إِلَهِي أَذْهَلَنِي عَنْ إِقَامَةِ شُكْرِكَ تَتَابُعُ طَوْلِكَ،
وَأَعْجَزَنِي عَنْ إِحْصَاءِ ثَنَائِكَ فَيْضُ فَضْلِكَ،
وَشَغَلَنِي عَنْ ذِكْرِ مَحَامِدِكَ تَرَادُفُ عَوَائِدِكَ،
وَأَعْيَانِي عَنْ نَشْرِ عَوَارِفِكَ تَوَالِي أَيَادِيكَ،
وَهَذَا مَقَامُ مَنِ اعْتَرَفَ بِسُبُوغِ النَّعْمَاءِ
وَقَابَلَهَا بِٱلتَّقْصِيرِ، وَشَهِدَ عَلَىٰ نَفْسِهِ بِٱلإِهْمَالِ
وَٱلتَّضْيِيعِ، وَأَنْتَ الرَّؤُوفُ الرَّحِيمُ، الْبَّرُ
الْكَرِيمُ، الَّذِي لاَ يُخَيِّبُ قَاصِدِيهِ وَلاَ يَطْرُدُ عَنْ
فِنَائِهِ آمِلِيهِ، بِسَاحَتِكَ تَحُطُّ رِحَالُ الرَّاجِينَ،
وَبِعَرْصَتِكَ تَقِفُ آمَالُ الْمُسْتَرْفِدِينَ، فَلاَ تُقَابِلْ
آمَالَنَا بِٱلتَّخْيِيبِ وَٱلإِيَاسِ، وَلاَ تُلْبِسْنَا
سِرْبَالَ الْقُنُوطِ وَٱلإِبْلاَسِ، إِلَهِي تَصَاغَرَ عِنْدَ
تَعَاظُمِ آلاَئِكَ شُكْرِي وَتَضَاءَلَ فِي جَنْبِ إِكْرَامِكَ
إِيَّايَ ثَنَائِي وَنَشْرِي، جَلَّلَتْنِي نِعَمُكَ مِنْ
أَنْوَارِ الإِيمَانِ حُلَلاً، وَضَرَبَتْ عَلَيَّ لَطَائِفُ
بِرِّكَ مِنَ الْعِزِّ كِلَلاً، وَقَلَّدَتْنِي مِنَنُكَ قَلاَئِدَ
لاَ تُحَلُّ، وَطَوَّقَتْنِي أَطْوَاقاً لاَ تُفَلُّ، فَآلاَؤُكَ
جَمَّةٌ ضَعُفَ لِسَانِي عَنْ إِحْصَائِهَا، وَنَعْمَاؤُكَ
كَثِيرَةٌ قَصُرَ فَهْمِي عَنْ إِدْرَاكِهَا فَضْلاً عَنِ
اسْتِقْصَائِها، فَكَيْفَ لِي بِتَحْصِيلِ الشُّكْرِ وَشُكْرِي
إِيَّاكَ يَفْتَقِرُ إِلَىٰ شُكْر، فَكُلَّمَا قُلْتُ لَكَ
الْحَمْدُ وَجَبَ لِذَلِكَ أَنْ أَقُولَ لَكَ الْحَمْدُ، إِلَهِي
فَكَمَا غَذَّيْتَنَا بِلُطْفِكَ وَرَبَّيْتَنَا بِصُنْعِكَ
فَتَمِّمْ عَلَيْنَا سَوَابِغَ النِّعَمِ وَٱدْفَعْ عَنَّا
مَكَارِهَ النِّقَمِ، وَآتِنَا مِنْ حُظُوظِ الدَّارَيْنِ
أَرْفَعَهَا وَأَجَلَّهَا عَاجِلاً وَآجِلاً، وَلَكَ الْحَمْدُ
عَلَىٰ حُسْنِ بَلاَئِكَ وَسُبُوغِ نَعْمَائِكَ حَمْداً يُوَافِقُ
رِضَاكَ، وَيَمْتَرِيَ الْعَظِيمَ مِنْ بِرِّكَ وَنَدَاكَ، يَا
عَظِيمُ يَا كَرِيمُ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ . |