إِلَهِي لَوْلاَ الْوَاجِبُ مِنْ قَبُولِ أَمْرِكَ لَنَزَّهْتُكَ
مِنْ ذِكْرِي إِيَّاكَ عَلَىٰ أَنَّ ذِكْرِي لَكَ بِقَدْرِي لاَ
بِقَدْرِكَ، وَمَا عَسَىٰ أَنْ يَبْلُغَ مِقْدَارِي حَتَّىٰ
أُجْعَلَ مَحَلاًّ لِتَقْدِيسِكَ، وَمِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ
عَلَيْنَا جَرَيَانُ ذِكْرِكَ عَلَىٰ أَلْسِنَتِنَا، وَإِذْنُكَ
لَنَا بِدُعَائِكَ وَتَنْزِيهِكَ وَتَسْبِيحِكَ، إِلَهِي
فَأَلْهِمْنَا ذِكْرَكَ فِي الْخَلاَءِ وَالْمَلاَءِ وَٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ،
وَٱلإِعْلاَنِ وَٱلإِسْرَارِ، وَفِي السَّرَّاءِ وَٱلضَّرَّاءِ،
وَآنِسْنَا بِٱلذِّكْرِ الْخَفِيِّ، وَٱسْتَعْمِلْنَا بِالْعَمَلِ
الزَّكِيِّ، وَٱلسَّعْيِ الْمَرْضِيِّ، وَجَازِنَا بِٱلْمِيزَانِ
الْوَفِيِّ، إِلَهِي بِكَ هَامَتِ الْقُلُوبُ الْوَالِهَةُ،
وَعَلَىٰ مَعْرِفَتِكَ جُمِعَتِ الْعُقُولُ الْمُتَبَايِنَةُ،
فَلاَ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ إِلاَّ بِذِكْرَاكَ، وَلاَ تَسْكُنُ
النُّفُوسُ إِلاَّ عِنْدَ رُؤْيَاكَ، أَنْتَ الْمُسَبَّحُ فِي
كُلِّ مَكَانٍ، وَالْمَعْبُودُ فِي كُلِّ زَمَانٍ، وَالْمَوْجُودُ
فِي كُلِّ أَوَانٍ، وَالْمَدْعُوُّ بِكُلِّ لِسَانٍ،
وَالْمُعَظَّمُ فِي كُلِّ جَنَانٍ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِنْ كُلِّ
لَذَّة بِغَيْرِ ذِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ رَاحَة بِغَيْرِ أُنْسِكَ،
وَمِنْ كُلِّ سُرُورٍ بِغَيْرِ قُرْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ شُغْلٍ
بِغَيْرِ طَاعَتِكَ، إِلَهِي أَنْتَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ
بُكْرَةً وَأَصِيلاً
﴾
"الأحزاب -41،42"،
وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ
﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ ﴾
"البقرة -152"،
فَأَمَرْتَنَا بِذِكْرِكَ، وَوَعَدْتَنَا عَلَيْهِ أَنْ
تَذْكُرَنَا تَشْرِيفاً لَنَا وَتَفْخِيماً وَإِعْظَاماً، وَهَا
نَحْنُ ذَاكِرُوكَ كَمَا أَمَرْتَنَا، فَأَنْجِزْ لَنَا مَا
وَعَدْتَنَا، يَا ذَاكِرَ الذَّاكِرِينَ وَيَا أَرْحَمَ
الرَّحِمِينَ . |