُلُّ ذَلِكَ إِكْمَالاً
(إِكْمَالٌ)
لأَنْعُمِكَ عَلَيَّ، وَإِحْسَانِكَ إِلَيَّ، فَسُبْحَانَكَ
سُبْحَانَكَ، مِنْ مُبْدِىءٍ مُعِيدٍ حَمِيدٍ مَجِيدٍ،
وتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُكَ، وَعَظُمَتْ آلاَؤُكَ، فَأَيُّ
نِعَمِكَ يَا إِلَهِي أُحْصِي عَدَداً وَذِكْراً، أَمْ أَيُّ
عَطَايَاكَ أَقُومُ بِهَا شُكْراً، وَهِيَ يَا رَبِّ أَكْثرُ
(أَكْبَرُ) مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا الْعَادُّونَ، أَوْ يَبْلُغَ
عِلْماً بِهَا الْحَافِظُونَ، ثُمَّ مَا صَرَفْتَ وَدَرَأْتَ
عَنِّي أَللّهُمَّ مِنَ ٱلضُّرِّ وَٱلضَّرَّاءِ أَكْثَرَ
مِمَّا ظَهَرَ لِي مِنَ الْعَافِيَةِ وَٱلسَّرَّاءِ، وَأَنَا
(فَأَنَا)
أَشْهَدُ يَا إِلَهِي بِحَقِيقَةِ إِيمَانِي، وَعَقْدِ
عَزَمَاتِ يَقِينِي، وَخَالِصِ صَرِيحِ تَوْحِيدِي، وَبَاطِنِ
مَكْنُونِ ضَمِيرِي، وَعَلاَئِقِ مَجَارِيَ نُورِ بَصَرِي،
وَأَسَارِيرِ صَفْحَةِ جَبِينِي، وَخُرْقِ مَسَارِبِ نَفْسِي
(نَفَسِي)،
وَخَذَارِيفِ مَارِنِ عِرْنِينِي، وَمَسَارِبِ صِمَاخِ
(سَمَاخَ)
سَمْعِي، وَمَا ضُمَّتْ وَأَطْبَقَتْ عَلَيْهِ شَفَتَايَ،
وَحَرِكَاتِ لَفْظِ لِسَانِي، وَمَغْرَزِ حَنَكِ فَمِي
وَفَكِّي، وَمَنَابِتِ أَضْرَاسِي، وَمَسَاغِ مَطْعَمِي
وَمَشْرَبِي، وَحِمَالَةِ أُمِّ رَأْسِي، وَبُلُوغِ فَارِغِ
حَبَائِلِ عُنُقِي
(وَبُلُوغِ حَبَائِلَ بَارِعَ عُنُقِي)،
وَمَا ٱشْتَمَلَ عَلَيْهِ تَامُورُ صَدْرِي، وَحَمَائِلِ
حَبْلِ
(وَحُبَلِ حَمَائِلِ)
وَتِينِي، وَنِيَاطِ حِجَابِ قَلْبِي، وَأَفْلاَذِ حَوَاشِي
كَبِدِي، وَمَا حَوَتْهُ شَرَاسِيفُ أَضْلاَعِي، وَحِقَاقُ
مَفَاصِلِي، وَقَبْضُ عَوَامِلِي، وَأَطْرَافُ أَنَامِلِي
وَلَحْمِي وَدَمِي، وَشَعْرِي وَبَشَرِي، وَعَصَبِي وَقَصَبِي،
وَعِظَامِي وَمُخِّي وَعُرُوقِي، وَجَمِيعُ جَوَارِحِي، وَمَا
ٱنْتَسَجَ عَلَىٰٰ ذَلِكَ أَيَّامَ رَِضَاعِي، وَمَا أَقِلَّتِ
ٱلأَرْضُ مِنِّي، وَنَوْمِي وَيَقْظَتِي وَسُكُونِي وَحرَكَاتِ
رُكُوعِي وَسُجُودِي، أَنْ لَوْ حَاوَلْتُ وَٱجْتَهَدْتُ
مَدَىٰ ٱلأَعْصَارِ وَٱلأَحْقَابِ لَوْ عُمِّرْتُهَا أَنْ
أُؤَدِّيَ شُكْرَ وَاحِدَةٍ مِنْ أَنْعُمِكَ مَا ٱسْتَطَعْتُ
ذَلِكَ إِلاَّ بِمَنِّكَ الْمُوجَبِ عَلَيَّ بِهِ شُكْرُكَ
أَبَداً جَدِيداً، وَثَنَاءً طَارِفاً عَتِيداً، أَجَلْ وَلوْ
حَرَصْتُ أَنَا وَالْعَادُّونَ مِنْ أَنَامِكَ، أَنْ نُحْصِيَ
مَدَىٰ إِنْعَامِكَ، سَالِفِهِ وَآنِفِهِ
(سَالِفَهً وَآنِفَهً)
مَا حَصَرْناَهُ عَدَداً، وَلاَ أَحْصَيْنَاهُ أَمَداً،
هَيْهَاتَ أَنَّىٰ ذَلِكَ وَأَنْتَ الْمُخْبِرُ فِي كِتَابِكَ
ٱلنَّاطِقِ، وَٱلنَّبَأِ ٱلصَّادِقِ،
﴿وَاِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها﴾
صَدَقَ كِتَابُكَ أَللّهُمَّ وَإِنْبَاؤُكَ، وَبَلَّغَتْ
أَنْبِيَاؤُكَ وَرُسُلُكَ، مَا أَنْزَلْتَ عَلَيْهِمْ مِنْ
وَحْيِكَ، وَشَرَعْتَ لَهُمْ وَبِهِمْ مِنْ دِينِكَ، غَيْرَ
أَنِّي يَا إِلَهِي أَشْهَدُ بِجَُهْدِي وَجِدِّي، وَمَبْلَغِ
طَاقَتِي
(طَاعَتِي)
وَوُسْعِي، وَأَقُولُ مُؤْمِناً مُوقِناً، اَلْحَمْدُ
للهِ
ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً فَيَكُونَ مَوْرُوثاً، وَلَمْ
يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي مُلْكِهِ فَيُضَادُّهُ فِيمَا ٱبْتَدَعَ،
وَلاَ وَلِيٌّ مِنَ ٱلذُّلِّ فَيُرْفِدُهُ فِيمَا صَنَعَ،
فَسُبْحَانَهُ سُبْحَانَهُ،
﴿لَوْ
كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُُ لَفَسَدَتَا﴾
وَتَفَطَّرَتَا سُبْحَانَ
اللهِ
الْوَاحِدِ ٱلأَحَدِ ٱلصَّمَدِ ٱلَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ
يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، اَلْحَمْدُ
للهِ
حَمْداً يُعَادِلُ حَمْدَ مَلاَئِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ،
وَأَنْبِيَائِهِ الْمُرْسَلِينَ، وَصَلَّىٰ
اللهُ
عَلَىٰ خِيَرَتِهِ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ ٱلنَّبِيِّينَ، وَآلِهِ
ٱلطَّيِّبِينَ ٱلطَّاهِرِينَ الْمُخْلَصِينَ وَسَلَّمَ.
ثمّ اندفع فِي المسألة واجتهد فِي الدّعاء ، وقال وعيناه
سالتا دموعاً:
أَللّهُمَّ ٱجْعَلْنِي أَخْشَاكَ كَأَنِّي أَرَاكَ،
وَأَسْعِدْنِي بِتَقْوَاكَ، وَلاَ تُشْقِنِي بِمَعْصِيَتِكَ،
وَخِرْ لِي فِي قَضَائِكَ، وَبَارِكْ لِي فِي قَدَرِكَ،
حَتَّىٰ لاَ أُحِبَّ تَعْجِيلَ مَا أَخَّرْتَ وَلاَ تَأْخِيرَ
مَا عَجَّلْتَ.
أَللّهُمَّ ٱجْعَلْ غِنَايَ فِي نَفْسِي، وَالْيَقِينَ فِي
قَلْبِي، وَٱلإِخْلاَصَ فِي عَمَلِي، وَٱلنُّورَ فِي بَصَرِي،
وَالْبَصِيرَةَ فِي دِينِي، وَمَتِّعْنِي بِجَوَارِحِي، وَٱجْعَلْ
سَمْعِي وَبَصَرِي الْوَارِثَيْنِ مِنِّي، وَٱنْصُرْنِي عَلَىٰ
مَنْ ظَلَمَنِي، وَأَرِنِي فِيهِ ثَأْرِي وَمَآرِبِي،
وَأَقِرَّ بِذٰلِكَ عَيْنِي.
أَللَّهُمَّ ٱكْشِفْ كُرْبَتِي، وَٱسْتُرْ عَوْرَتِي،
وَاغْفِرْ لِي خَطيئَتِي، وَٱخْسَأْ شَيْطَانِي، وَفُكَّ
رِهَانِي، وَٱجْعَلْ لِي يَا إِلَهِي الدَّرَجَةَ الْعُلْيَا
فِي ٱلآخِرَةِ وَٱلأُولَىٰ.
أَللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي فَجَعَلْتَنِي
سَمِيعاً بَصِيراً، وَلَكَ الْحَمْدُ كَمَا خَلَقْتَنِي
فَجَعَلْتَنِي خَلْقاً سَوِيّاً رَحْمَةً بِي، وَقَدْ كُنْتَ
عَنْ خَلْقِي غَنِيّاً، رَبِّ بِمَا بَرَأْتَنِي فَعَدَّلْتَ
فِطْرَتِي، رَبِّ بِما أَنَشَأْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي،
رَبِّ بِمَا أَحْسَنْتَ إِلَيَّ
(بِي)
وَفِي نَفْسِي عَافَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا كَلأْتَنِي
وَوَفَّقْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَنَعْمَتَ عَلَيَّ
فَهَدَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَوْلَيْتَنِي وَمِنْ كُلِّ خَيْرٍ
أَعْطَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَطْعَمْتَنِي وَسَقَيْتَنِي،
رَبِّ بِمَا أَغْنَيْتَنِي وَأَقْنَيْتَنِي، رَبِّ بِمَا
أَعَنْتَنِي وَأَعْزَزْتَنِي، رَبِّ بِمَا أَلْبَسْتَنِي مِنْ
سِتْرِكَ ٱلصَّافِي، وَيَسَّرْتَ لِي مِنْ صُنْعِكَ الْكَافِي،
صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعِنِّي عَلَىٰ
بَوَائِقِ ٱلدُّهُورِ، وَصُرُوفِ ٱللَّيَالِي وَٱلأَيَّامِ،
وَنَجِّنِي مِنْ أَهْوَالِ ٱلدُّنْيَا وَكُرُبَاتِ ٱلآخِرَةِ،
وَٱكْفِنِي شَرَّ مَا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ فِي ٱلأَرْضِ.
أَللّهُمَّ ما أَخَافُ فَٱكْفِنِي، وَمَا أَحْذَرُ فَقِنِي،
وَفِي نَفْسِي وَدِينِي فَٱحْرُسْنِي، وَفِي سَفَرِي
فَٱحْفَظْنِي، وَفِي أَهْلِي وَمَالِي فَٱخْلُفْنِي، وَفِي مَا
رَزَقْتَنِي فَبَارِكْ لِي، وَفِي نَفْسِي فَذَلِّلْنِي، وَفِي
أَعْيُنِ ٱلنَّاسِ فَعَظِّمْنِي، وَمِنْ شَرِّ الْجِنِّ وَٱلإِنْسِ
فَسَلِّمْنِي، وَبِذُنُوبِي فَلاَ تَفْضَحْنِي وَبِسَرِيرَتِي
فَلاَ تُخْزِنِي، وَبِعَمَلِي فَلاَ تَبْتَلِنِي، وَنِعَمَكَ
فَلاَ تَسْلُبْنِي، وَإِلَىٰ غَيْرِكَ فَلاَ تَكِلْنِي،
إِلَهِي إِلَىٰ مَنْ تَكِلُنِي إِلَىٰ قَرِيبٍ فَيَقطَعُنِي،
أَمْ إِلَىٰ بَعِيدٍ فَيَتَجَهَّمُنٍِي، أَمْ إِلَىٰ
الْمُسْتَضْعِفِينَ لِي، وَأَنْتَ رَبِّي وَمَلِيكُ أَمْرِي،
أَشْكُو إِلَيْكَ غُرْبَتِي وَبُعْدَ دَارِي، وَهَوَانِي
عَلَىٰ مَنْ مَلَّكْتَهُ أَمْرِي، إِلَهِي فَلاَ تُحْلِلْ
عَلَيَّ غَضَبَكَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَضِبْتَ عَلَيَّ فَلاَ
أُبَالِي سُبْحَانَكَ غَيْرَ أَنَّ عَافِيَتَكَ أَوْسَعُ لِي،
فَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ بِنُورِ وَجْهِكَ ٱلَّذِي أَشْرَقَتْ
لَهُ ٱلأَرْضُ وَٱلسَّمٰوَاتُ، وَكُشِفَتْ
(وَٱنْكَشَفَتْ)
بِهِ ٱلظُّلُمَاتُ، وَصَلُحَ بِهِ أَمْرُ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ،
أَنْ لاَ تُمِيتَنِي عَلَىٰ غَضَبِكَ، وَلاَ تُنْزِلْ بِي
سَخَطَكَ، لَكَ الْعُتْبَىٰ لَكَ الْعُتْبَىٰ حَتَّىٰ تَرْضَىٰ
قَبْلَ ذَلِكَ، لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ، رَبَّ الْبَلَدِ
الْحَرَامِ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ، وَالْبَيْتِ الْعَتِيقِ
ٱلَّذِي أَحْلَلْتَهُ الْبَرَكَةَ، وَجَعَلْتَهُ لِلنَّاسِ
أَمْنَاً، يَا مَنْ عَفَا عَنْ عَظِيمِ ٱلذُّنُوبِ بِحِلْمِهِ،
يَا مَنْ أَسْبَغَ ٱلنَّعْمَاءَ بِفَضْلِهِ، يَا مَنْ أَعْطَىٰ
الْجَزِيلَ بِكَرَمِهِ، يَا عُدَّتِي فِي شِدَّتِي، يَا
صَاحِبِي فِي وَحْدَتِي، يَا غِيَاثِي فِي كُرْبَتِي، يَا
وَلِيِّ فِي نِعْمَتِي، يَا إِلَهِي وَإِلَـٰهَ آبَائِي
إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، وَرَبَّ
جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ
(وَمِيكَالَ)
وَإِسْرَافِيلَ، وَربَّ مُحَمَّدٍ خَاتَمِ ٱلنَّبِيِّيِنَ
وَآلِهِ الْمُنْتَجَبِينَ، وَمُنْزِلَ
(مُنْزِلَ)
ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ، وَٱلزَّبُورِ وَالْفُرْقَانِ،
وَمُنَزِّلَ كَهَيَعَصَ وَطَهَ وَيَسَ وَالْقُرَآنِ
الْحَكِيمِ، أَنْتَ كَهْفِي حِينَ تُعيِينِي الْمَذَاهِبُ فِي
سَعَتِهَا، وَتَضِيقُ بِيَ ٱلأَرْضُ بِرُحْبِهَا(بِمَا
رَحُبَتْ)،
وَلَوْلاَ رَحْمَتُكَ لَكُنْتُ مِنَ الْهَالِكِينَ، وَأَنْتَ
مُقِيلُ عَثْرَتِي، وَلَوْلاَ سَتْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ
الْمَفْضُوحِينَ، وَأَنْتَ مُؤَيِّدِي بِٱلنَّصْرِ عَلَىٰٰ
أَعْدَائِي وَلَوْلاَ نَصْرُكَ إِيَّايَ لَكُنْتُ مِنَ
الْمَغْلُوبِينَ، يَا مَنْ خَصَّ نَفْسَهُ بِٱلسُّمُوِّ وَٱلرِّفْعَةِ،
فَأَوْلِيَاؤُهُ بِعِزِّهِ يَعْتَزُّونَ، يَا مَنْ جَعَلَتْ
لَهُ الْمُلُوكُ نِيرَ الْمَذَلَّةِ عَلَىٰٰٰ أَعْنَاقِهِمْ،
فَهُمْ مِنْ سَطَوَاتِهِ خَائِفُونَ، يَعْلَمُ خَائِنَةَ
ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ، وَغَيْبَ مَا تَأْتِي
بِهِ ٱلأَزْمِنَةُ وَٱلدُّهُورُ، يَا مَنْ لاَ يَعْلَمُ كَيْفَ
هُوَ إِلاَّ هُوَ، يَا مَنْ لاَ يَعْلَمُ مَا هُوَ إِلاَّ
هُوَ، يَا مَنْ لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ هُوَ، يَا مَنْ كَبَسَ
ٱلأَرْضَ عَلَىٰٰ الْمَاءِ، وَسَدَّ الْهَوَاءَ بِٱلسَّمَاءِ،
يَا مَنْ لَهُ أَكْرَمُ ٱلأَسْمَاءِ، يَا ذَا الْمَعْرُوفِ
ٱلَّذِي لاَ يَنْقَطِعُ أَبَداً، يَا مُقَيِّضَ ٱلرَّكْبِ
لِيُوسُفَ فِي الْبَلَدِ الْقَفْرِ، وَمُخْرِجَهُ مِنَ
الْجُبِّ وَجَاعِلَهُ بَعْدَ الْعُبُودِيَّةِ مَلِكاً، يَا
رَادَّهُ عَلَىٰٰ يَعْقُوبَ بَعْدَ أَنِ ٱبْيَضَّتْ عَيْنَاهُ
مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ، يَا كَاشِفَ ٱلضُّرِّ
وَالْبَلْوَىٰ عَنْ أَيُّوبَ، وَمُمْسِكَ
(يَا مُمْسِكَ)
يَدَيْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ ذَبْحِ ٱبْنِهِ بَعْدَ كِبَرِ
سِنِّهِ، وَفَنَاءِ عُمُرِهِ، يَا مَنِ ٱسْتَجَابَ
لِزَكَرِيِّا فَوَهَبَ لَهُ يَحْيَىٰ، وَلَمْ يَدَعْهُ فَرْداً
وَحِيداً، يَا مَنْ أَخْرَجَ يُونُسَ مِنْ بَطْنِ الْحُوتِ،
يَا مَنْ فَلَقَ الْبَحْرَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَنْجَاهُمْ،
وَجَعَلَ فِرْعَوْنَ وَجُنُودَهُ مِنَ الْمُغْرَقِينَ، يَا
مَنْ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ بَيْنَ يَدَيْ
رَحْمَتِهِ، يَا مَنْ لَمْ يَعْجَلْ عَلَىٰٰ مَنْ عَصَاهُ مِنْ
خَلْقِهِ، يَا مَنِ ٱسْتَنْقَذَ ٱلسَّحَرَةَ مِنْ بَعْدِ طُولِ
الْجُحُودِ، وَقَدْ غَدَوْا فِي نِعْمَتِهِ يَأْكُلُونَ
رِزْقَهُ وَيَعْبُدُونَ غَيْرَهُ، وَقَدْ حَادُّوهُ
وَنَادُّوهُ وَكَذَّبُوا رُسُلَهُ، يَا
اَللهُ
يَا
اَللهُ،
يَا بَدِيءُ يَا بَدِيعُ لاَ نِدَّ لَكَ
(يَا بَدِيعاً لاَ بَدْءِ لَكَ)،
يَا دَائِماً لاَ نَفَادَ لَكَ، يَا حَيّاً حِينَ لاَ حَيَّ،
يَا مُحْيِيَ الْمَوْتَىٰ، يَا مَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰٰ
كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ، يَا مَنْ قَلَّ لَهُ شُكْرِي
فَلَمْ يَحْرِمْنِي، وَعَظُمَتْ خَطِيئَتِي فَلَمْ
يَفْضَحْنِي، وَرَآنِي عَلَىٰٰ الْمَعَاصِي فَلَمْ
يَشْهَرْنِِي
(يَخْذُلَنِي)،
يَا مَنْ حَفِظَنِي فِي صِغَرِي، يَا مَنْ رَزَقَنِي فِي
كِبَرِي، يَا مَنْ أَيَادِيهِ عِنْدِي لاَ تُحْصَىٰ،
وَنِعَمُهُ لاَ تُجَازَىٰ، يَا مَنْ عَارَضَنِي بِالْخَيْرِ
وٱلإِحْسَانِ، وَعَارَضْتُهُ بِٱلإِسَاءَةِ وَالْعِصْيَانِ،
يَا مَنْ هَدَانِي لِلإِيمَانِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَعْرِفَ
شُكْرَ ٱلإِمْتِنَانِ، يَا مَنْ دَعَوْتُهُ مَرِيضاً
فَشَفَانِي، وَعُرْيَاناً فَكَسَانِي، وَجَائِعاً
فَأَشْبَعَنِي، وَعَطْشَانَ فَأَرْوَانِي، وَذَلِيلاً
فَأَعَزَّنِي، وَجَاهِلاً فَعَرَّفَنِي، وَوَحِيداً
فَكَثَّرَنِي، وَغَائِباً فَرَدَّنِي، وَمُقِلاًّ
فَأَغْنَانِي، وَمُنْتَصِراً فَنَصَرَنِي، وَغَنِيّاً فَلَمْ
يَسْلُبْنِي، وَأَمْسَكْتُ عَنْ جَمِيعِ ذَلِكَ فَٱبْتَدَأَنِي،
فَلَكَ الْحَمْدُ وَٱلشُّكْرُ، يَا مَنْ أَقَالَ عَثْرَتِي،
وَنَفَّسَ كُرْبَتِي، وَأَجَابَ دَعْوَتِي، وَسَتَرَ
عَوْرَتِي، وَغَفَرَ ذُنُوبِي، وَبَلَّغَنِي طَلِبَتِي،
وَنَصَرَنِي عَلَىٰٰ عَدُوِّي، وَإِنْ أَعُدَّ نِعَمَكَ
وَمِنَنَكَ وَكَرَائِمَ مِنَحِكَ لاَ أُحْصِيهَا، يَا
مَوْلاَيَ أَنْتَ ٱلَّذِي مَنَنْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي
أَنْعَمْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي أَحْسَنْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي
أَجْمَلْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي أَفْضَلْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي
أَكْمَلْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي رَزَقْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي
وَفَّقْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي أَعْطَيْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي
أَغْنَيْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي أَقْنَيْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي
آوَيْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي كَفَيْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي هَدَيْتَ،
أَنْتَ ٱلَّذِي عَصَمْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي سَتَرْتَ، أَنْتَ
ٱلَّذِي غَفَرْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي أَقَلْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي
مَكَّنْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي أَعْزَزْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي
أَعَنْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي عَضَدْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي أَيَّدْتَ،
أَنْتَ ٱلَّذِي نَصَرْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي شَفَيْتَ، أَنْتَ
ٱلَّذِي عَافَيْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي أَكْرَمْتَ، أَنْتَ ٱلَّذِي
تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ دَائِماً، وَلَكَ
ٱلشُّكْرُ وَاصِباً أَبَداً، ثُمَّ أَنَا يَا إِلَهِي
الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِي فَٱغْفِرْهَا لِي، أَنَا ٱلَّذِي
أَسَأْتُ، أَنَا ٱلَّذِي أَخْطَأْتُ، أَنَا ٱلَّذِي هَمَمْتُ،
أَنَا ٱلَّذِي جَهِلْتُ، أَنَا ٱلَّذِي غَفَلْتُ، أَنَا
ٱلَّذِي سَهَوْتُ، أَنَا ٱلَّذِي ٱعْتَمَدْتُ، أَنَا ٱلَّذِي
تَعَمَّدْتُ، أَنَا ٱلَّذِي وَعَدْتُ، وَأَنَا ٱلَّذِي
أَخْلَفْتُ، أَنَا ٱلَّذِي نَكَثْتُ، أَنَا ٱلَّذِي
أَقْرَرْتُ، أَنَا ٱلَّذِي ٱعْتَرَفْتُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ
وَعِنْدِي، وَأَبُوءُ بِذُنُوبِي فَٱغْفِرْهَا لِي، يَا مَنْ
لاَ تَضُرُّهُ ذُنُوبُ عِبَادِهِ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْ
طَاعَتِهِمْ، وَالْمُوَفِّقُ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْهُمْ
بِمَعُونَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، فَلَكَ الْحَمْدُ إِلَهِي
وَسيِّدِي.
إِلَهِي أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُكَ، وَنَهَيْتَنِي فَٱرْتَكَبْتُ
نَهْيَكَ، فَأَصْبَحْتُ لاَ ذَا بَرَاءَةٍ لِي فَأَعْتَذِرُ،
وَلاَ ذَا قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ، فَبِأَيِّ شَيْءٍ
أَسْتَقْبِلُكَ
(أَسْتَقِيلُكَ)
يَا مَوْلاَيَ، أَبِسَمْعِي أَمْ بِبَصَرِي، أَمْ بِلِسَانِي،
أَمْ بِيَدِي، أَمْ بِرِجْلِي، أَلَيْسَ كُلُّهَا نِعَمَكَ
عِندِي، وَبِكُلِّهَا عَصَيْتُكَ يَا مَوْلاَيَ، فَلَكَ
الْحُجَّةُ وَٱلسَّبِيلُ عَلَيَّ، يَا مَنْ سَتَرَنِي مِنَ
ٱلآبَاءِ وَٱلأُمَّهَاتِ أَنْ يَزجُرُونِي، وَمِنَ
الْعَشَائِرِ وَٱلإِخْوَانِ أَنْ يُعَيِّرُونِي، وَمِنَ
ٱلسَّلاَطِينِ أَنْ يُعَاقِبُونِي، وَلَوِ ٱطَّلَعُوا يَا
مَوْلاَيَ عَلَىٰٰٰ مَا ٱطَّلَعْتَ عَلَيْهِ مِنِّي إِذاً مَا
أَنْظَرُونِي، وَلَرَفَضُونِي وَقَطَعُونِي، فَهَا أَنَا ذَا
يَا إِلَهِي بَيْنَ يَدَيْكَ يَا سَيِّدِي خَاضِعٌ ذَلِيلٌ
حَصِيرٌ حَقِيرٌ، لاَ ذُو بَرَاءَةٍ فَأَعْتَذِرُ، وَلاَ ذُو
قُوَّةٍ فَأَنْتَصِرُ، وَلاَ حُجَّةَ فَأَحْتَجُّ بِهَا، وَلاَ
قَائِلٌ لَمْ أَجْتَرِحْ وَلَمْ أَعْمَلْ سُوءاً، وَمَا عَسَىٰ
الْجُحُودُ وَلَوْ جَحَدْتُ يَا مَوْلاَيَ يَنْفَعُنِي، كَيْفَ
وَأَنَّىٰ ذَلِكَ وَجَوَارِحِي كُلُّهَا شَاهِدَةٌ عَلَيَّ
بِمَا قَدْ عَمِلْتُ، وَعَلِمْتُ يَقِيناً غَيْرَ ذِي شَكٍّ
أَنَّكَ سَائِلِي مِنْ عَظَائِمِ ٱلأُمُورِ، وَأَنَّكَ
الْحَكَمُ
(الْحَكِيمُ)
الْعَدْلُ ٱلَّذِي لاَ تَجُورُ، وَعَدْلُكَ مُهْلِكِي، وَمِنْ
كُلِّ عَدْلِكَ مَهْرَبِي، فَإِنْ تُعَذِّبْنِي يَا إِلَهِي
فَبِذُنُوبِي بَعْدَ حُجَّتِكَ عَلَيَّ، وَإِنْ تَعْفُ عَنِّي
فَبِحِلْمِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ، لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ
أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ، لاَ
إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الْمُسْتَغْفِرِينَ، لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ
إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ
أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْخَائِفِينَ، لاَ
إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الْوَجِلِينَ، لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي
كُنْتُ مِنَ ٱلرَّاجِينَ، لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ
سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ ٱلرَّاغِبِينَ، لاَ إِلَـٰهَ
إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الْمُهَلِّلِينَ، لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ
إِنِّي كُنْتُ مِنَ ٱلسَّائِلِينَ، لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ
سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لاَ إِلَـٰهَ
إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ
الْمُكَبِّرِينَ، لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ
رَبٍّي وَرَبُّ آبَائِيَ ٱلأَوَّلِينَ.
أَللّهُمَّ هٰذَا ثَنَائِي عَلَيْكَ مُمَجِّداً، وَإِخْلاَصِي
بِذِكْرِكَ مُوَحِّداً، وَإِقْرَارَي بِآلاَئِكَ مُعَدِّداً،
وَإِنْ كُنْتُ مُقِرّاً أَنّي لَمْ أُحْصِهَا لِكَثْرَتِهَا
وَسُبُوغِهَا، وَتَظَاهُرِهَا وَتَقَادُمِهَا إِلَىٰ حَادِثٍ
مَا لَمْ تَزَلْ تَتَعَهَّدُنِي
(تَتَغَمَّدُنِي)
بِهِ مَعَهَا مُنْذُ خَلَقْتَنِي وَبَرَأْتَنِي مِنْ أَوَّلِ
الْعُمْرِ، مِنَ ٱلإِغْنَاءِ مِنَ
(بَعْدَ)
الْفَقْرِ، وَكَشْفِ ٱلضُّرِّ، وَتَسْبِيبِ الْيُسْرِ،
وَدَفْعِ الْعُسْرِ، وَتَفرِيجِ الْكَرْبِ، وَالْعَافِيَةِ فِي
الْبَدَنِ، وَٱلسَّلاَمَةِ فِي ٱلدِّينِ، وَلَوْ رَفَدَنِي
عَلَىٰٰ قَدْرِ ذِكْرِ نِعْمَتِكَ جَمِيعُ الْعَالَمِينَ مِنَ
ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ، مَا قَدَرْتُ وَلاَ هُمْ عَلَىٰٰ
ذَلِكَ، تَقَدَّسْتَ وَتَعَالَيْتَ مِنْ رَبٍّ كَرِيمٍ عَظِيمٍ
رَحِيمٍ، لاَ تُحْصَىٰ آلاَؤُكَ، وَلاَ يُبْلَغُ ثَنَاؤُكَ،
وَلاَ تُكَافَىٰ نَعْمَاؤُكَ، صَلِّ عَلَىٰٰٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ
مُحَمَّدٍ، وَأَتْمِمْ عَلَيْنَا نِعَمَكَ، وَأَسْعِدْنَا
بِطَاعَتِكَ، سُبْحَانَكَ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنْتَ.
أَللَّهُمَّ إِنَّكَ تُجِيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ
ٱلسُّوءَ، وَتُغِيثُ الْمَكْرُوبَ، وَتَشْفِي ٱلسَّقِيمَ،
وَتُغْنِي الْفَقِيرَ، وَتَجْبُرُ الْكَسِيرَ، وَتَرْحَمُ
ٱلصَّغِيرَ، وَتُعِينُ الْكَبِيرَ، وَلَيْسَ دُونَكَ ظَهِيرٌ،
وَلاَ فَوْقَكَ قَدِيرٌ، وَأَنْتَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ، يَا
مُطْلِقَ الْمُكَبِّلِ ٱلأَسِيرِ، يَا رَازِقَ ٱلطِّفْلِ
ٱلصَّغِيرِ، يَا عِصْمَةَ الْخَائِفِ الْمُسْتَجِيرِ، يَا مَنْ
لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلاَ وَزِيرَ، صَلِّ عَلَىٰٰ مُحَمَّدٍ
وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأَعْطِنِي فِي هٰذِهِ الْعَشِيَّةِ،
أَفْضَلَ مَا أَعْطَيْتَ وَأَنَلْتَ أَحَداً مِنْ عِبَادِكَ
مِنْ نِعْمَةٍ تُولِيهَا، وَآلاَءٍ تُجَدِّدُهَا، وَبَلِيَّةٍ
تَصْرِفُهَا، وَكُرْبَةٍ تَكْشِفُهَا، وَدَعْوَةٍ تَسْمَعُهَا،
وَحَسَنَةٍ تَتَقَبَّلُهَا، وَسَيِّئَةٍ تَتَغَمَّدُهَا،
إِنَّكَ لَطِيفٌ بِمَا تَشَاءُ خَبِيرٌ، وَعَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ.
أَللَّهُمَّ إِنَّكَ أَقْرَبُ مَنْ دُعِيَ، وَأَسْرَعُ مَنْ
أَجَابَ، وَأَكْرَمُ مَنْ عَفَا، وَأَوْسَعُ مَنْ أَعْطَىٰ،
وَأَسْمَعُ مَنْ سُئِلَ، يَا رَحْمٰنَ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ
وَرَحِيمًهُمَا، لَيْسَ كَمِثْلِكَ مَسْؤُولٌ، وَلاَ سِوَاكَ
مَأْمُولٌ، دَعَوْتُكَ فَأَجَبْتَنِي، وَسَأَلْتُكَ
فَأَعْطَيْتَنِي، وَرَغِبْتُ إِلَيْكَ فَرَحِمْتَنِي،
وَوَثِقْتُ بِكَ فَنَجَّيْتَنِي، وَفَزِعْتُ إِلَيْكَ
فَكَفَيْتَنِي.
أَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَىٰٰ مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ
وَنَبِيِّكَ، وَعَلَىٰ آلِهِ ٱلطَّيِّبِينَ ٱلطَّاهِرِينَ
أَجْمَعِينَ، وَتَمِّمْ لَنَا نَعْمَاءَكَ، وَهَنِّئْنَا
عَطَاءَكَ، وَٱكْتُبْنَا لَكَ شَاكِرِينَ، وَلآلاَئِكَ
ذَاكِرِينَ، آمِينَ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
أَللّهُمَّ يا مَنْ مَلَكَ فَقَدَرَ، وَقَدَرَ فَقَهَرَ،
وَعُصِيَ فَسَتَرَ، وَٱسْتُغْفِرَ فَغَفَرَ، يَا غَايَةَ
ٱلطَّالِبِينَ ٱلرَّاغِبِينَ، وَمُنْتَهَىٰ أَمَلِ
ٱلرَّاجِينَ، يَا مَنْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً،
وَوَسِعَ الْمُسْتَقِيلِينَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَحِلْماً.
أَللّهُمَّ إِنَّا نَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ فِي هٰذِهِ
الْعَشِيَّةِ ٱلَّتِى شَرَّفْتَهَا وَعَظَّمْتَهَا بِمُحَمَّدٍ
نَبِيِّكَ وَرَسُولِكَ، وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ،
وَأَمِينِكَ عَلَىٰ وَحْيِكَ، الْبَشِيرِ ٱلنَّذِيرِ،
ٱلسِّرَاجِ الْمُنِيرِ، ٱلَّذِي أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَىٰ
الْمُسْلِمِينَ، وَجَعَلْتَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.
أَللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَىٰٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا
مُحَمَّدٌ أَهْلٌ لِذٰلِكَ مِنْكَ يَا عَظِيمُ فَصَلِّ
عَلَيْهِ وَعَلَىٰٰ آلِهِ الْمُنْتَجَبِينَ ٱلطَّيِّبِينَ
ٱلطَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ، وَتَغَمَّدْنَا بِعَفْوِكَ عَنَّا،
فَإِلَيْكَ عَجَّتِ ٱلأَصْوَاتُ بِصُنُوفِ ٱللُّغَاتِ،
فَٱجْعَلْ لَنَا أَللّهُمَّ فِي هٰذِهِ الْعَشِيَّةِ نَصِيباً
مِنْ كُلِّ خَيْرٍ تَقْسِمُهُ بَيْنَ عِبَادِكَ، وَنُوراً
تَهْدِي بِهِ، وَرَحْمَةً تَنْشُرُهَا، وَبَرَكَةً
تُنْزِلُهَا، وَعَافِيَةً تُجَلِّلُهَا، وَرِزْقاً تَبْسُطُهُ،
يَا أَرْحَمَ ٱلرَّاحِمِينَ.
أَللَّهُمَّ ٱقْلِبْنَا فِي هٰذَا الْوَقْتِ مُنْجِحِينَ
مُفْلِحِينَ مَبْرُورِينَ غَانِمِينَ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مِنَ
الْقَانِطِينَ، وَلاَ تُخْلِنَا مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلاَ
تَحْرِمْنَا مَا نُؤَمِّلُهُ مِنْ فَضْلِكَ، وَلاَ تَجْعَلْنَا
مِنْ رَحْمَتِكَ مَحْرُومِينَ، وَلاَ لِفَضْلِ مَا نُؤَمِّلُهُ
مِنْ عَطَائِكَ قَانِطِينَ، وَلاَ تَرُدَّنَا خَائِبِينَ وَلاَ
مِنْ بَابِكَ مَطْرُودِينَ، يَا أَجْوَدَ ٱلأَجْوَدِينَ
وَأَكْرَمَ ٱلأَكْرَمِينَ، إِلَيْكَ أَقْبَلْنَا مُوقِنِينَ،
وَلِبَيْتِكَ الْحَرَامِ آمِّينَ قَاصِدِينَ، فَأَعِنَّا
عَلَىٰٰ مَنَاسِكِنَا، وَأَكْمِلْ لَنَا حَجَّنَا، وَٱعْفُ
عَنَّا وَعَافِنَا، فَقَدْ مَدَدْنَا إِلَيْكَ أَيْديَنَا
فَهِيَ بِذِلَّةِ ٱلإِعْتِرَافِ مَوْسُومَةٌ.
أَللَّهُمَّ فَأَعْطِنَا فِي هٰذِهِ الْعَشِيَّةِ مَا
سَأَلْنَاكَ، وَٱكْفِنَا مَا ٱسْتَكْفَيْنَاكَ، فَلاَ كَافِيَ
لَنَا سِوَاكَ، وَلاَ رَبَّ لَنَا غَيْرُكَ، نَافِذٌ فِينَا
حُكْمُكَ، مُحِيطٌ بِنَا عِلْمُكَ، عَدْلٌ فِينَا قَضَاؤُكَ،
إِقْضِ لَنَا الْخَيْرَ، وَٱجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ.
أَللَّهُمَّ أَوْجِبْ لَنَا بِجُودِكَ عَظِيمَ ٱلأَجْرِ،
وَكَرِيمَ ٱلذُّخْرِ، وَدَوَامَ الْيُسْرِ، وَٱغْفِرْ لَنَا
ذُنُوبَنَا أَجْمَعِينَ، وَلاَ تُهْلِكْنَا مَعَ
الْهَالِكِينَ، وَلاَ تَصْرِفْ عَنَّا رَأْفَتَكَ
وَرَحْمَتَكَ، يَا أَرْحَمَ ٱلرَّاحِمِينَ.
أَللّهُمَّ ٱجْعَلْنَا فِي هٰذَا الْوَقْتِ مِمَّنْ سَأَلَكَ
فَأَعْطَيْتَهُ، وَشَكَرَكَ فَزِدْتَهُ، وَثَابَ
(وَتَابَ)
إِلَيْكَ فَقَبِلْتَهُ وَتَنَصَّلَ إِلَيْكَ مِنْ ذُنُوبِهِ
كُلِّهَا فَغَفَرْتَهَا لَهُ يَا ذَا الْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ.
أَللّهُمَّ وَنَقِّنَا وَسَدِّدْنَا وٱقْبَلْ تَضَرُّعَنَا
(أَللّهُمَّ وَفِّقْنَا وَسَدِّدْنَا وَٱعْصِمْنَا)،
يَا خَيْرَ مَنْ سُئِلَ، وَيَا أَرْحَمَ مَنِ ٱسْتُرْحِمَ، يَا
مَنْ لاَ يَخْفِىٰ عَلَيْهِ إِغْمَاضُ الْجُفُونِ، وَلاَ
لَحْظُ الْعُيُونِ، وَلاَ مَا ٱسْتَقَرَّ فِي الْمَكْنُونِ،
وَلاَ مَا ٱنْطَوَتْ عَلَيْهِ مُضْمَرَاتُ الْقُلُوبِ، أَلاَ
كُلُّ ذَلِكَ قَدْ أَحْصَاهُ عِلْمُكَ، وَوَسِعَهُ حِلْمُكَ،
سُبْحَانَكَ وَتَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ ٱلظَّالِمُونَ
عُلُوّاً كَبِيراً، تُسَبِّحُ لَكَ ٱلسَّمٰوَاتُ ٱلسَّبْعُ، وَٱلأَرَضُونَ
وَمَنْ فِيهِنَّ
﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ
بِحَمْدَهِ﴾
فَلَكَ الْحَمْدُ وَالْمَجْدُ، وَعُلُوُّ الْجَدِّ، يَا ذَا
الْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ، وَالْفَضْلِ وَٱلإِنْعَامِ، وَٱلأَيَادِي
الْجِسَامِ، وَأَنْتَ الْجَوَادُ الْكَرِيمُ ٱلرَّؤُوفُ
ٱلرَّحِيمُ.
أَللَّهُمَّ أَوْسِعْ عَلَيَّ مِنْ رِزْقِكَ الْحَلاَلِ،
وَعَافِنِي فِي بَدَنِي وَدِينِي وَآمِنْ خَوْفِي وَٱعْتِقْ
رَقَبَتِي مِنَ ٱلنَّارِ، أَللّهُمَّ لاَ تَمْكُرْ بِي وَلاَ
تَسْتَدْرِجْنِي وَلاَ تَخْدَعْنِي وَٱدْرَأْ عَنِّي شَرَّ
فَسَقَةِ الْجِنِّ وَٱلإِنْسِ.
ثمّ رفع رأسه وبصره إِلَىٰ السّماء وعيناه ماطرتان كأنّهما
مزادتان وقال بصوت عال:
يَا أَسْمَعَ ٱلسَّامِعِينَ، يَا أَبْصَرَ ٱلنَّاظِرِينَ،
وَيَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِينَ، وَيَا أَرْحَمَ ٱلرَّاحِمِينَ،
صَلِّ عَلَىٰٰ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ٱلسَّادَةِ
الْمَيَامِينَ، وَأَسْأَلُكَ أَللَّهُمَّ حَاجَتِي ٱلَّتِي
إِنْ أَعْطَيْتَنِيهَا لَمْ يَضُرَّنِي مَا مَنَعْتَنِي،
وَإِنْ مَنَعْتَنِيهَا لَمْ يَنْفَعْنِي مَا أَعْطَيْتَنِي،
أَسْأَلُكَ فَكَاكَ رَقَبَتِي مِنَ ٱلنَّارِ، لاَ إِلَـٰهَ
إِلاَّ أَنْتَ، وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، لَكَ الْمُلْكُ
وَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنْتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يَا
رَبِّ يَا رَبِّ.
وكان يكرّر قوله يا رَبُّ وشغل من حضر ممّن كان حوله عن
الدّعاء لأنفسهم وأقبلوا على الإستماع له والتّأمين على دعائه،
ثمّ علت أصواتهم بالبكاء معه وغربت الشّمس وأفاض النّاس معه.
أقول: إِلَىٰ هنا تمّ دعاء الحسين عليه السلام فِي يوم عرفة
على ما أورده الكفعمي فِي كتاب البلد الأمين وقد تبعه المجلسي
فِي كتاب زاد المعاد ولكن زاد السّيد ابن طاووس رحمه
الله
فِي الإقبال بعد يا رَبِّ يا رَبِّ يا رَبِّ هذه الزّيادة:
|